لماذا يدعم الإنجيليون ترامب؟.. مؤرخة أميركية تجيب

25.09.2020 08:21 PM

 

وطن: قبل 4 سنوات، صوت 81% من الناخبين الإنجيليين لصالح المرشح الجمهوري -حينها- دونالد ترامب، ويستعد الملايين منهم لتكرار نفس نمط التصويت خلال انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني القادمة.

ويحظى الرئيس ترامب بدعم قوي من الإنجيليين المحافظين رغم اختلافه في سلوكياته وأخلاقه عنهم، ولم يتأثر هذا الدعم بحملات الديمقراطيين ضد ترامب، ولا حتى بالشهادات السلبية التي يقدمها مسؤولون كبار ممن عملوا معه في البيت الأبيض.

ولمعرفة أسباب هذا الدعم القوي، حاورت الجزيرة نت المؤرخة كريستين دي ميز، المتخصصة في علاقة التيارات المسيحية الأميركية بالشؤون السياسية، وهي تدرس حاليا بجامعة كافين، إحدى أهم الجامعات المسيحية بالولايات المتحدة.

وهذا نص الحوار:

لماذا يتمتع الرئيس ترامب بتأييد ساحق بين الناخبين الإنجيليين؟

لقد حير دعم الإنجيليين البيض للرئيس ترامب العديد من المراقبين، فلطالما ربط الإنجيليون أنفسهم كحماة "للقيم العائلية والأسرية" واعتبروا أنفسهم "الأغلبية الأخلاقية". لكن ترامب لا يكاد يكون نموذجا لهذه القيم الأخلاقية أو الأسرية.

ويبدو للكثيرين أن العلاقة كانت نفعية تقليدية، فترامب سيعين قضاة محافظين في المحاكم المختلفة خاصة المحكمة العليا، وسيدافع عن "حريتهم الدينية" وينهض بمصالحهم، وفي المقابل سيقدمون له دعمهم الانتخابي.

كلام يلامس الحقيقة، لكن وصف هذه العلاقة بأنها مجرد منفعة فيه بعض التبسيط، فهناك مشاركة واسعة في القيم والسياسات التي تجمع الإنجيليين البيض المحافظين مع مواقف ترامب في مجموعة واسعة من القضايا، ومنها:

    دعم إنفاذ القانون وأمن الحدود.
    معارضة احتجاجات حركة "حياة السود مهمة".
    الحذر من المهاجرين.

وفي هذه القضايا تتطابق آراء هؤلاء مع الإدارة الحالية. وعلى غرار ترامب، يؤمن الإنجيليون بفهم قومي مسيحي لما يسمى العظمة الأميركية.

على مدى عقود، أخذ الإنجيليون البيض على عاتقهم استعادة "العظمة الأميركية" وتطلعوا إلى قادة أقوياء لا يخشون استخدام القوة العسكرية أو الأدوات السياسية القاسية لتحقيق النظام والأمن.

جاء ذلك بعد شعورهم بالتهميش المتزايد خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، حيث كان العديد منهم يبحث عن رجل قوي يمكنه حماية مصالحهم وتوسيع سلطتهم بأي وسيلة ضرورية، وقد وعد ترامب بتحقيق ذلك.

هل تعتقدين أن دعم الإنجيليين البيض لترامب يتراجع مقارنة بدعمهم في انتخابات 2016؟ ولماذا؟

استطلاعات الرأي ليست متسقة حول هذه المسألة، لكن عندما أتحدث إلى الإنجيليين في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك العديد منهم في الولايات المتأرجحة، فإنهم لا يرون أي تغيير كبير على أرض الواقع.

الإنجيليون الذين لم يصوتوا لترامب عام 2016، يعارضونه عام 2020، لكن الأمر يختلف بين مؤيديه، فالعديد من الإنجيليين الذين صوتوا له قبل 4 سنوات، سعداء جدا لوفائه بوعوده بطرق مختلفة.

كيف لا يبعد ما نعرفه، عن حياة وأخلاق ترامب الشخصية والصاخبة، الناخبين الإنجيليين المتدينين عنه؟

يعتقد العديد من الإنجيليين المحافظين أن القيادة الأبوية مما يطلق عليه "جزء من خطة الله للبشرية" وقد أصبح الكثيرون يعتقدون أن الرجولة الخشنة، التي يغذيها هرمون التستوستيرون، مطلبهم الرئيس لممارسة تلك القيادة في "عالم غادر".

قد تأتي هذه القيادة "العدوانية" مع بعض الآثار الجانبية، لكن هذا يمكن غفرانه، لأن الخشونة التي تجعل الرجال يصنفون بالخطرين تجعلهم أيضا أبطالا.

يقول العديد من الإنجيليين إنهم لن يختاروا ترامب ليصبح قسا أو معلما في مدرسة، موضحين أنهم يبحثون عن زعيم خشن "عدواني" يحمي مصالحهم ويوسع سلطتهم.

أين يقف ترامب من القضايا السياسة الأخلاقية والاجتماعية التي تهم المسيحيين الإنجيليين والتي يتحدث عنها الكتاب المقدس بوضوح؟

الكتاب المقدس يتحدث بوضوح عن الترحيب بالغريب، وعلى محبة الجيران كما نحب أنفسنا، وعلى محبة أعدائنا.

ويبدو أن إدارة ترامب تقوض هذه القيم بنشاط، إلى جانب الجهود المبذولة من أجل العدالة العرقية التي يعتقد العديد من المسيحيين أنها واجب ديني.

مع ذلك، يرى العديد من الإنجيليين أن معارضة ترامب للإجهاض، ودفاعه عن الحرية الدينية (للمسيحيين) دلالة على أنه يعزز القيم الإنجيلية كما وردت بالكتاب المقدس، لذلك هناك انقسامات عميقة داخل المجتمعات المسيحية الأميركية، وحتى بين الإنجيليين أنفسهم، حول ما إذا كان ترامب يدعم أو يقوض قيم الكتاب المقدس.

كيف ينظر الإنجيليون إلى سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط وإسرائيل والقضية الفلسطينية؟

هناك وجود قوي لما يسمى الإسلاموفوبيا بين التيارات الإنجيلية البيضاء المحافظة، والتي تضاعفت عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول "الإرهابية" إضافة إلى أن هناك تاريخا طويلا من الصهيونية المسيحية، ويعتقد العديد من الإنجيليين أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل علامة على أنه ينفذ "المشيئة الإلهية".

وفقًا لدراسة حديثة لمؤسسة بيو للأبحاث، من المرجح أن يصوت 58% من البروتستانت لصالح ترامب، ومع ذلك ترتفع النسبة إلى 82% مع الإنجيليين. ما تفسير ذلك؟

العديد من البروتستانت وخاصة المسيحيين غير البيض يفهمون الآثار الاجتماعية لإيمانهم بطرق مختلفة جداً عن الإنجيليين البيض.

وبدلاً من اعتناق القومية المسيحية فإن البروتستانت السود أكثر احتمالاً للاستفادة من تقليد "المسيحية النبوية" والرثاء لمظالم الماضي، والسعي إلى توسيع قضية الحرية لتشمل الفئات المهمشة.

في حين يعتنق الإنجيليون المحافظون مبدأ "نحن مقابل هم" على نطاق واسع، بحيث أصبح هذا المبدأ مبررا لمواقفهم الداعمة لترامب وسياساته.

هل يحظى ترامب بشعبية كبيرة بين الإنجيليين الكبار والشباب على حد سواء؟

يحظى ترامب بشعبية أكبر بين الإنجيليين الأكبر سناً، فالعديد من الإنجيليين الأصغر سناً أكثر تقدمية في قضايا مثل حقوق المثليين والمتحولين جنسيا، إصلاح الهجرة، القضايا البيئية، وأكثر حذراً من سياسات الحروب الثقافية بشكل عام.

مع ذلك، فإن الإنجيليين الأصغر سناً أيضاً أقل انخراطا في الأنشطة السياسية مثل التصويت.

كيف تنظر الإنجيليات للرئيس ترامب؟

بعض الإنجيليات مرعوبات من ترامب ومن الدعم الإنجيلي له، وقد عبر عدد قليل من النساء البارزات، مثل بيث مور وجين هاتميكر، عن معارضتهن وخيبة أملهن في زملائهن المسيحيين، بيد أن العديد من الإنجيليات البيض يعتقدن أن ترامب سوف يعزز مصالح المسيحية الأميركية، ويسعدن بدعمه.

ما أهمية أن يكون للمسيحيين المحافظين مرشح جديد لترامب بالمحكمة العليا لخلافة القاضية الراحلة روث غينسبورغ قبل الانتخابات؟

هذا أمر مهم جدا للمسيحيين المحافظين، سواء فيما يتعلق بقضايا معينة مثل الإجهاض والحرية الدينية، أو من حيث الجهود الأوسع نطاقا لتعزيز سلطتهم على أعلى المستويات الممكنة.

المصدر : الجزيرة

تصميم وتطوير