أسماء سلامة تكتب لـوطن: العام الدراسي الجديد ليس ببعيد

03.07.2020 11:25 AM

لم يتم الإعلان رسمياً بعد عن انتهاء العام الدراسي 2019/2020 ، مع أن لا بوادر على استئناف الدراسة في الأفق ، مع ازدياد أعداد الإصابات في مختلف المحافظات ، تم الانتهاء من تقديم امتحان الثانوية العامة ، ولم تعلن النتائج بعد ، وأصبح جلً الاهتمام الآن فيما يتعلق بالتعليم ، بداية العام الدراسي القادم ، العديد من التساؤلات والشكوك تدور بين الأهالي والطلاب والعاملين في قطاع التعليم كافة . كيف سيبدأ العام الدراسي ومتى ؟ كيف سيتم تعليم أبنائنا مع الحفاظ على سلامتهم ، ما هي خطط وزارة التربية والتعليم في ظل الجائحة ، مستقبل أولادنا على المحك ...

إن خطورة العودة للتعليم النظامي تكمن في الاكتظاظ المعروف عن الغرف الصفية حيث لا يقل عدد الشعبة في أحسن الظروف عن 30 طالب / طالبة ، في المدارس الحكومية التي تضم الغالبية العظمى من أبنائنا ، ومدارس وكالة الغوث ، كذلك الاحتكاك المباشر بين الطلبة في الغرف الصفية والساحات ، والمعلمين أيضاً .. والأمر ليس بالمختلف بشكل كبير في المدارس الخاصة ، فكيف سيكون وضع التعليم في العام الجديد ..

أن يكون التعليم الالكتروني البديل الكامل للتعليم النظامي ليس بالأمر الذي يشجعه ويقبله أولياء الأمور ، ولا حتى المعلمين  ، وذلك  بعد التجربة خلال ما تبقى من الفصل الدراسي الثاني ، في العام الحالي .. لم تكن التجربة ناجحة بشكل يجعلنا نستقر على رأي التوجه للتعليم الالكتروني ، خاصة في الصفوف الدنيا ( من الأول وحتى الرابع الأساسي على الأقل ) حيث أن الطفل في هذه العمر في طور التأسيس وبحاجة للمتابعة عن قرب ( وجهاً لوجه) ، بحاجة لنشاطات لامنهجية ترسخ المعلومة ، بحاجة لجو من الانضباط  والنظام ، وهذا لا يمكن أن يتحقق في بيئة المنزل ، مع أطفال يميلون للعب والحركة الدائمة ، ويعتبرون الأجهزة الالكترونية وسيلة الترفيه الأولى ( خاصة بعد أشهر من البقاء في المنزل معظم الأوقات ) .. وهو ما ينطبق أيضاً بدرجات متفاوتة على باقي المراحل .

فما هو البديل .. إن لم يكن التعليم النظامي الكامل ممكناً ولا التعليم الالكتروني الكامل ناجحاً .. هل سيكون مزيج من النوعين ممكناً ومقبولاً وكافياً ؟؟

لابد أن وزارة التربية والتعليم ، وبعد الانتهاء من امتحانات الثانوية العامة التي كانت على رأس الأولويات ، تعمل بكامل طاقمها على إيجاد الحلول المناسبة لاستمرار العملية التعليمية مع الحفاظ على سلامة الطلبة والعاملين على حد سواء ، وهي مسؤولية كبيرة جداً ، وتحتاج لمنتهى الحرص لأنها لا تحتمل الأخطاء ، فالنتائج ستكون بكل الاتجاهات كارثية ، سواء على صعيد انتقال العدوى وانتشار الفيروس ، أو المغامرة بمستقبل أبنائنا ، نقف إلى جانب الوزارة ونقدم الدعم الكامل لتلك الجهود ، ونأمل أن تصل إلى النتيجة التي تحمي الطلبة وتكفل استمرار التعلم والتعليم بالطريقة الصحيحة ، دون إغفال أي من الجوانب الجوهرية في تلك الخطط مهما كانت ..

اعتماد التعليم الالكتروني بشكل كلي أو جزئي  في ظل كورونا ، تحتاج لأدوات خاصة لإنجاحه ، بداية الأدوات الضرورية ( الاتصال بشبكة الإنترنت ، الأجهزة الضرورية – حاسوب محمول وما شابه - ) ، قدرة الطلبة على استخدام البرامج المستخدمة في التعليم عن بعد ، وقدرة المعلم أيضاً ، ملاءمة المنهاج لهذا النوع من التعليم ، حيث أن المناهج الحالية مصممة لنوع التعليم الوجاهي ، كما أن بعض المواد لا أستوعب إمكانية شرح المادة فيها عن بعد ، كمواد التربية الإسلامية ، والتاريخ ،  لذلك لا أعتقد أن تعليم هذه المواد وفق المناهج الحالية سيكون ناجحاً عن بعد ...  فهل ستقوم الوزارة بأخذ كل ما ذكر بعين الاعتبار عند اعتماد التعليم عن بعد للعام القادوم ، وهل سنشهد تغييراً على المناهج التعليمية لكل المراحل . وكيف ستقوم بربط الطلبة الذين لا تتوفر الإمكانيات لذويهم لتوفير شبكة الانترنت والأجهزة الالكترونية اللازمة ؟؟

العديد من الأمور المتداخلة التي لابد من وضعها قيد الدراسة قبل التوجه إلى التعليم الالكتروني ، لا يكفي أن نقول أن التجربة السابقة ناجحة ، لأنها لم تنجح ، كانت تجربة مفاجئة ودون تخطيط ودراسة ، ولكنها لم تؤت أكلها على الإطلاق ، بل وضعت الأهالي والطلبة في جو من الارتباك والضغط ، ولم يتم التعاطي معها من قبل كافة المعلمين والطلبة على محمل الجد ، وبكل صراحة هناك فئة من المعلمين لم يتواصلوا على الإطلاق مع طلابهم خلال فترة اللجوء للتعليم عن بعد ، ليس فقط من باب التقصير بل لأنهم لا يجيدون استخدام هذه التكنولوجيا الحديثة ، ولا رغبة لديهم في تعلّمها ..كذلك الحال بالنسبة للطلبة الذين تهربوا من متابعة بعض الدروس الكترونيا وكانت المسؤولية بالكامل على الأهالي في المتابعة ومحاولة الزام ابنائهم وضبطهم .

من المتوقع بناء على الظروف الراهنة والزيادة الكبيرة في أعداد الإصابات اليومية ، أن لا يتم الإقدام على إعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة ، لما فيه من نتائج وخيمة على نقل العدوى ، ولكننا نأمل أن يكون البديل متوافقاً مع واقع الحياة في فلسطين ، ومناسباً لكافة شرائح المجتمع ، فالتعليم حق للجميع ولا يمكن أن يحرم منه أي طفل لأي سبب من الأسباب خاصة إن كانت خارجة عن إرادة أهله وفوق قدراتهم وطاقاتهم .

المرجو من وزارة التربية والتعليم أن تتعامل مع العام الدراسي الجديد وفق خطة طوارئ شاملة ... دوام طوارئ .. جدول طوارئ .. منهاج طوارئ .. وآلية تعليم تضمن الاستفادة والسلامة لكل الطلبة والهيئات التدريسية .. قد يكون خيار توزيع الصفوف الدراسية لمجموعتين لتجنب الاكتظاظ فيها .. وتداول الدوام لثلاثة أيام اسبوعيا ( مع دوام السبت ) .. بمعدل أربع حصص فقط تبعا لمنهاج جديد مكثف .. دون وجود لاستراحة ( الفرصة) مع تقصير مدة الحصة الدراسية .. والمتابعة الالكترونية خلال الثلاثة أيام المتبقية .. التركيز على ما يحتاجه الطالب فعلا للمراحل القادمة من معلومات في مختلف المواد . مع الحرص على فحص الحرارة للطلبة صباحا وتعقيم الغرف الصفية والمرافق المختلفة  بشكل يومي . سيكون هذا عبئا على المعلمين بالطبع .. ولكن بدل خمسة أيام دوام لما بعد الساعة الواحدة مع جدول من ثمان حصص ، سيكون لستة أيام للساعة الحادية عشرة باربع حصص ...

وقد يكون هذا العام بظروفه المختلفة عن المتعارف عليه.. فرصة للبدء باستحداث نظام بديل لنظام الثانوية العامة من حيث المباحث المطلوبة من كل فرع والية التقييم وقياس المستوى وعقد الامتحانات ..

نتمنى أن لا تصيبنا الصدمة من خطة وزارة التربية والتعليم للعام القادم .. وأن لا يدفع أبناؤنا ثمن تجربة غير معروفة الملامح بعد ..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير