الخامس من حزيران عام 1967

06.06.2020 10:23 AM

كتبت: سلوى جراح

كنت في السنة الثانية من الدراسة الجامعية في بغداد، يوم قالوا قامت الحرب.. ويوم غنينا "يا أهلاً بالمعارك يا بخت مين يشارك".. صاحت أمي وهي تستمع للأخبار والأناشيد الحماسية: "لن نذهب لبيروت لزيارة الأهل هذا الصيف سنعود لعكا".

عكا يمه؟ آه عكا.. بيت أبوي نجم الدين جراح شيخ بندر التجار لسه موجود.. أبتسم.

أستمع للراديو للأناشيد.. عبد الوهاب يغني" كل أخ عربي لأخيه صلات دم وجوار وكفاحنا وحده نبي كان أب الأحرار" وأخبار من  صوت يلعلع في الراديو يعد بالنصر والعودة لحيفا ويافا وطبرية واللد والرملة، والقدس التي كان لنا فيها حصة الأسد.

يمر يوم ويوم ويوم والراديو ما زال مصدر البشائر .. رغم ذلك أبي قلق من عدم تحقيق نصر حقيقي.. يزوره صديق عسكري عراقي متقاعد ويشرح له معنى التراجع الاستراتيجي: "الجيش يحتاج للتراجع قليلاً ليشكل ما يعرف بلغة العلوم العسكرية بالكماشة، أي الانقضاض على العدو من ثلاثة محاور لسحقه وارغامه على التراجع.".. يفرح أبي.

يمر يوم ويوم ويوم وتنتهي الحرب..  خسرنا الحرب والأرض ومات الشباب وبكت الأمهات ودخلت إسرائيل الضفة وغزة والجولان وسيناء.. بكينا حزنا..  واستنا فيروز وغنت للقدس والسيف الذي سيشهر، وغنى عبد الحليم عن الأرض التي طبع المسيح عليها قدمه، وطيبت خاطرنا الست بالبندقية التي أصبحت عندنا..

رغم ذلك لم ينس جيلي حزن تلك الأيام ولا كل تلك الأغاني أو الصور الجديدة لهجرة فلسطينية جديدة  ونكسة فلسطينية بعد تسع عشرة سنة على النكبة.
تساءلت يومها كيف ينتكس المنكوب؟ اليوم أعرف كيف يحدث ذلك بالضبط.

*صورة الغلاف: أبي يحملني في بيت جدي نجم الدين جراح في عكا  سنة 1947

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير