العالم يتغير فعلينا أن نتغير

28.03.2020 04:31 PM

كتب: سامر عنبتاوي

رب العائلة إذا مرض إبنه أو إبنته بمرض خطير ، يغير سلوك حياته ، فيعزز الإهتمام بأسرته ، و تتغير نظرته للحياة و مفاهيمه اتجاهها ، و يصبح أكثر شفافية و إنسانية ، و يزهد في الحياة فيتقشف في كل شيء ، و يتخلى عن الكماليات ، و إذا لزم الأمر يبيع مقتنياته كسيارته و غيرها م أجل العلاج ، و يقنن المصروف و يغير نمط الحياة فيتخلى عن الكثير من الرفاهية ، من ملابس و مقتنيات ، باختصار يضع الخطط الأقتصادية للإستفادة من مداخيله و صرفها حسب الأولويات للحفاظ على أسرته و مستقبلها ، أليس هذا الكلام صحيحا ؟؟ هذا ما يجب أن تفعله الحكومة في ظل أزمتنا و نحن نصارع لنبقى ، فيجب عليها بناء الخطط الإقتصادية بالبعد عن المظاهر و الشكليات و تخفيض الإنفاقات غير الضرورية ، و التقشف و دعم القطاعات المختلفة و تطوير الصناعة و الزراعة و قطاعات الصحة ، فقد اكتشفنا في هذه الجائحة أننا وحدنا ، و لذلك يجب أن تكون هذه محطة تحول لبناء الذات و الإعتماد عليها ، صحيح أننا الآن وسط الجائحة و الجهد يجب أن يكثف لمقاومة الوباء و باستغلال مقنن للإمكانات ، و لكن الإعداد يجب أن يبدأ فورا ، فنحن و العالم بعد الكورونا لسنا كما قبله ، و من لم يتعظ و يغير سيسقط من التاريخ و يتجاوزه الزمن.

مارسنا سابقا مظاهر الدولة بدون دولة ، و الصرف و الإنفاق لم يكن مقننا ، فانتشرت الرواتب الخيالية في شريحة محددة و ساد البذخ في بعض الوزارات و المؤسسات و الشركات و نسينا أننا لا نزال نرزح تحت الإحتلال ، فتحولنا إلى مجتمع مستهلك ، و لم يتم التركيز على التطوير الصناعي و الزراعي و دعم قطاعات الإنتاج المختلفة ، فسقطنا في المديونية و انتشر الفساد في كثير من القطاعات ، الآن نحن في مواجهة الحقيقة و في لحظتها ، لا يمكن بناء مستقبلنا بنفس الآليات و السلوك ، و لا يمكن الإركان إلى الدول المانحة التي أصبحت عاجزة أمام الكورونا في مواجهة أزماتها الداخلية ، و لا إلى أمريكا التي أثبتت أنانيتها و لا إنسانيتها ، و لا إلى التطور الصحي المبالغ به لدى دولة الإحتلال.

ما بعد الكورونا سيتغير العالم فستسقط العولمة و مفهوم القرية الصغيرة ، و ستنكفيء الدول لترميم ذاتها و بناء قدراتها ، و نحن لسنا معزولين عن هذه المتغيرات ، فلنبدأ ومن الآن بتصحيح المسارات السياسية و الإقتصادية و المفاهيم الإجتماعية ، و لنستفد مما يحصل في العالم ، و نبقي على إنسانيتنا ، فنتيجة لهذا الوضع ستسقط إقتصاديات في العالم ، و تتغير مفاهيم و قيم ، و ستتراجع هيبات و خداعات ، و من الآن علينا التموضع في خانة القيم الإنسانية و الأخلاقية و التحول في المسلكيات و بناء مجتمعنا من جديد ، فلا ننسى بل نعزز قوانا نحو التحرر الوطني و إحقاق حقوقنا و بالتخلي عن إرهاصات المرحلة السابقة و نعيد بناء أنفسنا من جديد ليس فقط على طريقة من مرض أحد أبنائه ، بل على من مرض هو و جميع أفراد عائلته ، و لا بد من علاج الجميع بحكمة و رؤيا عميقة و التغيير الشامل ، خلقنا لنبقى و سنبقى ، و الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير