سامر العيساوي يحييكم... فهمي هويدي

23.02.2013 10:39 AM
هذا الصباح يدخل إضراب سامر العيساوي عن الطعام يومه السادس عشر بعد المائتين، ولا يزال ثابتا على موقفه الذى سجل به أطول إضراب عن الطعام فى التاريخ، بقدر ما قدم نموذجا فذا لإصرار الفلسطيني على الدفاع عن كرامته وحريته، وفى الوقت نفسه فضح بشاعة الاحتلال الإسرائيلى وجبروته.

وبسبب إصراره المعجز فإن الرجل تحول إلى رمز وطنى يتغنى به أبناء الشبيبة الفلسطينية، وتزين صوره القمصان والشوارع والساحات العامة فضلا عن مواقع الإنترنت فى الأرض المحتلة، ولأن صلابته هزت الضمير العام فقد وجهت الدعوات خلال الأسبوع الماضى إلى إلغاء المناسبات العامة والخاصة والأفراح، تضامنا مع سامر ورفاقه الذين التحقوا به، رافعين شعار الحرية أو الشهادة.

هو الرمز الأشهر بسبب طول مدة إضرابه عن الطعام، لكن معه ثلاثة آخرين من المناضلين لا يزالون ثابتين على موقفهم.

كان العيساوى قد اعتقل فى 25 مايو من العام الماضى، بعد أشهر قليلة من الإفراج عنه فى صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، وكانت الحجة أنه خرق شروط الصفقة التى تنص على عدم مغادرة منطقة سكنه فى القدس المحتلة، وقام بزيارة مدينة رام الله، ورغم أنه كان يتحرك فى وطنه فإن السلطات الإسرائيلية تذرعت بتلك الزيارة، وطالبت المحكمة العسكرية بأن تلزمه باستكمال الفترة المتبقية من حكمه، وهى 20 عاما، علما بأن اتهامه الأصلى كان فى قضية أقيمت استنادا إلى معلومات استخبارية سرية، لا يسمح للأسير أو محاميه بالإطلاع عليها.

من رفاقه فى الإضراب الأسير طارق قعدان الذى اعتقل فى 22 نوفمبر الماضى، وهو يقضي حكما بالسجن الإداري المتجدد بدون محاكمة، وقد بدأ إضرابه عن الطعام منذ تسعين يوما.

من هؤلاء أيضا الأسير جعفر عزالدين الذى اعتقل فى اليوم ذاته، وإضرابه يدخل هذا الصباح يومه التسعين.

الرابع هو الأسير أيمن الشراونة الذى اعتقل فى 31 يناير عام 2012، وكان قد أضرب عن الطعام طوال 140 يوما، لكنه علق إضرابه، واستأنفه مجددا فى 16 يناير الماضى.

والشراونة مثل العيساوي، واحد من تسعة مناضلين تحرروا من الأسر فى صفقة "شاليط"، وأعادت السلطات الإسرائيلية اعتقالهم بتهمة خرق شروط صفقة التبادل، وتطالب السلطات الإسرائيلية المحكمة العسكرية بالحكم عليه مجددا، باستكمال ما تبقى من فترة حكمه قبل تحرره، البالغة 28 عاما.

(أمه وأشقاؤه أعلنوا إضرابهم المفتوح عن الطعام تضامنا معه أمام خيمة للاعتصام أقيمت فى الخليل).

يوم الثلاثاء الماضي 19/2 أضرب عن الطعام 800 أسير فلسطيني تحتجزهم إسرائيل فى سجونها بغير تهم تضامنا مع رفاقهم الأربعة، وفى ذات الوقت أقام الفلسطينيون فى الأرض المحتلة العشرات من مراكز الاعتصام تضامنا مع إخوانهم، الذين تحاول إسرائيل دفنهم فى سجون "ايشل" و"ريمون" و"نفحه".

وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعى والإذاعات المحلية طول الوقت رسائل العيساوي (عضو الجهبة الديمقراطية لتحرير فلسطين)، المسكونة بالكبرياء والتحدي لسجانيه، وتمثل تلك الرسائل شحنات وطنية وعاطفية شديدة التأثير فى أوساط الشباب الفلسطيني، الذين لم تتوقف تظاهراتهم التى ما برحت تطالب بزوال الاحتلال وإطلاق سراح الرجل ورفاقه الأسرى.

وفى واحدة من تلك الرسائل، قال العيساوي: أقول لشعبى إننى أقوى من جيش الاحتلال وقوانينه العنصرية... أوصيكم إن سقطت شهيدا أن تحملوا روحي صرخة من أجل كل الأسرى والأسيرات... صرخة حرية وانعتاق وخلاص من كابوس السجون وظلماتها القاسية.

فى رسالته الأخيرة، قال: لا تخافوا على قلبي إن توقف... ولا تخشوا على يدى إن شلت، فأنا ما زلت حيا الآن وغدا وبعد الموت... لأن القدس تتحرك فى دمي وإيماني وعقيدتي.

وقال فى وصف حالته بعد مرور أكثر من مائتي يوم لم يدخل فيها أى طعام إلى جوفه: لقد أبلغنى الأطباء أننى أصبحت معرضا لجلطات دماغية بسبب عدم انتظام دقات القلب والنقص فى السكر وهبوط الضغط... جسمي مملوء بالبرودة وعدم القدرة على النوم بسبب الآلام المتواصلة... لكنني رغم التعب والإرهاق الشديدين وآلام الرأس المزمنة، أتحرك على مقعدي، وأحاول أن أستجمع كل ما عندي لأواصل الطريق إلى منتهاه، لا عودة للخلف إلا بانتصاري، لأننى صاحب حق واعتقالي باطل وغير قانوني.

سامر العيساوي الذى رفضت محكمة الصلح الإسرائيلية الإفساح عنه، ينتمي إلى عائلة تعد نموذجا للأسر الفلسطينية المناضلة، فشقيقه فادى العيساوى استشهد عام 1994 فى مجزرة الحرم الإبراهيمى، وشقيقه مدحت العيساوى قضى 19 عاما من حياته فى الأسر.

وشقيقته المحامية شيرين العيساوى اعتقلت لمدة سنة كاملة عام 2010.

لقد كانت مصر هى الراعية لصفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي شاليط، التى بموجبها تم الإفراج عن سامر العيساوي وأيمن الشراونة وآخرين من المناضلين الفلسطينيين الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم مرة أخرى فى انتهاك صارخ للاتفاق، الأمر الذى يثير سؤالا كبيرا حول موقف الطرف المصرى إزاء ذلك.

وبالمناسبة فإن صاحبنا وجه فى إحدى رسائله تحية خاصة إلى "مصر الشقيقة ومشجعي فريق نادي الزمالك ولمعلق الجزيرة الرياضية".
تصميم وتطوير