حوار بين الجامعات الفلسطينية في ظل جائحة كورونا

26.05.2020 01:10 PM


كتب: د.طارق المبروك
عضو هيئة تدريس في جامعة القدس المفتوحة - فرع طولكرم

واجهت الجامعات المنتشرة في جميع دول العالم عقبات عديدة لاستكمال العام الدراسي في ظل انتشار وتفشي الفيروس الفتاك كورونا، حيث ان معظم هذه الجامعات كانت على أبواب الامتحانات النهائية أو في منتصف الفصل الدراسي الثاني، والكل يعلم بأن الجامعات تنتهج أكثر من طريقة وأسلوب في التعليم؛ فهناك التعليم المقيم، التعليم المفتوح، التعليم المدج، التعليم عن بعد، بالإضافة الى بعض الجامعات التي تزاوج ما بين أكثر من أسلوب من هذه الطرق التعليمية الحديثة.

والجامعات الفلسطينية لم تكن بأحسن حال من بقية الجامعات العالمية، خصوصاً بعد إعلان حالة الطوارئ في فلسطين مبكراُ وإغلاق كافة المؤسسات العامة والخاصة، حيث كانت فلسطين أشبه بحالة منع التجوال وشلل الحياة فيها حفاظاً على أرواح المواطنين وللحد من انتشار هذا الوباء.

والسؤال الذي شغل بال إدارات الجامعات الفلسطينية هو: ما هي الحلول المناسبة لإنقاذ العام الدراسي في ظل الزحف المتسارع الواسع لهذا الفيروس الذي شغل بال الرئيس والمرؤوس والغني والفقير والشيخ والشاب والطفل؟ هل ستدخل الجامعات مرحلة المخاطرة لإنهاء الفصل الدراسي؟ هل الجامعات الفلسطينية جاهزة لهذه المخاطرة؟ ما مدى إمكانياتها المادية والفنية والإدارية وجاهزيتها لمثل هذه الظروف للخروج من هذا الامر بسلام؟ تأجيل الفصل...؛ الإكتفاء بما تم إنجازه خلال الفصل واعتماده...، تطبيق أساليب تعليمية حديثة لاستكمال الفصل في ظل عدم قدرة الطلبة من الوصول إلى الجامعات ؛؛؛.

بعد جولات من الاجتماعات والإستشارات وتدخلات وزارة التعليم العالي الفلسطيني بضرورة إحتواء هذه المرحلة الحرجة لإنهاء الفصل الدراسي، كان القرار الوزاري الذي أجمعت عليه كافة الجامعات الفلسطيني بتطبيقه، ألا وهو التوجه للتعليم الإلكتروني، بغض النظر عن الإمكانات المتوفرة في الجامعات لتطبيق هذا النمط من التعليم مع منح الجامعات مساحة كافية في تطبيق هذا النمط ضمن إمكاناتها المتوفرة، وللخروج من المأزق كان قرار الجامعات الفلسطينية باعتماد نتيجة ناجح أو راسب بدل العلامات، مع التواصل مع الطلبة من خلال بعض الانماط المتوفرة لدى الجامعات، باستثناء جامعة القدس المفتوحة التي كان لها رأي آخر لتنبني هذا النمط من التعليم مع اعتماد نظام العلامات كما هو متبع قبل الجائحة، لأسباب عديدة أهمها؛ تبني الجامعة لنمط التعليم المدمج وهي الجامعة الوحيدة في فلسطين تتبنى هذا النمط، الإمكانات الفنية والتقنية والحاسوبية المتوفرة في الجامعة من خلال وجود مركز تكنولوجيا المعلومات والتي أثبت تفوقه على مستوى الجامعات الفلسطينية بل كبرى مؤسسات الوطن، وجود الكادر الفني المتخصص والقادر على التعامل مع الازمات لحظة بلحظة، فضائية القدس التعليمية التابعة للجامعة، وتجلى دورها هذا بتقديم المحاضرات لطلاب الجامعة بالإضافة الى التواصل مع طلبة التوجيهي ببث الدروس لطلبة التوجيهي من خلال الفضائية وضمن اتفاقية مع وزارة التربية والتعليم، جاهزية الجامعة في توظيف انماط متعددة من التعليم الإلكتروني من خلال التقنيات المتطورة المستخدمة بالجامعة عبر تواصل أعضاء هيئة التدريس مع الطلبة باتجاهين وليس اتجاه واحد، توفير تقنية التواصل ما بين الجامعة وطلبتها ضمن العديد من الوسائل المتاحة ومن أهمها الأجهزة الخلوية وتجلى ذلك من خلال تقديم العديد من الطلبة للإمتحانات أثناء تاديتهم واجبهم الوطني خصوصاُ على حواجز المحبة والعاملين في وزارة الصحة، هذا بالاضافة الى انتشار الجامعة في كافة أنحاء الوطن وبشقيه.

وكان قرار التحدي بعقد الأنشطة والامتحانات إلكترونياُ بطريقة ونمط يختلف عن كل الجامعات الفلسطينية، وفعلاُ اختتمت الفصل الدراسي بنجاح باهر متميز، وبنتائج لا تختلف كثيرا عن النتائج التي كانت تظهر قبل استخدام هذا النمط وظهور فيروس كورونا، وسجلت الجامعة إنجازا وطنيا بامتياز شهد له الجميع، بل وبثقة مطلقة ودون تردد تم الإعلان عن البدء بالتسجيل للفصل الصيفي وبهذا النمط الذي نجح دون عقبات تذكر.والسؤال المطروح الآن، هل ستكون تجربة جامعة القدس المفتوحة مثالا ونهجا للجامعات الفلسطينية الأخرى، مع التأكيد بعدم الإنتقاص مما تم إنجازه في هذه المرحلة في الجامعات الفلسطينية للوصول الى إنهاء الفصل الدراسي بنجاح، إذا نظرنا لهذا الإنجاز الذي يٌعد إنجازا للمنظومة التعليمية في فلسطين وبعيداُ عن التنافس وبروح رياضية ومصلحة وطنية عليا، نقول بأن جامعة القدس المفتوحة وتجربتها الرائدة في هذا المضمار ونجاحها بهذه المخرجات التي تكاثف فيها كافة أركان الجامعة؛ إدارة الجامعة القادرة على اتخاذ القرارات في ظل الازمات بطريقة علمية وممنهجة، الفنيين الذين واصلوا الليل بالنهار لتذليل كافة العقبات وتسخير الإمكانات المتوفرة في الجامعة، أعضاء هيئة التدريس الذين كان لهم الدور الأساسي والمحوري في نجاح هذه التجربة نتيجة الخبرات المتراكمة لديهم وجهدهم المتواصل خلال هذه الفترة، والطلاب الذين استقبلوا الفكرة بسهولة ويسر، فنرفع القبعة لجامعة القدس المفتوحة بكافة مكوناتها وأركانها.
وليبقى الحوار ما بين الجامعات لتطوير أساليب التدريس والتعلم بجودة وكفاءة وفعالية للوصول إلى مخرجات تتلاءم أهدافها والمراحل التي نعيشها، ولتكن جامعة القدس المفتوحة جامعة الوطن جامعة منظمة التحرير الفلسطينية ضمن خبراتها الإدارية والاكاديمية والفنية وإمكاناتها التقنية نموذج وتجربة رائدة للتعليم الإلكتروني والمدمج لكافة جامعات فلسطين، شكراٌ جامعات الوطن الحبيب.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير