خطة الضم الإسرائيلية: العين على ما تبقى من الموارد الطبيعية الفلسطينية

11.07.2020 01:42 PM

رام الله- وطن- فراس الطويل: ما الذي سيتغير في حال نفذت دولة الاحتلال الإسرائيلي مخططها بضم أجزاء من الضفة الغربية خصوصا منطقة غور الأردن؟ وكيف ستؤثر هذه الخطة التي روّج لها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين ننتياهو كثيرا؟ ما هو مصير سلة غذاء فلسطين؟ وكيف سيُحكم الاحتلال قبضته على الموارد الطبيعية الفلسطينية؟ وكيف سيصبح شكل الصراع المائي؟ وماذا عن الاقتصاد الفلسطيني التابع أصلا للاقتصاد الإٍسرائيلي؟ أسئلة تحاول مجلة آفاق البيئة والتنمية إيجاد إجابات لها، من خلال خبراء مختصين في مجالات مختلفة، بالتزامن مع الموعد الذي حددته دولة الاحتلال لتنفيذ خطتها.

قطاع المياه: ستصبح المدن الفلسطينية زبائن لمحطات التحلية الإسرائيلية

في حال تم تنفيذ خطة الضم الإسرائيلية فإن قيام كيان فلسطيني مهما كان الاسم سيصبح عملية مستحيلة، وسيكون هذا الكيان في حال قيامه عبارة عن حديقة خلفية للاقتصاد الإسرائيلي، ومخزن للعمالة الرخيصة، ويصبح الشعب الفلسطيني زبوناً لدى شركات التحلية الإسرائيلية، وستُستغل المياه الفلسطينية لتكثيف الزراعة والصناعة في المستعمرات. هكذا لخص عبد الرحمن التميمي مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين أثر ما تسمى خطة الضم الإسرائيلية على قطاع المياه والحالة الفلسطينية عموماً.
حسب سلطة المياه الفلسطينية فإن إسرائيل تسيطر على 85% من المصادر المائية في الأراضي المحتلة. وفي حال تنفيذ ما يعرف بخطة الضم، فإن عواقب كارثية ستلحق بهذا القطاع بطريقة مباشرة ومنها حسب التميمي، حرمان الشعب الفلسطيني من مصادر مياه تقدر بنحو (70%) من الحوض الشرقي، أي ما يعادل 130 مليون متر مكعب. إضافة إلى حرمان الشعب الفلسطيني من مياه نهر الأردن بشكل كلي، وبذلك تفقد مناطق السلطة الفلسطينية (بغض النظر عن وضعها القانوني) حقها كدولة (أو حق الشعب) مشاطئةَ نهر الأردن، وهذا يحرمها من الانتفاع والتخزين. ولن يكون الطرف الفلسطيني شريكاً في أية مفاوضات قادمة بين إسرائيل والجانب العربي.

وتصل تبعات الضم لحرمان مناطق السلطة من حقها في الوصول إلى البحر الميت، وبالتالي ستفقد الحق في الانتفاع من الثروات الطبيعية والينابيع المحاذية لهذا البحر، المقدرة بنحو 70-90 مليون متر مكعب من المياه، كذلك حرمان الشعب الفلسطيني من ينابيع البحر الميت وخصوصاً نبع الفشخة.

ليس هذا فحسب يقول التميمي، بل ستطالب إسرائيل بعدم حجز مياه الأودية الشرقية، وستقوم بتخزينها كما هي الحال الآن في شمالي الأغوار. وستصبح المدن الفلسطينية زبائن لمحطات التحلية الإسرائيلية، في حين ستُخصص المياه الفلسطينية لخدمة زراعة المستعمرات.

ستختفي الزراعة المروية في فلسطين

وبالنسبة للتبعات غير المباشرة لعملية الضم، فإنها ستكون كارثية على قطاعات مختلفة خصوصا الزراعة، حيث سيُحرم الشعب الفلسطيني من نحو مليون دونم قابلة للزراعة تحت الري، وفق تقديرات عبد الرحمن التميمي. مضيفا: "ستمنع إسرائيل الفلسطينيين (شعباً أو كياناً) من الاستفادة من الأودية الشرقية بحجة أنها روافد لنهر الأردن، وستقيم سدوداً للاستفادة من جذر الأودية. إن ضم مصادر المياه في مناطق الأغوار سيؤثر بشكل كبير على كل آفاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصاً أن عملية تأمين الأمن الغذائي ستصبح مستحيلة عبر حرمان الشعب الفلسطيني من إمكانية التخطيط لبنية تحتية متكاملة للمياه والزراعة".
وتابع التميمي بالقول: "استغلال إسرائيل المياه الجوفية سيؤثر على التنمية المجتمعية، وسيصبح المزارعون الفلسطينيون عمالة في المستعمرات، وستكون السوق الفلسطينية مكاناً لتسويق إنتاج المستعمرات، وستختفي الزراعة المروية في فلسطين. وسيؤدي استنزاف إسرائيل المياه الجوفية أو الضخ المتزايد إلى تملّح الآبار الفلسطينية بسبب عدم عمقها وقدمها ولا سيما في منطقة الأغوار. وستُستغل المياه الفلسطينية لتكثيف الزراعة في المستعمرات".

خطة الضم تشمل 1812 كيلومتراً مربعاً من أراضي الضفة

يرى معهد أريج للبحوث التطبيقية أن مساحة الأراضي التي سوف يتم قضمها من أراضي الضفة استنادا لصفقة القرن، وضمها لإسرائيل تصل الى 1812 كيلومتراً مربعاً، وتتضمن منطقة العزل الشرقية: أراضي الأغوار والأراضي المحاذية للبحر الميت ومنطقة العزل الغربية وهي الأراضي الواقعة بين جدار الفصل العنصري والخط الأخضر بما في ذلك "المنطقة الحرام ـ غرب القدس" والمعازل الاستيطانية في ممرات الربط بين شرق وغرب الضفة.

وأضاف مدير المعهد جاد إسحق:" فيما يخص المعازل الاستيطانية، في ممرات الربط بين الشرق والغرب، فيبلغ عدد المستوطنات فيها: 16 مستوطنة يقطنها 15 ألف مستوطن، وتحتل ما مساحته 19500 دونم. وأبرز ما تضمنته الخطة الأميركية فيما يخص المعازل الاستيطانية: سيكون المستوطنون الموجودون في "جيوب" داخل الأراضي الفلسطينية المجاورة، هم جزء من إسرائيل، ولهم خيار البقاء في أماكن سكنهم إلا إذا اختاروا غير ذلك. كما سيكون لدى المستوطنين طرق وصول تربطهم بدولة إسرائيل. وسيخضعون للإدارة المدنية الإسرائيلية، بما في ذلك تقسيم المناطق والتخطيط، داخل المناطق الفلسطينية المحتلة. ولن يتم التمييز ضدهم وسيكون لديهم حماية أمنية مناسبة. وستخضع هذه "الجيوب وطرق الوصول" إلى المسؤولية الأمنية الإسرائيلية".

وستتحول الضفة الغربية إلى معازل حيث يوجد فيها وفق معهد أريج، 23 كيلومترا مربعا من المساحة المصنفة "ب" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي ضمن 33 تجمعاً فلسطينيا سوف تصبح في معزل، ما سيرفع الكثافة السكانية فيها الى 4,470 شخص/كم مربع، إضافة الى 52 تجمعا فلسطينيا بتعداد سكاني يزيد على 1600 فلسطيني في منطقة "ج" سوف تصبح في معزل أيضا. كما سيتم عزل 20 تجمعاً فلسطينيا في القدس الشرقية (داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس التي تم ضمها بشكل غير قانوني وأحادي الجانب عقب احتلال العام 1967) بتعداد سكاني يصل إلى 281,000 فلسطيني، إضافة الى 56 تجمعا بدويا بتعداد سكاني يزيد على 5600 فلسطيني حيث انه بالمحصلة، سوف يتم عزل ما يزيد على 400،000 فلسطيني يعيشون في 105 تجمعات فلسطينية و56 تجمعا بدوياً.

وبالنسبة للقدس، أوضح اسحق أن الخطة الأميركية جاءت لتلغي الوضع القائم فيها، وتسهل الفصل الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، وستتيح هذه الخطة للمقدسيين القاطنين ما وراء خط الهدنة للعام 1949، وداخل جدار الفصل العنصري، لاختيار واحد من ثلاثة خيارات: أن يصبحوا "مواطنين" في إسرائيل، أن يصبحوا مواطنين في دولة فلسطين. الاحتفاظ بوضعهم كمقيمين دائمين في إسرائيل".

تقرير أممي: إسرائيل تسلب الفلسطينيين حقهم في التنمية

قال خبير أممي إن استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، هو انتهاك مباشر لمسؤولياتها القانونية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال. وأضاف مايكل لينك المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة: "بالنسبة لنحو خمسة ملايين فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال، فإن تدهور إمدادات المياه الخاصة بهم واستغلال مواردهم الطبيعية وتشويه بيئتهم، كلها أعراض لغياب أي سيطرة ذات مغزى على حياتهم اليومية."
وأثناء تقديمه تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف العام الماضي حول "أثر الاحتلال على البيئة والموارد الطبيعية"، قال لينك إن سياسة إسرائيل المتمثلة في الاستيلاء على الموارد الطبيعية الفلسطينية وإهمال البيئة، يسلب الفلسطينيين موارد حيوية مهمة، كما يعني عدم قدرتهم على التمتع بحقهم في التنمية.

وأضاف مايكل لينك أن نهج إسرائيل تجاه الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة يتمثل في استخدام تلك الموارد كما تستخدم دولة ذات سيادة مواردها، ويترتب على ذلك عواقب تمييزية بشكل واسع. وذكر التقرير أن من يعيشون تحت الاحتلال يجب أن يتمكنوا من التمتع بكافة حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي، من أجل حماية سيادتهم على ثروتهم الطبيعية.
ولكن المُقرر الخاص؛ قال إن الممارسات الإسرائيلية فيما يتعلق بالماء واستخراج الموارد الأخرى ومسألة حماية البيئة، تثير القلق البالغ. وأشار أيضاً إلى إن الثروة الطبيعية والمعدنية من البحر الميت، الذي يوجد جزء منه في الأرض الفلسطينية المحتلة (عام 1967)، تستغل من قبل إسرائيل لمصلحتها الخاصة فيما يُحرم الفلسطينيون من الوصول لتلك الموارد. وأعرب الخبير الأممي عن القلق البالغ بشأن ممارسة إسرائيل المتعلقة بإلقاء مواد خطرة في مناطق بالضفة الغربية.

وفي حال تنفيذ خطة الضم سواء بشكل كلي أو تدريجي، فإن التبعات لسيطرة الاحتلال على الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية ستتعاظم، ويصبح من المستحيل الحديث عن أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، وسيصبح الفلسطينيون أكثر تبعية للاحتلال في كل جوانب حياتهم. ومن المؤكد أن التقرير الأممي في المرة القادمة لن يتوقف عند التبعات المذكورة.
ومن هنا، تعود مرة أخرى إلى الواجهة أهمية الدعوات إلى تبني استرايجية فلسطينية موحدة في مقاومة الاحتلال وبناء اقتصاد مقاوم، يزيد من قدرة الناس على مقاومة المشاريع التي تستهدف أرضها.

في حال نفّذت دولة الاحتلال الإسرائيلي مخططها بضم أجزاء من الضفة الغربية خصوصا منطقة غور الأردن، فما الذي سيتغير؟ وكيف ستؤثر هذه الخطة التي روج لها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين ننتياهو كثيرا؟ ما هو مصير سلة غذاء فلسطين؟ وكيف سيحكم الاحتلال قبضته على الموارد الطبيعية الفلسطينية؟ وكيف سيصبح شكل الصراع المائي؟ وماذا عن الاقتصاد الفلسطيني التابع أصلا للاقتصاد الإٍسرائيلي؟ أسئلة تحاول المجلة إيجاد إجابات لها، من خلال خبراء مختصين في مجالات مختلفة، بالتزامن مع الموعد الذي حددته دولة الاحتلال لتنفيذ خطتها.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير