أسماء سلامة تكتب لوطن: كشف المستور

18.09.2020 02:29 PM

لم يتفاجأ الكثيرون من توقيع اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين ودولة الاحتلال بالرعاية الأمريكية ، كنا نعلم نواياهم واستعداداتهم الخفية منذ مدة ، ولكن ممارستها بهذه الطريقة المهينة هو ما اصابنا بنوع من خيبة الأمل ، والشعور بالمرارة لما وصل إليه حكام العرب ...

لطالما صرح نتنياهو بأن هناك مباحثات مع بعض الحكام العرب ، وشاهدنا زيارته لمسؤوليهم لأكثر من دولة عربية ، ولكن الأمور بقيت إما في السر أو على حدود ضيقة ، أما أن تنطلق بهذا التسارع الدراماتيكي فهو أمر مقيت جدا ، كيف تشطب قضية العرب الكبرى والأولى من اجنداتهم ، كيف يلقون بأنفسهم في أحضان أعدائهم ، أين المبادئ والثوابت والأخلاق .. أين العروبة .
لماذا قررت أمريكا ومعها طبعا دولة الاحتلال كشف مستورهم ، واخراج ما كانوا يؤدونه من أعمال للعلن ، لماذا قرروا رفع الطاولة ليرى العالم ما كان يحدث تحتها ..

من تجربتنا الخاصة مع الاحتلال ، نعرف جيدا كيف يتعامل مع عملائه ، كيف يجندهم ، ويستقطبهم ، وكيف يحرقهم حين تنتهي الحاجة اليهم ، فيعاملهم معاملة الكلاب ، يلقي بهم في قرى معزولة عن دولته ، تفتقر لوسائل الحياة الإنسانية  ، ولمن لا يعرف ، ليقرأ عن قرية فحمة قرب جنين ،  والدهنية في قطاع غزة ، حيث جمع جواسيسه في قرى مع عائلاتهم وأولادهم ، معزولون ومنبوذون ، منهم من انتقل لأراضي الداخل المحتل وامتهن الاجرام بأنواعه ، ليؤمن اموالا يصرف منها على اهله ، فهذا ثمن الخيانة عندهم ..

فهل ستتبع امريكا ودولة الاحتلال ذات الطريقة مع عملائهم من العرب ؟؟

كانوا ينفذون مطالب وأجندات ومخططات ( تحت الطاولة ) ، وها هو حرقهم أمام الجميع يتم في مراسم احتفالية رسمية ، وبطريقة هزلية ، اختاروا من لم يعرف اين ( يطج توقيعه ) فبات يسأل .. أين أوقع ، ولربما لا يعرف فحوى ما وقع عليه ، مجرد دور عليه ان يؤديه، ويسمع ماتم تحفيظه له .. مهزلة

هل سيسهم حرقهم بهذه الطريقة المخزية في تأليب الرأي العام في بلدانهم ضدهم ، وبالتالي بداية التخلص من هذه الأنظمة ؟؟ أم أن المزيد مازال مطلوبا منهم ، ودورهم لم ينته بعد .. هل ستكون ارادة شعوبهم موازية لأفعالهم .. إن كان الأمر كذلك فلنقرأ الفاتحة على روح ما تبقى من عروبة !!

من الواضح ان ما تريده أمريكا ومن خلفها دولة الاحتلال أنظمة جديدة أكثر وضوحا في الوقوف معها ، عمالتها مفضوحة ، لم تعد بحاجة لمن يخجل ومن يجمّل ويراعي اعتبارات ، ويفضل الوقوف خلف الكواليس ، هذه الشخصيات انتهى دورها بأن مارست القمع ضد شعوبها وارهبتهم لتلجمهم عن أي ردة فعل حيال تصرفاتها ، ولبعثرة أوراق المنطقة ، فلم نعد نعرف من مع من ، ومن ضد من ، من العدو ومن الصديق ، من يراهن عليه ومن سيخون ، موّهت أقنعتهم الحقيقة ، يتلاعبون بشعوبهم وبمصير شعوب الدول الأخرى ، يلجأون للقوة مع من تستدعي العلاقات معهم التفاهم ، ويميلون للاستسلام مع من تلزم القوة معهم .

ومع كل ذلك .. باتت الرغبة من الأعداء في المزيد ، يريدون من ينصاع بالمطلق وجهارا ، استبدلت انظمة في المنطقة وربما المزيد على الطريق .. وكله يصب في ذات السياق .. اتساءل هل يجرؤ هؤلاء الموقعون على عرض هذه الاتفاقيات على الشعوب للمصادقة عليها ؟ كما سيتم عرضها على الكنيست للمصادقة ؟ أم ستجري الأمور كعادتها ( سياسة فرض الأمر الواقع ) والاجبار .. لا وزن لرأي الشعوب ليؤخذ به ، فهم يقررون وينفذون وما على الرعايا سوا السمع والطاعة .. والا ...... !!!

المجاهرة المطلوبة التي تصل لحد الوقاحة في اتهام اصحاب الحق بأبشع التهم ونصرة الظالم والتغني به ، يقولون تحالف ضد إيران  .. فمن سحق البوابة الشرقية التي كانت خط الدفاع الأول ضد ايران .. كيف يتم تحوير التاريخ وإعادة صياغته وطرحه بروايات جديدة ..

لم يبق أمل في تلك الأنظمة .. كان مجرد سراب .. وما بقي هو الأمل في الشعوب ، أن لا تكون قد وصلت لدرجة من اللامبالاة ، وغسلت أدمغتها لتقبل بهذا الذل والخنوع ، والارتماء في أحضان العدو وتسميته بالحليف الإستراتيجي .. أملنا أن تنتصر الشعوب على مستبديها .. وتجعل اتفاقياتهم مجرد حبر على ورق .. وأن تبقى فلسطين وقضيتها في قلوبهم كما كانت دوما .. موحدة للهدف ومصدرا لإعلاء كلمة الحق .. وأن تبقى العروبة في دمائهم نقية .. دون أن تدنسها مكائد وأن لا تنساق وراء أنظمتها .. فيبقى الخير في هذه الأمة .. شعوبا في انتظار من يستحقها من حكام .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير