هاني عرفات يكتب لوطن .. المطلوب مغادرة الحَلَبَةْ
فريدمان لا يطلق التصريحات جزافاً ، هو موظف مهمته إيصال رسائل سياسية لمن يهمه الامر ، و سواء قصد بهذه التصريحات وضع ضغوط إضافية على صاحب القرار الفلسطيني أو غير ذلك بما فيه إشعال حرب أهلية داخلية ، فإن ما قاله يعني بالضرورة أن هذا الخيار موجود و جاهز لسحبه من الادراج حينما تتوافر الظروف الملائمة . في المقابل تبدو القيادة الفلسطينية عاجزة حتى اللحظة عن إلتقاط زمام المبادرة و القيام بهجوم سياسي معاكس ، كل ما تم عمله حتى الآن على هذا الصعيد هو الترنح بعد تلقي كل لكمة ومحاولة تفادي اللكمة التي تليها حتى لا تكون القاتلة . الحل يكمن في مغادرة الحلبة ، و عدم العودة إليها حتى يتم الاستعداد جيداً و ربما تغيير الحَكَمْ.
هناك مجموعة من الخطوات لا بد من المباشرة في عملها فوراً ، تبدأ أولاً و قبل كل شيء في ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ، و يشمل توحيد القوى الفلسطينية ، ليس هناك وقت لتضييعه الأمر لا يحتاج إلى خمسة أسابيع ، إعادة تشكيل الحكومة بحكومة وحدة وطنية ، عدد مقلص من الوزارات لا يزيد عن عشرة ، مسؤولية كاملة للحكومة الجديدة عن كل شؤون الضفة و القطاع بما فيها الشرطة المدنية ، المقاومة في غزة يجب أن تبقى خارج نطاق مسؤوليات الحكومة على أن لا تتدخل في مهام الحكومة. حرمان الطرف الاخر من القدرة على الضغط و الابتزاز و ذلك بتشكيل مجلس رئاسي من ثلاث أشخاص برئاسة الرئيس أبو مازن و عضوية شخصيتان وطنيتان يحوزان على ثقة الشارع و تتخذ القرارات بأغلبية إثنان ضد واحد في حال عدم توفر توافق . تغيير كل وجوه الصف الأول السياسية التي شاركت في المفاوضات ، أو التنسيق أو مفاوضات الوحدة ، فبعد كل هذه السنوات كل هؤلاء أصبحت تحركاتهم و مواقفهم و طريقة تفكيرهم واضحة تماماً للطرف الاخر ، هذا إذا افترضنا حسن النية . يجب تغيير الموجود بدماء جديدة شابة معروفة بوطنيتها و واعية ، تفعيل دور القضاء و منحه الحصانة والحماية لضمان نزاهته ، إقالة هيئة محاربة الفساد و تعيين هيئة جديدة من أكاديميين في تخصصات متنوعة تضمن تغطية كافة مجالات عملها ، نشر نتائج التحقيقات في الصحافة الرسمية ، هذه أمور لا بد منها للإستعداد لما هو قادم ، و للحيلولة دون تسلل يفضي إلى فرض قيادات جديدة متساوقة مع الاحتلال بالكامل .
في الجانب الاقتصادي ، أصبح معلوماً أن حبل الضغط الاقتصادي يلتف تدريجياً حول رقبة السلطة ، و سيتم إغلاقه بالكامل قريباً ، هذا يتطلب سياسات تقشفية جريئة و البحث عن بدائل محلية ، من خلال فرض ضرائب تصاعدية على الشركات و البنوك التي تجني أرباحاً ضخمة ، توجيه أفراد الامن الوطني و باقي الاجهزة نحو الفرع الإنتاجي من إصلاح أراضي زراعية و استثمارها لتغطية الحاجة المحلية . من ناحية أخرى تحديد التعامل بالشيكل الاسرائيلي لصالح الدينار الاردني مما قد يساهم في رفع سعر الدينار و تراجع صرف الشيكل .
وعلى الصعيد الدولي يجب الانطلاق الى الفضاء الأرحب ، و الخروج من دائرة التحالفات التي ترضي النظام العربي القائم ، و الاستفادة من التناقضات القائمة بدل الانزواء تحت مظلة نظام إقليمي لا يريد للفلسطينيين خيراً و يتحالف بشكل علني مع ألمحتل .
هذه الإجراءات تتطلب شجاعة و تصميم و حسم ، قد تكون قاسية و لكن لا بديل عنها ، فإما مغادرة الحلبة ، و إما البقاء فيها بانتظار الضربة القاتلة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء