مجلس القضاء الاعلى لوطن: لم تُعرض علينا تعديلات قانون السلطة القضائية ولا نعلم عنها شيئا

قانون السلطة القضائية الجديد .. بين ضرورات اصلاح القضاء والخشية من هيمنة السلطة التنفيذية

17.07.2019 03:55 PM

رام الله - وطن: فتح تصريح رئيس الوزراء محمد اشتية، اليوم الأربعاء، الذي اعرب فيه عن أمنياته بتوقيع الرئيس محمود عباس خلال هذا الأسبوع، على تعديل قانون السلطة القضائية، النقاش والجدال بين الاطر والشخصيات والمؤسسات الحقوقية والقانونية بين مؤيد ومعارض.

ويبدو ان القانون المُعدل قاب قوسين او ادنى من رؤية النور، وهو يأتي عقب تزايد المطالبات بضرورة انقاذ القضاء، من التدهور الحاصل له، من مؤسسات المجتمع المدني وخبراء القانون والقضاء، خاصة ان الشهور الماضية شهدت تحركات وجهود في هذا المجال ابرزها تشكيل الرئيس للجنة رسمية لبحث سبل واليات اصلاح القضاء.

وكانت اللجنة الرسمية التي شكلها الرئيس وسلمته تقريرها وتصوياتها في شهر ايلول الماضي، قد وضعت مجموعة من التوصيات ابرزها ادخال تعديلات على قانون السلطة القضائية وتحديدا بعض البنود واهمها، تخفيف سن التقاعد للقضاة، لكن لا احد يعلم ان كان قانون السلطة القضائية الجديد سيستند الى توصيات اللجنة ام انه سيكون قانون يحمل افكار جديدة، كما انه ليس واضحا  حجم التعديلات التي سيتم ادخالها على القانون.

ورغم ذلك يبدو ان ملامح القانون الجديد تستند على فكرتين هما:

الاولى: تخفيف سن التقاعد لستين سنة، علما ان هذه الفكرة سبق وان طرحتها مؤسسة المجتمع الاهلي والائتلاف الاهلي للرقابة على القضاء .

الفكرة الثانية: هناك توجه لتشكيل مجلس انتقالي قضائي لا تتجاوز مدته عام، سيمنح صلاحيات لادخال التعديلات اللازمة على الاجراءات، واقتراح التعديلات على القوانين بما يضمن تسريع الفصل في الدعاوي، كما سيمنح  المجلس صلاحيات لتقييم القضاة، واتخاذ اجراءات بحق من يثبت عدم جدارته في الموقع القضائي.

ومن المتوقع ان يرتفع مستوى الجدل الذي اثاره تصريح اشتية، الى مستويات اعلى واعمق بين الخبراء والقانونيين والحقوقيين بعد نشر تفاصيل وبنود قانون السلطة القضائية الجديد، بعد توقيعه واصداره من الرئيس عباس.

وقال رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك لوطن انه من حيث المبدأ لا يوجد مشكلة في تعديل قانون السلطة القضائية طالما ان هذه التعديلات، لا تمس باستقلاليةالقضاء ولا تخالف القانون الاساسي الفلسطيني.

واضاف دويك الذي كان عضوا في اللجنة الوطنية لتطوير قطاع العدالة التي قدمت توصياتها الى الرئيس ان من بين التوصيات التي قدمت الى الرئيس تتطلب بالضرورة ادخال تعديلات على قانون السلطة القضائية مثل تخيض سن تقاعد القضاة واخضاع قضاة المحكمة العليا للتفتيش وتعزيز مساءلة القضاة.

واكد دويك " ان حكمنا على القرار بقانون تعديل قانون السلطة القضائية سيكون بموجب ما يتضمنه من تعديلات".

من جانبه قال المحامي والقاضي السابق داوود درعاوي لوطن للانباء ان القضاء اصبح بحاجة ماسة الى اصلاح واعادة بناء من جديد، لكن السؤال هو حول جاهزية الحكومة لتبعات عملية الاصلاح ، وتوفير متطلبات عملية الاصلاح، الناجم عن تخفيص سن التقاعد وجلب قضاة جدد خاصة للمحكمة العليا ومحكمة الاستئناف.

واضاف درعاوي ان طبيعة قرار بقانون لاصلاح القضاء للاسف حتى اللحظة محاط بسرية، والاصل ان يطرح للنقاش المجتمعي لان عملية اصلاح القضاء هي عملية مجتمعية بالدرجة الاولى والشعب هو مصدر السلطات وبالتالي دون عرضه على نقاش مجتمعي موسع قد يخفي شيء يعزز السلطة التنفيذية على القضاء.

واوضح درعاوي اما ان يكون التدخل هو تدخل جراحي محدود لتوسيع عضوية مجلس القضاء الاعلى وان يكون مجلس انتقالي وان تناط به عملية دراسة واقع القضاء وتقديم رؤية شاملة لعملية الاصلاح وتقييم القضاة، وتمكين المجلس من احالة القضاة للعزل بسبب عدم الكفاءة.

وتابع درعاوي ان القضية الاهم والتي تكشف مصداقية السلطة التنفيذية في عملية الاصلاح هو اصدار قرار بقانون منشئ لمحكمة العدل العليا ، حيث يكون التقاضي امامها يكون على درجتين وان تنفصل انفصالا تاما عن القضاء النظامي، متابعا ان هذه القضايا هي التي يمكن من خلالها الحكم على مصداقية توجه الحكومة في عملية الاصلاح ودون ذلك سيكون الامر محاط بهالة من الشك، وان الحكومة تسعى الى تعزيز نفوذها وسطوتها على القضاء .

وحول تعقيب مجلس القضاء الاعلى على تصريح اشتية، قال مدير مركز الاعلام القضائي فواز البرغوثي لوطن للانباء انه "لم يصل مجلس القضاء الاعلى او يعرض عليه اية مشاريع قوانين تتعليق بقانون السلطة القضائية ووفقا للمادة 100 من القانون الاساسي الفلسطيني، يجب اخذ رأي مجلس القضاء الاعلى وعرض مشاريع القوانين عليه ، المتعلقة بالشأن القضائي".

من جانبه قال القاضي اسامة الكيلاني لوطن للانباء ان تعديل قانون السلطة القضائية بات قاب قوسين او ادنى وان المجلس الانتقالي قادم حسب ما يرشح من معلومات، لكن رسميا لم يبلغ نادي القضاة بما يشير لوجود تعديل لقانون السلطة القضائية او تشكيل مجلس قضاء اعلى انتقالي ، الا اذا كان الامر سيتم بشكل مباغت ، وهذا الامر سيكون مخالف للقانون.

واضاف الكيلاني لوطن ان المادة 100 من القانون الاساسي تنص على عرض اي تعديل على اي قانون يتعلق بعمل السلطة القضائية، على مجلس القضاء الاعلى لابداء رأيه وتوصيته في الخصوص.

واوضح الكيلاني ان قانون السلطة القضائية الذي يعد قانون سيادي، هو باب من ابواب القانون الاساسي لانه ينظم عمل السلطة القضائية، ولا يوجد حالة ضرورة لتعديل قانون السلطة القضائية قرار بقانون.

وفي هذا السياق ، قال مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" إبراهيم البرغوثي، إن تعديل قانون السلطة القضائية قد "دبر بليل"، وهو استمرار لهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء المنافية للإصلاح.

وقال البرغوثي لوطن: "سنقف على هذا التعديل حال صدوره وتسلمنا إياه، وسنواصل مسيرتنا في إنجاز المشاورات المجتمعية التي شرعنا بتنفيذها منذ بداية العام، للوقف على رأي الناس تجاه الآليات الملائمة للإصلاح، وسننفذ حملة ضغط شعبي لإلغاء هذا القرار بقانون إذا لم يكن متسقاً مع حرية القضاء".

ووصف البرغوثي تبعات إجراء التعديلات بالصورة التي أعلن عنها رئيس الوزراء بأنها توضح "انفراد السلطة التنفيذية وتحللها من مبدأ المشاركة" و"ما هي إلا تكرار لذات التجارب التي اعتمدتها السلطة التفيذية منذ عام 2005 دون أن تؤدي إلى نتيجة، ودائماً ما كانت تؤدي إلى تعميق الأزمة" بحسب وصفه.

وفي معرض اعتراضه على قانون التعديلات قال البرغوثي: "الأصل في قانون السلطة القضائية أنه قانون سيادي، ويجب أن يمر عبر المجلس التشريعي".

وأضاف: أما إذا كان هناك حاجة ضرورية لتعديل فيجب أن يتم في إطار عملية إصلاح نزيهة ومحايدة وتنال ثقة المجتمع.

وقال: نحن لا نعلم ما هي التعديلات إلى الآن، والسلطة التنفيذية تُعامل المجتمع والمواطنين كمتلقين للقرارات وغير شركاء فيها".

كما واستبعد البرغوثي أن يكون التعديل إيجابياً، لأنه لو كان إيجابياً لكانت السلطة التنفيذية اتبعتْ آلية التشوار والحوار وسماع الرأي الآخر ولكن الحكومة لم تسمع أحد، ولم تعلن مسودة هذا التعديل لأخذ رأي الفئات الاجتماعية والقانونية والشعب فيه.

تصميم وتطوير