الجمعيات التعاونية اذ تعزز مقومات الصمود

12.08.2020 11:23 PM

كتب *محمد الرواشده : لا يمكن اغفال الدور المهم الذي لعبته  الحركة التعاونية في فلسطين خلال الفترات الماضية و ذلك بغرض تحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي، و قد بدا واضحا ان التعاونيات كانت و ما زالت   إحدى وسائل النضال والتحرر الوطني، و الشواهد على ذلك كثيرة و منها الاداء الوطني المسؤول خلال الانتفاضة الاولى، حيث ظهر الدور الطليعي للتعاونيات باعتبارها حركة جماهيرية عامة عملت على تنظيم وقيادة الانتفاضة من خلال القيادة الوطنية الموحدة و سادت مفاهيم العمل التعاوني والجماعي و التطوعي كأداة لمقاومة الاحتلال وتوفير سبل الحياة لافراد معتمدين على ذواتهم ومكتفين ذاتيا خاصة ان تلك الفترة ،امتازت بالمقاطعة الكاملة للمنتوجات الاسرائيلية ،وبالتالي كان الانتاج التعاوني بمثابة البديل و ما تخلل هذا الاداء من تعزيز وتطوير للعلاقات المجتمعية بخاصة بين القطاعات الزراعية والاقتصادية،  برغم محاولات الطمس و الاحتواء من قبل العديد من الجهات بخاصة من قبل اسرائيل.

كما ان القطاع التعاوني يسهم بدور تنموي يعزز من صمود الناس وقدرتهم على البقاء والمقاومة، إضافة لما يعنيه من تقوية وتعزيز لبنى المجتمع باعتبارها نماذج من التنظيم الذاتي التي تصلب بنية المجتمع وتربط ما بين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وما يعنيه هذا النموذج من معان لسياسات الاعتماد على الذات وزيادة الإنتاج المحلي وسد ما أمكن من الاحتياجات وتطوير هذا القطاع  التي يساعد في  الفكاك من اقتصاد الاحتلال ومقاطعته بشكل شامل  بما فيها التعاونيات لتكون قطاعات منتجة و فاعلة .

و في هذا السياق  يظل التركيز على التعاونيات الانتاجية الزراعية كنموذج تنموي اقتصادي يساهم في خلق اقتصاد معتمد على الذات وغير تابع بل متصادم مع اقتصاد الاحتلال اولوية قصوى يمكن و بلا شك ان تفضي الى الارتقاء بالجمعيات لتصبح وسيلة تنظيم ذاتي قادرة على الإنتاج الاقتصادي والتنظيم الاجتماعي وتقوية الناس من أجل المقاومة والصمود ومجابهة التحديات.

ولا شك ان التعاونيات نموذج يحتاج لتقويته وتوفير شروطه للإسهام في الاقتصاد والاجتماع والسياسة ودمقرطة المجمتع، و هذا ما يجب ان يدفعنا جمعيا للتركيز على الارتقاء بهذا القطاع الهام وصولا الى احداث تنمية اقتصادية ذات جدوى في زيادة الدخل و توفير فرص عمل و محاربة الفقر.

وبموازاة ذلك ، ينبغي الانطلاق نحو نشر الفكر التعاوني الذي يعزز ثقافة العمل الجماعي المقرون بالانتماء للوطن، بما يكفل مزيدا من الجهد الهادف و المخلص نحو احداث تطوير في اليات و اساليب العمل اعتمادا على المبادئ و القيم التعاونية .

كما يجب المسارعة في تأسيس جمعيات تعاونية ريادية نوعية تتلمس حاجات الناس بما يشمل مجالات حياتية حيوية و منها مجالات الطاقة المتجددة و التكنولوجيا ، اضافة الى مجال الهندسة و الصيدلة و الطب المخبري ، و هذا من شانه ان يؤدي الى زيادة نسب التشغيل و الحد من البطالة ، مع الاشارة الى ضرورة انخراط النساء في جمعيات تعاونية تؤطر عملهن و تنظمه بما يساعد في التمكين الاقتصادي لهن، و هذا ما ينعكس إيجابا على اوضاعهن على الصعيدين الاجتماعي و الاقتصادي، و ذات الامر ينطبق على الشباب و الخريجين الذين لا يجدون فرص عمل .

وفيما يتعلق بالجانب الرسمي ، فان هيئة العمل التعاوني لا تألوا جهدا في سبيل رفعة و ازدهار القطاع التعاوني، حيث تعمد الهيئة الى تطبيق بنود خطتها الاستراتيجية التي تضمن تحسين اداء الجمعيات و زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، و علاوة على ذلك تعمل الهيئة على التنسيق و التشبيك مع المؤسسات الرسمية و الجهات الداعمة من اجل دعم التعاونيات سواء  ماليا او فنيا او إداريا ، بما يضمن النهوض بالتعاونيات على مختلف أنواعها.
*مدير هيئة العمل التعاوني في محافظة الخليل
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير