حمدي فرّاج يكتب لـوطن: عن المؤتمر الصحفي التصالحي والسمكات الثلاث

03.07.2020 07:49 AM

 

المؤتمر الصحفي بين حركة فتح ممثلة بأمين سرها جبريل الرجوب و بين حماس ممثلة بنائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري ، أثلج الصدر الفلسطيني ، وفتح الباب امام البارقة التي ظن البعض انه موصد "بالضبة والمفتاح" ، والمفتاح في العب الاسرائيلي ، لن يخرجه تحت اي ظرف . ولهذا ، رغم الايجابيات العديدة للمؤتمر التصالحي ، فهناك الكثير من الشكوك والمشككين ، وهذا امر مشروع ، وفي الاصل فإن المشككين الحريصين هم المفكرون ، وفق الفيلسوف الفرنسي ديكارت : أنا أشك فأنا أفكر .

علينا ان لا نقلل من قيمة هذا المؤتمر ، دون ان نغالي في تبعاته ، فهو مجرد مؤتمر صحفي نتطلع ان يفتح الباب امام قضايا جوهرية أخرى ، كأن تتم المصالحة رسميا ويتمثل الجميع في منظمة التحرير الفلسطينية دون تأخر وتلكؤ ، من على شاكلة انتظار الانتخابات في الداخل والقدس والشتات ، اعادة العمل بالمجلس التشريعي لاضفاء صبغة الشرعية على القوانين ، اعادة بنود الميثاق الوطني ، عدم اعتقال المناضلين والمقاومين تحت تبريرات كانت وما زالت واهية .

المؤتمر الصحفي لن يكفي لقبر مشروع الضم المتكون في رحم صفقة القرن التي أتت على القدس وعلى حق عودة اللاجئين وعلى شرعية المستوطنات ، وكل واحدة من هذه القضايا ليست بأقل أهمية من قضية الضم ، لا ولا الأغوار اقل اهمية من القدس ، ناهيك ان ما بعد الضم سيكون اكثر اهمية وخطورة من الضم ذاته ، انه الترحيل الى الاردن "الوطن البديل" ، فماذا يتبقى للشعب الفلسطيني بعد كل هذا النضال الطويل ؟ وما قيمة بقاء فتح وحماس وغيرهما من الفصائل بعد ذلك ؟

الخطوة التالية من تطور "المؤتمر" ، هي التي تحسمها الخطوة التالية اسرائيليا إزاء الضم ، وفلسطينيا ازاء النضال والمقاومة ، إذ يرى البعض ان "المؤتمر" هو اداة ضغط جديدة على اسرائيل لكي تتراجع عن قرارها ، و ما استحضار المناضل ايمن عودة الا من هذا الباب . لا بأس ، ولكن هذا لن يغير كثيرا في حقيقة نوايا الاسرائيليين بالمجمل تجاه الغور والبحر والمستوطنات ، ولن يعطي المراهنين على السلام دولتهم المستقلة التي لطالما حلموا وحلمنا معهم في تحقيقها . إن هؤلاء "المراهنين" هم اقدر الناس اليوم على استنتاج واستشفاف ما الذي يطبخه الاسرائيليون على نارهم ، لأنهم فاوضوهم ربع قرن ، فما الذي تحقق ، غير سلطة "بلا سلطة"بالكاد تستطيع صرف مرتبات موظفيها .

يقال ان صيادا عجز عن صيد سمكة يعود لابنائه بها ثلاثة ايام ، ثم ظهرت له ثلاث سمكات في الجدول المجاور للنهر ، سر كثيرا بالمصيد ، فقط التقط حجرا كبيرا ليسد به عليها الطريق ، السمكة الذكية رأته وهو قادما بالحجر بين يديه ففرت الى النهر ، (عرفت الخطر قبل وقوعه) الثانية متوسطة الذكاء ، تماوتت بعد ان سد المنفذ ، فالتقطها ووضعها في سلته ، فما كان منها الا ان قفزت الى النهر ، (غامرت) . الثالثة الغبية ، امسكها بيديه حتى تأكد انها لفظت انفاسها وعاد بها الى اطفاله .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير