-إلى عميد الأسرى كريم يونس- نُوَزِّعُ سُكَّرَنَا في الطريق

26.09.2020 02:32 PM

شِعر: المتوكل طه

***
يطيُر الكلامُ؛
رَجَعْنا من الموتِ!
كانوا يُريدُونَنا أنْ نَخِيطَ لِناووسِنا
كَفَناً من عذابْ،
وأنْ نحفِرَ التَّلَّ مقبرةً للسَّحابْ،
وأن ننحني للمقاصلِ حتى نغيبَ
وراءَ الغيابْ.
ومهما يُحاوِلُ موتَكَ ، هذا الغريبُ ،
ستبقى فضاءَ الفراشاتِ،
مِن أولِ الغُصنِ
في وَشْوَشَاتِ الجذورِ،
إلى زهرةِ النارِ في أغنياتِ التُّرابْ..
فاقْرَعي يا طبولُ لكي تَكْسِري المَوْجةَ المالحةْ!
وارقُصي.. إنّني آخرُ الساعةِ الذابحةْ.
***
عزيزي كريم!
أراكَ شقيقةَ جَمْرٍ تُطاوِلُ زَيْتُونَها في السهولْ.
وحمحَمَةَ البَرْقِ لاهثةً
في الخيولْ.
وألفَ جَناحٍ لسِرْبٍ يدفُّ
لتبقى متاريسُنا والطبولْ،
تُغَنّي لمَن شقَّ نافذةَ الشمسِ
فوقَ الحقولْ..
وتبقى مناديلُنا سابحةْ.
***
من امرأةٍ في الجليلِ إلى روحِها
خلفَ أسْوارِهِ القاهِرَةْ؛
عزيزي كريم!
أنا والبناتُ نُوَزِّعُ سُكَّرَنَا
في الطريقِ،
وقد تَلْمحُ الغازَ والعارَ والجُثَثَ الناغرةْ،
والدوائرَ من فُوَّهاتِ الغُزَاةِ،
على كلِ شيءٍ،
بِحَمْأتِها.. دائِرةْ،
والذي فَغَروا رأسَهُ،
والجروحَ على كُلِّ جِذْعٍ
وبيتٍ ومدرسةٍ.. غائِرةْ،
ولكنّها.. الثورةُ الثائرةْ!
والأناشيدُ وهي تُدَوِّمُ في وَجْهِ مَنْ قَتَلوا.. هادِرَةْ!
فإن غيبَّوكَ، فَلاَؤُكَ حَاضرةٌ حاضرةْ،
وصورةُ بَلدَتِنا في الدُّروبِ سَتُورِقُ
بالرَّايةِ الناَصِرةْ،
وإنّي أقُومُ لأِحْلُمَ بالكرْنَفالِ الكبيرِ
وباللحْظةِ الساحِرةْ،
عزيزي كريم!
الطبولُ وراءَ شبابيكِنا.. جامِحةْ!
فارقصوا..
إنَّنا أوَّلُ اللحظةِ النافحةْ.
***
ها هيَ الناسُ، مُنْذُ ثمانينَ، تُكمِلُ زينتَها للعَروسْ،
والمهْدُ يَكْبُرُ للصِّبْيَةِ القادمينَ،
ولبْلابةُ الدارِ تَصْعَدُ حتى ترى مَوكِبَ العائدينَ،
ومنذُ عقودٍ؛ وأمُّكَ تَعْجنُ حِنَّاءَها،
والغَزَالةُ، في نَبْعةِ العَيْن، تشحذُ خَلْخالَها،
والزنابقُ تكبرُ حتى تُعانِقَ أثوابَها،
كي يرى، حينَ يَرْجِعُ، أحْلامَها،
والصبايا اللواتي هَرَقنَ الليالي، انتظاراً
لِعَودَتِهِ السانِحَةْ، يَقُلْنَ:
مَتى يُنْزِلونَ عن الحائطِ الصورةَ الجارحةْ،
وترى أُمُّهُ الزَّفّةَ الفاتِحَةْ!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير