نادية حرحش تكتب لوطن: سرقة القبور بالقدس والاتجار بها.. أين الأوقاف الإسلامية والمحافظة والوزارة والحكومة؟

14.05.2019 03:30 PM

وطن: في الشهر الفضيل، يتذكر المؤمنون الأحياء، أمواتهم. يتفكرون بالخلق، فيأتي العزيز الذي غيبه الموت إلى الوجدان، فيذهب المؤمن لزيارة فقيد عزيز، كان جداً أو جدة. عما أو خالا، والدة ربما أو والد.

طبعا لا يحتاج المرء لزيارة القبر لتفقد من رحل. ولا يحتاج الى شهر رمضان أو غيره للتذكر.

ولكن، بما أننا في الشهر الفضيل، وأعمالنا يهزها الصيام ويحفزها لتكون نحو الخير والتذكر والتفكر، بزيارة الميت محمودة.

محمودة؟ ربما، ولكن هل هي ممكنة؟

لأن هناك صائمون آخرون قد انتظروا عتمة الليل ربما، أو ربما هناك من لم يكترثوا لستر الليل ونبشوا القبر وسرقوا الرفات ورموها في مكب نفايات، أو تركوها للحيوانات البرية لينهشها الدود، أو من باعوا القبر لميت جديد...

قصة هزت مضجعي عندما قرأتها على صفحة أحد الأصدقاء جاء فيها: "فوجئت بالأمس بالاعتداء على قبر المرحومين جدي شيخ الحرم القدس الشريف، وعمي.. في مقبرة باب الساهرة، فقد تم الاعتداء على القبر والحفر أسفله وتخريب أساسات القبر وإزالة أحد القبور الخاصة بالعائلة كان بجانبه، وحفر حفرة كبيرة لإنشاء قبر وبيعه للعامة..."

قصة ليست الأولى، ولا بالغريبة للكثيرين.. قصة مفجعة.. مرعبة.. مقززة في كل ما تحمله من معاني.

بعض التحري أوصلني الى مقال سابق قد تم طرحه من قبل موقع مقدسي قبل عام، يطرح نفس الموضوع ويسأل نفس الأسئلة: من الذي يقوم بهكذا تجارة، وأين لجنة المقابر التابعة للأوقاف، وكيف يقبل مسلم أن يقوم بالاعتداء على قبر مسلم ويسرقه ويدفن آخر مكانه بعد بيع القبر؟

كيف وصلنا الى هنا؟

تتصدر الأخبار بالعادة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المقابر ونبش القبور، أقمنا القيامة من أجل سرقة مقبرة "مأمن الله" من قبل الاحتلال وبناء متحف عليها غربي القدس.

نبش القبور وسرقتها أسوأ ما يمكن اقترافه في حق الأموات والاحياء.
من يقوم بهذا ويعتاش على هكذا جريمة نكراء بغيضة؟
هل يصوم هؤلاء؟
هل تملأ اللحى وجوههم؟
هل يسبحون باسم الله عند نبش القبر وسرقته وبيعه؟
أين المسؤولين من هكذا جريمة نكراء؟
إذا ما حصل هذا التعدي على قبر شيخ جليل، فماذا يحل بعتم الليل، وربما بوضح النهار لقبور أناس عاديين؟
هل الميت الجديد أبقى في عرف هؤلاء المجرمين؟
ما الذي يستطيع المواطن المقدسي فعله، عندما يتعرض ميته للسرقة، وعندما يتم بيع قبره، وعندما يُعرض عليه إذا ما كان محظوظا وعرف عن السرقة بشراء القبر من جديد بمبلغ (٨٠٠ دينار)؟

طبعا السعر على ما يبدو مع تخفيض لأن العرض المطروح لشراء قبر عائلتك الخاص!

في وقت لا يستطيع فيها الإنسان المقدسي الذهاب والشكوى لشرطة الاحتلال خوفا من وضع الاحتلال يده على المقابر، ما الذي يستطيع الإنسان المحترم في هذه المدينة عمله؟
كم من قبر لا يزوره أصحابه قد تمت سرقته؟
كم من جريمة تم ارتكابها ولا صوت يصدر من الأوقاف الإسلامية والمحافظة والحكومة؟ هل هم شركاء في هذه الجريمة؟
لأن اللص الذي ينبش القبر وينتهك حرمته ويسرق الرفات لا يعمل لوحده.. كيف يدخل هؤلاء اللصوص المقابر وهي تحت حراسة الأوقاف؟
الناس تشتكي ولا من مجيب.. فهل هذا يعني أن المسؤولين متواطئين في هذه الجريمة؟
من هم السماسرة والتجار الذين يبيعون القبور؟ لماذا تتم حمايتهم والتستر عليهم؟
ولا يزال الخوف يخيم علينا من الحديث.

كأن هناك أسوأ من أن يخيم على أجسادنا شبح الموت أو أن تطاردنا روح فقيد تمت سرقة رفاته وترابه وحجرا كان الذكرى الأخيرة له في هذه الدنيا.
لا أعرف كالعادة إن كان هناك حي في هذه السلطة في ضميره بعض الحياة ليلتفت لهذه الجريمة المتكررة، فيكفينا انتهاك الاحتلال للأحياء منا.

على رئيس الحكومة أن يتدخل في هذا الموضوع، ووقف هذه الجريمة فورا، لأنه كما هو واضح، فإن المجرمين والضالعين والمتآمرين في هذا الأمر لا يمكن إيقافهم من وزير ولا محافظ ولا رئيس أوقاف..
رمضان.. كالرمض في عيوننا هذا العام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير