نبهان خريشة يكتب لوطن: عندما تتدخل السياسة بالجهود لانتاج لقاح ضد فيروس كورونا

12.08.2020 01:51 PM

اعلان روسيا عن توصلها للقاح لعلاج المصابين بفيروس كورونا، وتشكيك امريكا ودول اوروبية بهذا، يعيد الى الاذهان تنافس روسيا السوفيتيه والولايات المتحدة على غزو الفضاء وفي ميادين علمية اخرى، في حقبة الحرب الباردة في الخمسينيات والستينيات بين المعسكرين.

وكانت بريطانيا وكندا اتهمتا روسيا ، بتسلل مجموعه من (إيه.بي.تي. 29)، وهي وحدة تابعه للمخابرات العسكرية الروسية، بواسطة برامج الكترونية لاختراق حواسيب جهات غربية تعمل على تصنيع اللقاح، في محاولة للاستيلاء على ابحاث اللقاحات فيها ، الا ان ناطقا بأسم وزارة الخارجية الروسية نفى هذه الاتهامات، وقال ان بلاده  ليست بحاجة لسرقة معلومات من منافسين يطورون اللقاح، لانها وقعت بالفعل اتفاقا لتصنيع اللقاح مع شركة ( آر – فارم) وهي واحدة من أكبر الشركات الدوائية في روسيا التي ستصبح احد اهم الشركات في العالم لإنتاج وتصدير اللقاح للأسواق الدولية، مع خطط لتصدير جرعات من اللقاح إلى أكثر من 30 دولة بما فيها  دول في الشرق الأوسط.

ان ادعاء الدول الغربية بعدم توفر الخبرة لدى روسيا في المجال الطبي تضحده الحقائق التاريخية، فمن المعروف أن روسيا كانت واحدة من رواد العالم في أبحاث اللقاحات منذ قرون، والدليل على ذلك انتاج اول لقاح ضد الجدري في عهد الإمبراطورة الروسية كاترين العظمى عام 1768، اي قبل 30 عامًا من انتاج لقاح مشابه في الولايات المتحدة، كما تعد روسيا واحدة من رواد العالم في أبحاث الفيروسات واللقاحات، بعلمائها الموهوبين مثل الباحث "نيكولاي غاماليا"، الذي درس في مختبر عالم الأحياء الفرنسي "لويس باستور" في باريس وافتتح ثاني محطة لقاح ضد داء الكلب في العالم عام 1886.

ان انتاج لقاح ضد فيروس كورونا يعد مهمه ذات اولوية قصوى في العالم ، حيث أعلنت العديد من الدول والمنظمات والشركات أنها على وشك تطوير لقاح، وقد تنجح بعض البلدان بتطوير لقاحات خاصة بها بحلول نهاية هذا العام، ولكن من المهم هنا ألا تعيق الحواجز السياسية استخدام أفضل التقنيات المتاحة لصالح البشرية  في مواجهة هذا التحدي الذي يعتبر الأكبر خلال العقود الأخيرة ، لتحقيق مبدأ "المنفعة العالمية العامة"..  

ولكن السؤال هو : أي من سكان الأرض البالغ عددهم 7,6 مليار نسمة سيلقح أولاً؟

منظمة الصحة العالمية وأوروبا والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال مكافحة فيروس كورونا المستجد، تسعى لإنفاذ آلية توزيع "عادله" ترتكز على مبدأ تلقيح العاملين في مجال الصحة في كافة البلدان التي طالها الفيروس، ثم العاملين في وظائف أساسية كالشرطة والنقل، وبعدهم يأتي بقية السكان، الا ان ادارة الرئيس الامريكي ترامب لا تعير اهتماما بهذا التضامن العالمي وتطالب بإنتاج 300 مليون جرعة بحلول كانون الثاني/ يناير 2021، أي ما يكفي لتلقيح كافة الأميركيين من شباب وكبار في السن، الامر الذي يعتبره عميد كلية الصحة العامة في جامعة "يال" الأميركية "ستيفن فيرموند" انعكاسا لعقلية ترامب شديدة الانعزالية، والكارهة للأجانب للغاية، وهو عكس ما تحتاج له البشرية للسيطرة على الجائحة ولأن الولايات المتحدة ليست جزيرة منعزلة عن بقية العالم ولن يفيدها استئثارها بالدواء فيما فيروس كورونا لا يزال ينهش بقية العالم ..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير