التعليم الالكتروني عن بعد في ظل الكورونا ما بين الواقع و المأمول

14.08.2020 07:22 PM

كتب *فراس أسمر:  تتوالى التحديات ، وتزداد الصعوبات، و تتزاحم على الشعب الفلسطيني المصائب والنكبات  ، ومن عقبة الاحتلال الى عقبة كورونا ، والتي يزداد تأثيرها الجسيم على الأمة كلّها وعلى الشّعبِ الفلسطينيّ على وجه الخصوص ، وقد وضعت الكورونا آثارها و بصماتها على عملية التعليم لتكشف الواقع الصعب لتلك العملية في ظلّ الكورونا ، وأثر ذلك على سير العملية التّعلمية التّعليمية عند الطّلبة . وتمر العملية التعليمية الآن في مرحلةٍ حساسةٍ بسببِ الواقع المرير الذي فرضته الكورونا على الحياة الاجتماعية لدينا، و التباعد الاجتماعي ، الذي أدى بنا إلى الاتجاه نحو( التعلم الالكتروني عن بعد) خلال الفصل الدراسي الثاني من العام 20192020، والذي كشفَ عن العديدِ من الصعوباتِ و العقباتِ ، وأظهر عدم جاهزيتنا لهذا النمط من التعليم ،إلا بالقليل، وهذا الواقع الحالي يعود إلى العديد من الاسباب .

وسوف نطرح وجهات نظر بعض الجهات المحورية المعينة :-

أولاً : وجهة نظر الأهل حيث إن الغالبية العظمى من الأهل غير معدين مسبقاً من ناحية برمجية و تقنية للتفاعل مع هذا النوع من التعلم ، وعدم توافر أجهزة الكترونية كافية في العائلات التي لديها أكثر من طالب في المدرسة، وكذلك طلبتنا الأعزاء، فالقليل منهم من يمتلك مهارات حاسوبية جيدة في برمجيات التعلم عن بعد،و أيضاً عدم توفر انترنت لدى جميع الأسر و إن وجد فهناك عدة مشاكل من حيث السرعة و الجودة ، و أيضاً عدم قدرة الأهل على الاستمرار بمتابعة دروس أولادهم خاصة من لديه أكثر من طالب في المدرسة أو  ممن أهلهم يلتحقون بعمل ما، مع عدم قدرة الأهل على تحمل عبء توفير أجهزة الكترونية كافية أو  تركيب خط نفاذ أو حتى رفع سرعة الانترنت ، وهذه الأسباب أدت إلى عزوف العديد من الأهل عن هذا النوع من التعلم وعدم إلحاق أبنائهم به .

     ثانياً :- وجهة نظر المعلمين حيث عدم وجود البرمجيات التعليمية الالكترونية المناسبة لنمط التعلم الالكتروني عن بعد ، وكذلك عدم تمكن العديد من المعلمين من برمجيات و استخدام تكنولوجيا التعليم عن بعد و المنصات الالكترونية المعدة لذلك ، ولا ننسى أيضا عبء الجانب المادي على المعلمِ الذي يعاني من عدم انتظام راتبه والذي يترتب عليه  توفير خط النفاذ بسرعة مناسبة و مزود انترنت أيضاً بسرعة عالية، وهذا يضع على كاهل المعلم مصروفاً جديداً فرض عليه ..

     ثالثا: فلسفة وزارتنا الموقرة التي لم تكن جاهزة بالصورة المناسبة لنمط التعلم الالكتروني عن بعد ، و الذي جعلها تتعامل مع المادة التعليمية للفصل الدراسي الثاني  بطريقة غير منظمة و لا تحقق أهدافها بالصورة المناسبة عند الطلبة ، وقد يكون الحالة المفاجئة التي فرضتها الكورونا كانت غير متوقعة في مخططات الوزارة .

ومع هذا الواقع المرير لعملية التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا ، فإنني آمل بتغيير هذا الواقع بكل سلبياته، و الاستفادة من الأخطاء الحالية لجعل المستقبل أفضل لطلبتنا ، وذلك من خلال عدد من المقترحات:

أولاً: توفير البرمجيات التعليمية المناسبة ، والمنصات التعليمية المعدة لهذا النوع من التعليم،  ولتفعيل المحتوى التعليمي بصورة جذابة وهادفة للطلبة .

ثانياً: العمل على تجهيز المعلمين و المعلمات للتعامل مع تلك البرمجيات والمنصات بصورة تقنية واحترافية مناسبة ، تجعله يقوم بدوره بأفضل حال ، والعمل أيضاً على دعم الأهل بآلية استخدام تلك التقنيات والمنصات .

ثالثاً: العمل على توفير خط النفاذ إلى الأهل و المعلمين بأسعار رمزية ، مع توفير السرعة المناسبة من قبل المزود أيضاً برسوم رمزية ؛ ليجعل الأهل و المعلمين يقبلون على العملية التعليمية التعلمية بدافعية مناسبة .

رابعاً: توفير الأجهزة الالكترونية للطلبة و المعلمين ، وخاصة من لا يملكونها بأسعار زهيدة وغير مكلفة، وتفعيل دور المؤسسات الخاصة بمنح الأهل والمعلمين الأجهزة بأسعار رمزية.

خامساً: تبني الوزارة النمط التعليمي الالكتروني عن بعد بصورة فعالة ومناسبة ، و خاصة بعد انتهاء الجائحة ، لجعلها طريقة بديلة، واستخدامها في حالات أخرى مستقبلية ، مع توفير خطط للطوارئ قبل حدوث الأهوال والمصائب . 
وعلى أمل أن تمر الجائحة على شعبنا بأقل الخسائر ، وأقل الأضرار ، والعمل على تكاثف الجهود من قبل الجميع ، والسعي نحو التقدم والرقي بمجتمعنا في كافة الظروف.

* محاضر في قسم التربية في كلية الامة الجامعية /القدس
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير