الاديان تنتصر قبل بدأ المعركة

28.03.2020 02:31 PM


كتب: طارق زياد الشرطي

معركة الحياة والآخرة يختلف بها النصر والهزيمة ، فهي ليست كالحروب البشرية وتختلف ادواتها، والمنتصر بها هو الفائز بتحقيق الهدف الأسمى لوجوده بينما المهزوم  ذلك الذي سيخسرها دون ان يحقق الهدف بالوصول لما بعدها بالآخرة كما جاءت الاديان السماويه بكتبها.

ان الاستسلام قد يكون احد أشكال الهزيمة، وليس كاستسلام المعارك ورفع الراية البيضاء او الرضوخ للخصم فحسب وإنما التفرد بنفسك في الهروب من المعركة الحياتية شكلا هاما في الاستسلام.

أحزنني كثيرا ما يجري في العالم اجمع من تداعيات في المعركة الحاصله بين البشرية جمعاء وذلك الفيروس اللعين الذي لا يتعدى حجمه السنتمتر والذي لا زال يفتك بالدول لا يترك صغيرا ولا كبيرا او جنسا و اخر، ليلتفت نظري بتلك الفاجعة والاخبار الواردة من إيطاليا والعديد من الروايات، ومنها ذلك الشاب الذي فقد جميع أهله من الفيروس ليقرر الانتحار بألقاء نفسه من سطح الفندق.

تأخذني نفسي بالتفكير بالموت وبفكرة الانتحار وتواردها للاذهان، نعم هناك الكثير ممن اصبح لديهم فكرة ان الموت نجاة وخلاص من الدنيا واهوالها وهروب من حالة البؤس وحتى ان البعض تحدث في ذلك التفضيل، الموت وليس الانتحار، كما قال الشاعر الكبير محمود درويش " كل الذين ماتوا قد نجو من الحياة بأعجوبة" ، ليس تفضيلا منه للموت طبعا ولكن حتما ميولا بالفكر للشكوى والاستياء من الدنيا واهوالها،  كذلك عندما جاء الشاعر المصري الرائع عبدالرحمن الابنودي في قصيدة "العمة يامنه"، قائلًا: "إذا جاك الموت يا وليدى.. موت على طول.. أول ما يجيك الموت.. افتح.. أول ما ينادي عليك.. اجلح.. انت الكسبان.. اوعى تحسبها حساب"،  جاء ذلك ليس قلة ايمان منه أو استسلام وانما سخط وإستياء لما آلت اليه الحياة من صعوبات وقهر على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وغيره، ومما لا شك فيه وارتباطا بفكرة الموت والخلاص واختصار شوط من اشواط الزمان لهذه الدنيا سنجد كثيرا ممن لديهم توارد ذهني لفكرة الانتحار كما فعل الشاب الايطالي أو كما يفعل البعض بالدول المتعرضه للظلم والاضطهاد أو حتى تدني المستوي الفكري والديني لابسط الاسباب ، بل ومنها اكثر بؤسا وألم من يقدم على إحراق نفسه رفضا للظلم ! وتتعدد الأسباب وكره الحياة ،كفراق من يحب أو عدم النجاح في امتحان مدرسي أو جامعي او فسخ عقد قران لمن يريد او اصابته بمرض قاتل كالعضال وغيره  من الاسباب المؤسفة لتلك النتيجة.

نعم ذلك الشاب الايطالي لم يجد سببا لبقائه حيا وحتما ليس خوفا من الفيروس فحسب وانما لفقدانه عائلته وقضايا أخرى وصراع عقلي داخلي جعله في معركة وفكر ضعيف لينتصر عليه الاستسلام ويقفز من أعلى منهيا حياتة.

الانتحار هي كلمة لها دلالات كثيرة ومفادها الاستسلام وحتما تعني الهزيمة، وتحريمها من الاديان السماوية الثلاث بمثابة اعلان واضح برفض الاستسلام والهزيمة أمام اي معركة او طارئ ، وعدم ملكك لنفسك لتقرر مصيرها ، وتفسيرات عديدة واسباب يطول شرحها ، لم يكن ذو جدل بإجماع الأديان بتحريمها كقضايا أخرى لها علاقة في تسير القضايا او بالمأكل والمشرب والمشرع جازم بتحريمه وتكفير من يقدم عليه، فأنت لست مخيرا بهذه المعركة الحياتية، بنفسك، بذلك الأديان تحدد مسبقا خيارات النتيجة برفض الاستسلام وبحتمية النصر على كل ما يوجه البشرية من تحدي يسانده الدين، فكم فيروس قضي عليه ؟وكم مرض وجد له العلاج ؟ وكم اعجاز اوجدته الأديان لمواجهة تحدي الحياة ؟ وكم من تفسيرا جاء بالاديان والكتب السماوية للتعامل مع المخاطر الكونية ؟ ليجد  الانسان في بحثه واجتهاده صحتها ودعوة لتطبيقها ، وما اكتشف البشر حلولا الا وقد اكتشف ذكرها بالتنزيل الكريم، لتدعوك لتقاوم وتجتهد ، كذلك فقد جاء الدين في خطوات دفاعية قبل المعركة، فنظم الحياة ودعى للوقاية وجعل النظافة جزءا من الإيمان وذكر العديد من الاكل الذي فيه شفاء للناس للعديد من الأمراض كذلك كان في السنة النبوية ؛ كالحجامة كمثالا وتنظيم المأكل والمشرب والنوم والحجر الصحي ، كلها تعتبر من خطوط الدفاع عن النفس والصحة ولعل أهمها تحريم الأديان للانتحار  ليعد بمثابة نصرا قبل بدأ المعركة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير