بنك البذور في القطب الشمالي يعزز مخزوناته لضمان التنوع الحيوي للنباتات

26.02.2020 09:59 PM

رام الله - وطن:  استقبل أكبر مخزن عالمي للحبوب في العالم في المنطقة القطبية الشمالية دفعة جديدة كبيرة من البذور، مثل زهرة الربيع من الأمير تشارلز، والذرة المقدسة من هنود شيروكي، لتشكل ضمانة للتنوع الحيوي في مواجهة المخاطر ولا سيما المناخية منها.

ويضم المخزن وهو أشبه بـ»سفينة نوح نباتية» أكثر من 60 ألف عَيِّنة من البذور المُخَزَّنة بإحكام في صناديق متعددة الألوان.
وأقيم بنك البذور الذي تملكه 35 مؤسسة إقليمية ودولية في منطقة جبلية من لونغييربين، في جزر سفالبارد التابعة للنروج والواقعة في أقاصي شمال كوكب الأرض على بعد أقل من ألف كيلومتر من القطب الشمالي.
وقال شتيفان شميت، مدير مؤسسة «كروب تراست» الشريكة في المشروع «مع ارتفاع وتيرة التغير المناخي وتراجع التنوع الحيوي، تظهر الحاجة المٌلِحَّة إلى بذل جهود لإنقاذ الزراعات الغذائية المهددة بالاندثار».
ويشكل مخزن سفالبارد ضمانة أخيرة لحوالي 1700 بنك جيني عبر العالم، وهو يطمح إلى المساهمة في حفظ نباتات من شأنها توفير القوت للعالم الذي يزداد عدد سكانه وترتفع حرارته.
وأوضحت ليزا لايك ستيفنسن، مديرة البنك الجيني لدول شمال أوروبا، أن «كل واحدة من هذه البذور (..) تشتمل على حلول محتملة للزراعة المُستدامة، حلول حيوية لتوفير الغذاء لعدد متزايد من السكان وإنجاح عملية الانتقال الخضراء».

وتتضمن الدفعة الجديدة مزروعات أساسية مثل القمح والأرز، فضلا عن أنواع برية أقل انتشارا مثل تفاح أحراج أوروبا.
ومن الأطراف التي أرسلت بذورا هذه المرة هنود شيروكي، وهم أول هنود في القارة الأمريكية يساهمون في مخزن سفالبارد مع حبوب فاصولياء وقرع وذرة ولاسيما ذرة النسر الأبيض وهو نوع يحظى بإجلال في صفوف هذا الشعب.
وقد أرسل الأمير تشارلز من جهته بذور 27 نبتة برية من بينها زهرة الربيع، والأوركيد، التي جُمعت من حقول قصرهايغروف الريفي التي يملكها.

وقال الأمير في بيان «كانت مهمة إقناع الناس بالدور الاساسي للتنوع في المحافظة على الأنظمة البيئية منهكة ومحبطة أحيانا كثيرة». وأضاف «التحرك بات ملحا أكثر من أي وقت مضى لحماية التنوع قبل فوات الأوان».
ومع ورود الدفعة الجديدة، أصبح المخزن يضم 1.05 مليون نوع نباتي مُخَزَّن على حرارة 18 درجة مئوية تحت الصفر في أقبية تحت الأرض يمكنها استيعاب 4.5 مليون نوع.
ولا تظهر أي مؤشرات في الخارج إلى وجود هذا المخزن الحيوي للبشرية باستثناء مدخله المهيب، الذي يخرج من باطن الأرض مع جدارين عاليين رماديي اللون تعلوهما مرايا وأجزاء معدنية تبرز في عتمة الشتاء القطبي.
ويوضح شتيفان شميت أن الوصول إلى مليون أو ثلاثة مليون عينة «سيكون أمرا جيدا لجعل مستقبل تغذية البشرية آمنا أكثر».

وقد أنشِئَت محمية البذور هذه في العام 2008، لتكون في الأساس صمّام أمان يضمن بقاء هذه الأنواع، في حال وقعت كارثة طبيعية على الأرض أو حرب أو مرض أو تغيّر مناخي أو ما شابَهَ ذلك. وقد ثبتت الحاجة إلى هذا المخزن من خلال النزاع السوري إذ تمكن الباحثون من استرداد عينات بذور مودعة فيه بعدما اختفت في تدمير بنك الجينات في مدينة حلب السورية.
وبات أكثر من خمسة آلاف نوع نباتي مخزنا في هذا الأرخبيل القريب من القطب الشمالي حيث، للمفارقة، لا ينبت أي شيء. ومن المفارقات الأخرى، أن المكان المحصن ألذي أقيم للصمود في وجه التغير المناخي بات هو أيضا ضحية ارتفاع درجات حرارة الأرض.
ففي عام 2016، وقع حادث تسرب مياه في نفق المدخل بسبب ذوبان التربة الصقيعية الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة.
وأنفقت النروج بعد ذلك 20 مليون دولار لتدعيم المخزن مع نفق دخول جديد مضبوط بإحكام في بيئة تزداد حرا ورطوبة.
ويفيد العلماء أن المنطقة القطبية الشمالية تصبح أكثر حرارة بسرعة تزيد بمرتين عن باقي أنحاء الأرض.

تصميم وتطوير