ائتلاف عدالة يعقد جلسة حوارية موسعة حول الشروط السياسية التي تفرض على التمويل

19.02.2020 02:51 PM

رام الله- وطن: عقد الائتلاف الفلسطيني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (عدالة) يوم الثلاثاء الموافق 18 شباط 2020، لقاءً موسعاً ضم عدداً كبيراً من ممثلي المؤسسات الأهلية الفلسطينية، وممثلي لبعض المؤسسات الدولية في فلسطين المحتلة، لتأكيد الموقف الفلسطيني الرافض لتطويع المؤسسات الأهلية بقبول شروط التمويل السياسية، وللتباحث في أبرز مخاطر وتبعيات فرض شروط سياسية على التمويل، بالإضافة إلى انعكاسات هذه الشروط على علاقة المؤسسات المحلية الفلسطينية مع نظيرتها الدولية، ولنقاش معضلة تآكل الشرعية المجتمعية والقانونية نتيجة لفرض الشروط السياسية.

وتأتي هذه الحوارية ضمن نشاطات الحملة الوطنية لرفض التمويل المشروط،  في سياق ما تواجهه مؤسسات المجتمع المدني اليوم، بالمزيد من التضيقات المتمثلة بشروع عدد كبير من المانحين الدوليين بفرض شروط لا تتوائم مع طبيعة الظرف الاستعماري الذي يخضع له المجتمع الفلسطيني، تأتي هذه الشروط بتناقض تام مع الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، كما أنها تتعارض مع القوانين الفلسطينية ومنها قانون الجمعيات الخيرية الفلسطيني، كما أن هذه الشروط تأتي في إطار تفريغ المؤسسات الأهلية من قدرتها على العمل لحماية الحقوق والحريات.

ناقش المشاركون كيف أصحبت المؤسسات الأهلية أمام خيارات محددة إما القبول وتوقيع اتفاقيات المنح مع الاتحاد الاوروبي، وما يعنيه حتماً الموافقة على إدانة واضحة للذات، بإدانة النضال الفلسطيني المشروع، أو رفضه تماماً وما يعنيه ذلك من تراجع قدرة المؤسسات على استمرارية عملها، وفي هذا السياق تشير أيلين كتاب- مرصد للسياسات الاقتصادية، والاجتماعية (المرصد) "بأن المساعدات الدولية هي حق فلسطيني سياسي واجتماعي، وليست تفضلاً من المجتمع الدولي على الشعب الفلسطيني الخاضع للاستعمار، والذي لا يزال يسعى للتحرر الوطني، فمقاومة الاستعمار حق مشروع، ومن غير المقبول تقييد تمويل المؤسسات واقترانه بقبول إدانة العمل الوطني. فمن المرفوض قطعاً وضع المقاومة في إطار التجريم لما له من تبعيات أخلاقية، والتي بطبيعة الحال سيترتب عليها تبعيات اقتصادية بوقف عمل المؤسسات. وهذه الشروط إنما هي تساوق مع صفقة القرن التي رفضها الاتحاد الأوروبي، والذي كان يشكل دعم للفعاليات الشعبية والبرامج التي تعزز صمود الفلسطيني، فهل قرر الاتحاد الأوروبي الاحتذاء بالنموذج الأمريكي بهذه الشروط المهينة؟".

ويشير نضال العزة- مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، أحد المتحدثين في الحوارية: "إلى أن التمويل غالباً ما يحمل شروطاً، منها شروط إدارية لتعزيز الشفافية والمساءلة، وبعضها سياسي مثل تشجيع الانتخابات، وهي شروط مقبولة، ولكن الشروط اليوم باتت تشكل مساساً للحقوق الفلسطينية، ودورنا كمؤسسات مجتمع أهلي في النضال وعملية التحرر من نظام الفصل العنصري. فلسان حال الاتحاد الأوروبي يقول بأن على الفلسطيني القبول بهذه الشروط، وإذا لم يقبلها وكأنه يثبت الدعاوي الإسرائيلية بالإدانة. فعلاقة المؤسسات الأهلية بالتنظيمات السياسية ليست تهمة تستلزم جهداً لدرئها، فالقبول بهذه الشروط هو إدانة للذات، والانسياق لشرخ مجتمعي يفصل المؤسسات عن حاضنتها المجتمعية، ونضالاتها الوطنية. كما أنه مقدمة للمزيد من عمليات التطويع وتضييق مساحة وشرعية مؤسسات المجتمع المدني. وأضاف العزة؛ بالقبول نحن نقدم صك إدانة لأنفسنا. وهذه التضييقات تفتح الباب لنقاش جدي في البحث عن سبل استدامة مالية محلية، والعودة إلى جذور العمل الأهلي، والاعتماد على جهات داعمة أخرى لا تساومنا على النضال الوطني".

وأكدت ايلار- مؤسسة أرض الانسان الإيطالية، أن هذا اللقاء من الأهمية بمكان حيث أنه يبعث العديد من الرسائل السياسية التي لا بد من نقاشها في هذا السياق المعقد، وأكدت بأن مؤسسة أرض الإنسان تؤكد على الحق الفلسطيني بالحصول على المساعدات، وفتح الحوار مع الاتحاد الأوروبي حول هذه الشروط، والعدول عنها، فنحن هنا لنقدم الدعم للشعب الفلسطيني".

وأكد الحضور أن هذا اللقاء الموسع يصب في الجهود الرامية لخلق حالة وطنية موحدة حول الرفض لهذه الشروط، وتطوير خطوات عملية فاعلة لرفض هذا القرار وبتفعيل الأدوات كافة، وتعديل الشروط السياسية ولا سيما أنه حتى اللحظة هناك تعالي من الاتحاد الأوروبي للبدء بحوار جدي". 

اتفق الحضور بأن هذه الشروط بمثابة تضييق لمساحة وشرعية مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، والتي لم تنفك منذ نشأتها تعمل على خدمة قضايا المجتمع الفلسطي سواء على الصعيد الاقتصادي، والاجتماعي والثقافي، وفي إطار علاقة عضوية مع القضايا السياسية، والوطنية الفلسطيية، بصفتها جزءً لا يتجزأ من النضال الفلسطيني. ولا بد من البدء بخطوات عملية لرفض هذا القرار لتأكيد وحدة الموقف الفلسطيني الحاسم برفض الشروط، وضرورة العمل على توعية مؤسسات المجتمع المدني القاعدية بعدم الانسياق وراء هذه الشروط لما لها من تبعيات أخلاقية وسياسية. والادراك بأن القرار لا يُلغى من هنا فقط بل لابد من توسيع دائرة التحالفات الدولية من خلال المنظمات والدول الصديقة لإيقاف هذه الشروط، وإيجاد تحرك وطني وإعلامي برفض التمويل المشروط، وتطوير ورقة موقف تحصر الشروط السياسية الموجودة لدى المانحين وتبيان أثرها، كورقة مرجعية تحكم العلاقة مع الممولين.

ختاماً في السياق السياسي العام، يعيش الشعب الفلسطيني أكثر المراحل التاريخية الحرجة، حيث يتم تكثييف المضايقات والتقييدات، باستهداف كل المجتمع الفلسطيني وبكل مكوناته، والتي تم تتويجها بالخطة الأمريكية، بعد توالي القرارات التي شكلت انتهاك للحق الفلسطيني وثوابته، ومحاولة تصفية للاونروا، وشرعنة للتوسع الاستيطاني. وهذا القرار هو استهداف لمؤسسات المجتع الأهلي والوقوف أمامه هو انتصار للذات الفلسطينية، واستمرار الالتزام بخدمة الأجندة الوطنية التحررية.


.

تصميم وتطوير