مأساة القراءة الوطن العربي عدنان داغر

10.04.2013 09:55 AM
هل ما زال خير جليس في الزمان كتاب؟
جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية والذي أشرف عليه المئات من الخبراء والعلماء والباحثين احصاءات، ووصلوا إلى النتيجة المذهلة القائلة: أن ثلث الرجال ونصف النساء في الوطن العربي لا يقرؤون، فهل القراءة مؤشر الحياة؟ أم الحياة مؤشر القراءة؟
من ناحية أخرى قالت منظمة اليونسكو في تقرير لها عن القراءة في الوطن العربي: إن المواطن العربي يقرأ 6 دقائق في السنة! مع ملاحظة أن هذه الإحصائية محذوف منها قراءة الصحف والمجلات، والكتب الدراسية، وملفات العمل وقراءة التقارير، وقراءة كتب التسلية.
وتتفق مختلف الدراسات والاحصاءات حول معدلات القراءة في العالم العربي، والتي تظهر أن معدل قراءة المواطن العربي سنويا ربع صفحة، في الوقت الذي تبين فيه أن معدل قراءة الأمريكي 11 كتابا، والبريطاني سبع كتب في العام.
واعتبر خبراء ومثقفون أن نتائج هذه الدراسات ليست مستهجنة بالنسبة لهم أو لأصحاب القرار، فجميعهم يدركون هذا الأمر ولا يستهجنونه، وفي الوقت الذي حمّل فيه بعضهم الظروف الاقتصادية والسياسية المسؤولية، اعتبر آخرون أن هذه الظروف يجب أن تكون حافزا للقراءة لا العكس.
واعتبر مختصون إن "تراجع الحريات، والحريات الشخصية، والحياة الديمقراطية تعد السبب المباشر لهذه الحالة، فلا وجود لمجتمع مثقف إلا بوجود مجتمع مسيّس تزدهر فيه الحياة الحزبية بمختلف ايدولوجياتها وتحظى بالدعم الكبير من الدولة والديمقراطية بشكل عام بكل إشكالها ومعانيها."
ولا تشذ فلسطين عن القاعدة في الوطن العربي، فالقراءة ليست من اولوليات ولا في صلب اهتمام الغالبية الساحقة من المواطنين، والبعض يعزو ذلك الى سوء الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وان المواطن الفلسطيني أسير السعي لكسب لقمة العيش ومقارعة الاحتلال، خصوصا وان اسعار الكتب ليست في متناول الغالبية العظمى من المواطنين، ويشير البعض بمرارة الى ان الفئة التي تقرأ لا تملك المال الكافي لتنفقه على الكتب والقراءة، في حين ان الفئة الميسورة، وهي الاقلية، لا تقرأ.
ورغم المحاولات المتكررة من فئات نخبوية في مختلف المدن الفلسطينية لتشجيع القراءة، الا ان النتائج ليست بمستوى الجهود المبذولة، فهناك اكثر من محفل وتجمع وصالون ادبي في مدنٍ عدة، الا انها ايضا تنحصر في الفئة القارئة اصلا، دون ان تنتقل الى فئات اخرى وتشكل تيارا ثقافيا ينتقل بالغالبية الى ممارسة القراءة لتصير جزءا من الحياة اليومية للناس.
وتبين الدراسات كذلك أن إجمالي ما تنتجة الدول العربية من الكتب يساوي 1.1 % من الانتاج العالمي لا أكثر، رغم ان نسبة سكان الوطن العربي الى سكان العالم تزيد على 5 % حسب احصاءات 2006، بينما يُطبع من الكتب باللغة الانكليزية 60% من مطبوعات الكتب اجمالاً.
وتشير الدراسات نفسها أن الطفل العربي لا يقرأ سوى ست دقائق خارج المنهج الدراسي، رغم ما للقراءة والمطالعة خارج المنهج من أثر كبير على المستوى التعليمي للطالب، ويقرأ كل 20 عربيا كتاباً واحداً، بينما يقرأ كل بريطاني سبع كتب، اي ما يعادل ما يقرأه 140 عربيا، ويقرأ كل أمريكي 11 كتاباً اي ما يعادل ما يقرأه 220 عربياً.
اما عن مطبوعات الكتب ففي عام 2005 طبعت المملكة المتحدة 206 الف عنوان جديد مقابل 107263 عام 1996، وفي الولايات المتحدة الأمريكية طبعت 172 الف عنوان جديد عام 2005 مقابل 68175 عنواناًً جديداً عام 1996، اما مطبوعات الدول العربية من العناوين الجديده في عام 1996، على سبيل المثال لا الحصر، عُمان لم تطبع سوى سبع عناوين، قطر 209، الاردن 511، ومصر 1917، واصدرت السعودية 3900 كتاباً جديداً، بينما اصدرت اسرائيل وحدها 2310 كتاب في ذات العام، و4000 كتاب عام 2005 ولكن لا وجه للمقارنة بين عدد سكان الدول العربية واسرائيل، ولم يتسن الحصول على احصاءات حديثة عن الدول العربية (الاحصاءات من موقعي اليونسكو وموسوعة ويكبيديا).
اما عن مستوى الصحافة فحسب احصاءات عام 1997 فهناك 14 صحيفة لكل الف من السكان في مصر، ثمانية في الاردن، خمس في عُمان، و1509 في الولايات المتحدة. (موقع اليونسكو).
على صعيد الترجمة فنصيب كل مليون مواطن عربي من الكتب المترجمة يساوي 4.4 كتاب، بينما يبلغ نصيب كل مليون إسرائيلي 380 كتابا، وكل مليون مجري 500 كتاب، وكل مليون اسباني ما يقارب 950 كتابا.
أما عن سوق الكتب، في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 30 مليار دولار، ونحو 10 مليار دولار في اليابان، و تسع مليارات دولار في بريطانيا، وتبلغ مبيعات الكتب اجمالاً في كل انحاء العالم 88 مليار دولار، منها 1% فقط نصيب العالم العربي.
واذا ما القينا نظرة على القراءة الالكترونية فسنجد أننا في الوطن العربي تقريبا لا نقرأ الكتب الالكترونية او نتصفح مواقع الانترنت، فالانترنت قد يكون واقعه في الدول العربية أشد إيلاماً من واقع الكتاب مقارنة مع الدول المتقدمة، فمثلا الكاتب الأمريكي ستيفين كينج باع 41 ألف نسخة من روايته على النت خلال 15 ساعة من إصدارها، ولكن النشر الإلكتروني لا يكاد يذكر في الدول العربية الا على استحياء وخجل شديدين، ولا نكاد نسمع عنه شيئاً يذكر، بينما معدل ما يقضيه الطفل العربي امام التلفاز هو أعلى مما هو عنه لدى الطفل الامريكي والاوروبي .
تظهر أحدث الإحصاءات، أن الفرد الأوروبي الواحد يقرأ بمعدل 35 كتاباً في السنة، والفرد الإسرائيلي يقرأ 40 كتاباً في السنة، أما في الدول العربية فإنّ كل 80 شخصاً يقرأون كتاباً واحداً في السنة. وطبعا هذا متوسط الإحصاءات، بعبارة أخرى وحسب لغة الأرقام:

• 80 عربياً يقرأون كتاباً واحداً.

• أوروبي واحد يقرأ 35 كتاباً.

• إسرائيلي واحد يقرأ 40 كتاباً.

إذن، لكي يتم قراءة 35 كتاباً باللغة العربية، فإننا نحتاج إلى 2800 عربي، وهو

رقم 80 عربي × 35 كتاباً!

ولكي يتم قراءة 40 كتاباً، فإننا نحتاج إلى 3200 عربي، وهو رقم 80 عربي × 40 كتاباً!
النتيجة:
ـ ثقافة أوروبي واحد = ثقافة 2800 عربي

ـ ثقافة إسرائيلي واحد = ثقافة 3200 عربي

وحتى هذه الإحصائية لو كانت صحيحة، لكنا، نسبيا، بخير، لأن الأرقام التي تصدر عن دور النشر تشير إلى واقع أسوأ من ذلك بكثير.
وحسب إحصائية اليونسكو فإن الدول العربية أنتجت 6500 كتاب عام 1991، بالمقارنة مع 102000 كتاب في أمريكا الشمالية، و42000 كتاب في أمريكا اللاتينية والكاريبي. (تقرير التنمية البشرية لعام 2003).
وإذا كانت بيانات اتجاهات القراءة غير متوفرة في العالم العربي لغياب الإحصاءات الدقيقة، فإن الكتب الأكثر مبيعاً حسب معرض القاهرة الدولي للكتاب هي الكتب الدينية، تليها الكتب المصنفة بأنها تعليمية، ومن خلال المتابعة لأخبار معارض الكتاب في الدول العربية، فإن ترتيب الكتب الأكثر مبيعاً هي على النحو التالي: الكتب الدينية، كتب الطبخ، كتب الأبراج.
الترجمة:
عندما نعود إلى تقرير التنمية المذكور، فإن المعطيات التي يوردها حول الترجمة إلى اللغة العربية تبين بأن الدول العربية ككل هي في اسفل القائمة، إذ قال التقرير إن اليابان تترجم حوالي 30 مليون صفحة سنوياً. في حين أن ما يُترجم سنوياً في العالم العربي، هو حوالي خُمس ما يترجم في اليونان، والحصيلة الكلية لما ترجم إلى العربية منذ عصر المأمون إلى العصر الحالي 10000 كتاب، وهي تساوي ما تترجمه أسبانيا في سنة واحدة.
وتبين مقارنة أعداد الكتب المترجمة إلى اللغة العربية مع لغات أخرى سِعة الهوة بين العالم العربي بمجمله وبين أية دولة في العالم، ففي النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون، على مدى خمس سنوات هو 4.4 كتاب (أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة) بينما في هنغاريا كان الرقم 519 كتاب لكل مليون، وفي أسبانيا 920 كتاب لكل مليون.
إضافة لذلك، فحتى المقارنة العددية بين العناوين لا توضح بشكل كافٍ مدى بؤس الثقافة في العالم العربي، فعدد النسخ المطبوعة للعنوان هي ألف نسخة، وفي حالات خاصة، وعندما يكون المؤلف ذائع الصيت، فقد يبلغ عدد النسخ رقم 5000 نسخة، وبالتالي فإن المقارنة لا تكون صحيحة على أساس عدد العناوين التي تصدر بالعربية، طالما طبعة الكتاب الواحد في الغرب تتجاوز الخمسين ألف نسخة. ولهذا فنسبة كتاب واحد لكل ثمانين عربياً رقم لا يعبر عن الواقع، آخذين بعين الاعتبار ما جاء في المعطى التالي:
"كل 300 ألف عربي يقرأون كتاباً واحداً، ونصيب كل مليون عربي هو 30 كتاباً".
هذا الرقم الأدق يترجم إلى المعادلة التالية: ثقافة غربي واحد أو إسرائيلي واحد تساوي ثقافة مليون عربي.
ظلام الجهل الذي يعم العالم العربي لا يشمل ميدان عالم الكتاب فحسب، (تأليفاً وترجمةً وقراءةً)، بل يشمل حتى القدرة على القراءة والكتابة، ففي الوقت الذي صار فيه تعلم اللغات الأجنبية وإتقان التعامل مع أجهزة الحاسوب معياراً جديــداً للتعليم، فإن عدد الأميين في العالــم العربي وحسب ما صدر عن اليونسكو يبلغ (60) مليون من أصل (300) مليون، اضافة الى تقديرنا بأن عددا مماثلا لم يمضوا في المدرسة سوى سنوات تقل عن عدد اصابع اليد الواحدة، وهؤلاء لا يقرأون شيئا طوال حياتهم، مثلهم مثل الأميين الذين لا يعرفون القراءة البتة.
وتشير الاحصاءات والدراسات عن الأمية في العالم العربي أن التعليم الأساسي يحتاج إلى ست مليارات دولار سنوياً، وهذا رقم صغير بالمقارنة مع 1100 مليار تذهب إلى الإنفاق العسكري، و300 مليار إلى الإعلانات، و500 مليار ينفقها العرب على التبغ كل عامٍ.
هذه الأرقام، تُظهِرُ وضعاً مؤلماً تعاني منه الشعوب العربية، لا نفيه حقّه حتى إن وصفناه بالتخلّف الحضاري، والسؤال الذي ينتظر الإجابة:
هذه الشعوب التي لا تقرأ ـ وحتى لا تعرف القراءة ـ هل تستحق فعلاً أن تحلم بأن يكون لها دور في المستقبل، بينما لم تبلغ سن الطفولة الحضارية بعد؟ هل تحتاج هذه الشعوب حقاً إلى مؤامرة لتكون متخلفة؟ وأي تخلف أكثر من أن تعادل ثقافةُ مليون فردٍ في أمّةٍ ثقافةَ فردٍ واحدٍ في أمةٍ أخرى؟ بعد كل هذا، ألا يجدرُ بأولئك الذين لا يفتأون يتحدثون عن الأخطار والمؤامرات التي تهدد كيان «الأمة»، أن يتساءلوا: مَنْ يُشَكِّلُ خطراً على مَنْ؟
لماذا نقرأ
• نحن نقرأ لأن في القراءة متعة للنفس وغذاء للعقل، نقرأ لأن في القراءة إزالة لفوارق الزمان والمكان فنعيش في أعمار الناس جميعا ونعيش معهم أينما كانوا وأينما ذهبوا.
• نقرأ لأن القراءة سياحة العقل البشري بين رياض الحاضر وطلال الماضي، نقرأ لأن القراءة تنقلنا من عالم ضيق محدود الأفق إلى عالم آخر أوسع أفقا وأبدع غاية.
• القراءة لا تعترف بالفواصل الزمنية ولا بالحدود الجغرافية ولا بالفوارق الاجتماعية فيستطيع القارئ أن يعيش في كل العصور وفي كل الممالك والأمصار.
• نقرأ أوصاف الرحلات في مختلف أنحاء الأرض فيحملنا الكاتب إلى قمم الجبال ثم ينزل بنا إلى أعمق الوديان، يسير بنا بين المروج الخضراء ثم ينتقل بنا فجأة إلى الصحاري الجدباء ،وكأننا رفاقه لا يفصلنا طول الزمان ولا يحول بيننا وبينه بعد المكان.
• نحن بالقراءة نستطيع أن نخلق مع الكتاب والعلماء والمفكرين صداقة نحس فضلها ونشعر بوجودها، وهذه الصداقة تأخذ طابعا خاصا فالقارئ أخذ من صديقه المؤلف أحسن وأجمل ما عنده، لأن المؤلف يحرص على ان لا يكتب في كتابه إلا كل ما فيه فائدة أو توجيه، في حين أننا في صداقتنا العادية مكلفون ولا حيلة لنا في ذلك أن نسمع من أصدقائنا الذين نعيش معهم الطريف والجميل والقبيح والنافع والفاسد من أفكارهم وتخيلاتهم دون استئذان، فكأن القراءة تخلق نوعا من الصداقة وأعلى قيمة من صداقتنا العادية.
أهداف القراءة
• أهداف وظيفية: لمن يقرأ في صلب تخصصه وطبيعة عمله.
• أهداف تطويرية: وهي قراءة ما يصقل الشخصية ويعزز المواهب.
• أهداف ثقافية ومعرفية: مثل القراءة العامة للمعرفة والإطلاع وزيادة المخزون الثقافي.
• أهداف ترويحية: إذ القراءة بحد ذاتها إيناس للنفس فكيف إن كان المقروء من النوادر والملح والحكايات المستطرفة والأعاجيب؟
الأمية:
الأمية في اليابان اختفت منذ القرن التاسع عشر، ويلعب الكتاب دوراً بارزاً في حياة الفرد الياباني، فمؤسسات النشر اليابانية تصدر 35,000 عنواناً جديداً في كل سنة تقريباً، وتعتبر اليابان ثاني أعظم قوة صناعية في العالم، بينما معدل طباعة الكتاب في البلدان العربية والإسلامية لا يتجاوز 3,000 نسخة في العام، وإذا وصل الكتاب إلى 5,000 نسخة فيعتبر كتابا رائجا، ولا ننسى أن عدد سكان الأمة الإسلامية والعربية أكثر من مليار مسلم، وهذا عدد الكتب وليس الذين يقرأون.
ذات مرة سئل فولتير عمن سيقود الجنس البشري فقال: الذين يعرفون كيف يقرؤون ويكتبون.
يستطيع الإنسان أن يقرأ في الدقيقة (500) كلمة ، علماً أن البعض يستطيع أن يقرأ إلى حدود (900) كلمة لكن هذا نادر .
وأل (500) كلمة تساوي صفحتين من كتاب متوسط الحجم، أي أن الإنسان يستطيع في ساعة من الزمن أن يقرأ مقدار 120 صفحة، فإذا كان الكتاب المتوسط يبلغ 400 صفحة، فهذا يعني أنك تحتاج إلى ثلاث ساعات وعشرين دقيقة لقراءته، ولنفترض أنك تحتاج إلى أربع ساعات لقراءته فلو أعطيت كل يوم ساعة للقراءة لقرأت في كل أربعة أيام كتاباً، أي يمكنك ان تقرأ في السنة حوالي تسعين كتاباً .

"أعدت هذه المادة بالاعتماد على مواقع ألكترونية مختلفة، واحصاءات عربية ودولية"

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير