"الموساد" رأس حربة التطبيع والهدف من تطوّر العلاقات والتدرج بتظهيرها للعلن هو الدفع باتجّاه التعامل مع إسرائيل كدولة طبيعية!

26.05.2020 05:30 PM

وطن-رأي اليوم-زهير أندراوس:

نقلاً عن مصادر سياسيّة وأمنيّة رفيعة في تل أبيب، قالت صحيفة (معاريف) الإسرائيليّة إنّه خلال ولاية تامير باردو كرئيسٍ للموساد تعزز التعاون الوثيق مع أجهزة استخبارات صديقة للموساد، في دولٍ قريبةٍ وبعيدةٍ، على خلفية وجود مصالح مشتركة للجم التمدد الإيرانيّ، وأيضًا العمل على وقف برنامجها النوويّ وسعيها للهيمنة في المنطقة، كذلك حاول الموساد، بحسب المصادر عينها، من خلال هذا التعاون إضعاف تنظيم (داعش) الإرهابيّ عند حدود إسرائيل في سوريّة ومصر وضرب تواجد تنظيم القاعدة، المتمثل بجبهة النصرة في الجزء المُحرر من هضبة الجولان العربيّة السوريّة، المتاخمة لخط وقف إطلاق النار، كما قالت المصادر التي اعتمدت عليها الصحيفة العبريّة.

مُضافًا إلى ذلك، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيليّة خبرًا مفاده أنّ باردو سافر إلى إحدى الدول العربيّة المُهّمة، والتي لا تُقيم علاقات دبلوماسيّة مع إسرائيل، واجتمع هناك إلى نظيره العربيّ، ذلك أنّ الموساد يرى بعين واحدةٍ ما تراه الدول العربيّة المُعتدلة، وفق المعجم الصهيونيّ، بأنّ إيران هي العدو المُشترك، وبالتالي ليس مفاجئًا أنْ تحتل إيران رأس قائمة أهداف الموساد، ويليها في المرتبة حزب الله، خاصّةً أنّ ترتيب الأولويات الأمنيّة يتبع لتحديد المؤسسة الإسرائيلية منابع التهديدات الإستراتيجيّة المحدقة بإسرائيل، كذلك يوجد شِبه إجماعٍ بين مختلف أطياف المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، بأنّ إيران وحزب الله يشكلان التهديد الاستراتيجيّ على إسرائيل وأمنها، برغم وجود بعض الخلافات حول كيفية مواجهة هذه التهديدات، والإستراتيجيّة الواجب اعتمادها في هذا المجال.

مُضافًا إلى ذلك، ليس مفاجئًا الحديث عن أن ما ميّز ولاية باردو تعزيز مستوى التعاون الأمني مع أجهزة استخبارات صديقة، في دولٍ قريبةٍ وبعيدةٍ، من أجل مواجهة إيران. بل لم يعد مفاجئًا لو كشف لاحقًا عن عمليات تنسيق عملانية جرت بين هذه الأطراف، ضدّ طهران وحزب الله، وتحديدًا أنّ المرحلة العلنيّة من الاتصالات والرسائل السياسية المتبادلة وصلت إلى مستوىً كافٍ للكشف عمّا تحقق على مستوى العلاقات السرية.

ويكشف المسار العّام الذي يحكم أداء العديد من الدول العربية، وتحديدًا الخليجية، أنّ الهدف لتطور العلاقات والتدرج في تظهيرها إلى العلن، هو الدفع باتجاه التعامل مع إسرائيل كأنها دولةً طبيعيّةً في المنطقة لها الحق في الوجود والأمن، متجاوزة حقيقة أنّها قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي جرى تهجيره في بلاد العالم، بل يأتي ذلك تأسيسًا لمرحلة أرقى يعبرون عنها في إسرائيل بوضوح، عبر نسج تحالفات مع دولٍ عربيّةٍ في مواجهة التهديدات المشتركة.

وضمن هذا الإطار، يأتي ما ذكرته صحيفة (معاريف) عن أنّ إيران كانت ولا تزال العدوّ رقم واحد والهدف الأول، يليها حزب الله، مُضيفةً أنّ تحت قيادة دغان كان يركز أكثر على اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، اغتيال خمسة منهم، أمّا في ولاية باردو، فاغتيل عالم إيراني واحد، ومع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أنّ مسلسل الاغتيالات لا يعني أنّه انتهى، في حال توافُر الفرص لذلك، فيما توضح (معاريف) أنّ الموساد ركّز في المدة الأخيرة أكثر على الحرب الإلكترونية، وتحديدًا زرع فيروسات إلكترونية في المنظومة المحوسبة لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، على حدّ تعبير المصادر في تل أبيب.

وأضافت أنّ الموساد يدفع نحو مزيد من تعزيز علاقاته بأجهزة استخبارات صديقة، على خلفية مواجهة التهديدات المشتركة المتمثلة بإيران وبرنامجها النووي وهيمنتها في المنطقة. كذلك يأتي ذلك امتدادًا للعلاقات التي كانت قائمة في مرحلة ما قبل ولاية باردو.

ونشرت (معاريف) أقوالاً أقوال أدلى بها الرئيس السابق للموساد، تامير باردو، خلال لقاء مع رجال أعمال، وصرح فيها بأنّ إيران لا تُشكّل تهديدًا وجوديًا على إسرائيل، وهو ما يتعارض مع السياسة الدعائية التي تعتمدها تل أبيب في مواجهة محاولات السداسية الدولية للتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، كما قال باردو إنّ التهديد الجوهري هو غياب حلٍّ للصراع الإسرائيليّ- الفلسطينيّ، على حدّ تعبيره.

ومن الأهمية بمكان الإشارة في هذه العُجالة إلى أنّه في زمن الـ”كورونا”، تمّ تكليف الموساد الإسرائيليّ من قبل حكومة بنيامين نتنياهو بـ”شراء” أجهزة تنفّس اصطناعيّ وأدوات لإجراء الفحوصات في المُختبر للكشف عن الإصابة بالفيروس، وبحسب تقارير إسرائيليّةٍ وغربيّةٍ لم تؤكّدها إسرائيل ولم تنفِها، فقد تمّ التعاون مع دولٍ خليجيّةٍ لتنفيذ المُهّمة، مُهّمة الموساد، التي تكللت بالنجاح، وهذا الأمر يؤكِّد المؤكَّد: الموساد هو رأس حربة الحكومة الإسرائيليّة في التطبيع مع الدول العربيّة، علمًا أنّ الجهاز السريّ يتلقّى تعليماته مُباشرةً من رئيس الوزراء فقط.
 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير