النوبة حضارة مركزها بلاد الشام - الإعلامي . محمد الأسواني

21.02.2013 10:58 AM
إن المتتبع لوسائل الإعلام في السنوات الأخيرة سيجد حملة دعائية كبرى ومدفوعة الأجر لتروج معلومات مخادعة حول المناطق الحدودية بين مصر والسودان والثابت من المعلومات بأن الحركة الصهيونية العالمية تقوم بدعم هذا التوجه لزرع القلاقل بين أهل الإسلام ويقومون بإنتاج مواد فلمية حول حضارات من نسج الخيال وتحت مسميات إفتراضية لم تثبت الدراسات حيقيقتها مثل ( مروى و نبتة أو ما يطلق عليه كوش وغير ذلك الكثير من المسميات ) ومن الثابت تاريخياً إن منطقة وسط وشمال السودان قد تم الإمتزاج فيها بين الشعوب والأعراق المختلفة بسبب نفوذ الحضارات الكبرى ( المصرية واليونانية والرومية والفارسية وحضارة سبأ ) ولا سيما ما بعد الفتح الإسلامي حيث يشكل سكان شمال السوادان الإغلبية من العرب الذين تزاوجوا مع الزنوج وأخذوا من لهجاتهم المحلية و من تلك القبائل العربية التى تعلمت الرطانات الأفريقية المختلفة ( الفُنج - السكوت – المحس العرب – البديرية – الكبابيش – الشايقية و الكنوز والجعافرة والأنصار ) ومن المعروف بأن مناطق وسط و شمال شرق النيل كانت أماكن تماس مع الحضارات الكبرى مثل القدماء المصريين واليونان والروم وفارس والشاهد على ذلك الحفريات التى تركها حكام تلك الأماكن ولا يوجد أى أثر على وجودات حضرات غير التى ذكرناها وقد تم إستعمال الزنوج في الحاميات العسكرية سواء للفراعنة أو البطالمة اليونان و الغريب في الأمر هو دخول الأثريين اليهود على خط علم المصريات و قد شجعوا الإعلام الأمريكى كى يضع عناوين جديدة على تاريخ مصر الفرعونى بمنطقة كرمة بالسودان الحالى و قد إسموه ( بحضارة الفرعون الأسود ) !!! و نحن نضع سؤال تلو الأخر ... هل الأفريقي فقط هو من لونه أسود أو أسمر ؟ !!!! ويتسآءل البعض هل من المستبعد أن يكون الفراعنة المصريين هم من إستخدموا الأفارقة كجنود على حامياتهم العسكرية التى اسسوها لحراسة أماكن نفوذهم ؟ وهى مناطق حدود سلطانهم وكذلك الأثر التاريخى بمنطقة كرمة بالسوادان لا تدُل على إنه يوجد حضارة أخرى غير الفرعونية حيث الكتابة بنفس الرموز المصرية القديمة وقد وثق بعض الباحثين الأثريين وبالأدلة إن الفراعنة قد إستخداموا الأيادى العاملة في تلك الأماكن لبناء معابد وأهرامات ولكنهم باءوا بالفشل بسبب عدم وجود أيدى مهرة و كما هو كان موجودا بعواصم مصر القديمة كمنف وطيبة ولهذا السبب توقف الإعمار الفرعونى بتلك الأماكن ولكن يوجد بعض الباحثين الذين يتعمدون التشوية و الإقلال من تعظيم نفوذ القدماء المصريين على مناطق وسط السودان التى هى إمتداد طبيعى للحضارة الفرعونية وبالطبع القصد معروف وهو إسناد حضارة مصر القديمة إلى شعوب أخرى والترويج على أن بناة حضارة مصر ليسوا هم المصريين بل اقوام مجهولة و كما ولو إنهم قوم من الجن أتوا من الفضاء هذا شائع بين معتقدات اليهود !!! ولهذا الموضوع سنفرد له مقال أخر ولكن ما نحن بصدده الأن ذلك التحريض الإعلامي المُضلل حيث أمتلأت المواقع الإلكترونية في الأربع سنوات الأخيرة بالخرافات حول حضارة الرجل الأسود ، و نلحظ إزدياد نشاط منظمات دولية في منطقة الأقصر واسوان ودنقلا وحلفا حيث التركيز على عمل المحاضرات للسائحين عن الأثار في ( النوبة ) و لنشر مفاهيم محددة لصنع القلاقل و على سبيل المثال ذلك الحضور الكبير للأثريين اليهود في يوم السياحة العالمي 27 سبتمبر ٢٠١١ الذى احتفلوا به في مصر و على وجه الخصوص فى مدينة أسوان ! وهنا تزداد الريبة حول تلك الملتقيات .... هل تظنون إن هذا وليد الصدفة ؟! حيث نشاط تلك الجمعيات المشبوهة في جنوب مصر وفي شمال السودان والتواجد المكثف لأعضاء أندية الروتارى وغيرهم ، و هل حقا بغرض التنشيط السياحى ؟ ! وكذلك لا يُخفى على أحد إن من نشطاء تلك الأندية السيد. الشماع الناشط كخبير أثرى وعضو في جمعية الكُتاب التاريخين والجغرافيين و كما هو معروف عنه بنشر معلومات غير دقيقة عن حضارة ( النوبة أى النوبط ) التى لم تولد فى جنوب مصر أو حتى في السودان و هو وغيره يروجون لها على كونها هى أساس الحضارة الفرعونية . والثابت اثرياً يتنافى وهذه الإدعاءات غير إن هذه الحضارة لم تنشأ أصلا في المناطق الحدودية بين مصر والسوادان ، و هذا حسب التوصيف الجغرافى الحديث لأنه من المعروف بأن حجم و حدود الدول والممالك القديمة تختلف من عصر لأخر و في حقيقة الأمر لا توجد حضارة أسمها الحضارة ( النوبية ) في جنوب مصر أو السودان لأن كل الأبحاث التى قام بها الأثريين لا تعدو كونها من الفرضيات وليسى الحتميات وبالدليل الأثري و مازال تفسير تلك الدراسات محل نظر ولم يُحسم فيها كحقيقة تاريخية ، غير أن الأهداف الإسرائيلية من وراء القصد في نشر المغالطات التاريخية عبر عملاءها الناشطين في الحقل الأثرى والتاريخي وهذا ليس بخفى على أحد بل الشواهد والسجلات تبرهن على تجذر المؤامرات الصهيونية في التزوير والتضليل ولمن لا يعرف نقول بإن الأثار الموجودة بجنوب أسوان وحتى مروراً بوسط السودان ماهى إلا الأثار الفرعونية و القليل منها من أثار البطالمة ويطلق علىها معابد البطالمة أو البزينطين و أحيانا بالمخربشات على كونها تقليد للمعابد المصرية القديمة وفي الغالب قد إستخدموا نفس المعابد الفرعونية وقاموا بتجديدها و بتغير بعض النقوش عليها و منها معبد أنس الوجود المسمى فيلة ( لعبادة الإلهة إيزيس ) وكلابشة الذى بناه البيزينطيين ( وقد شرع في بناء المعبد الامبراطور الرومانى أوكتافيوس أوغسطس (30-14 قبل الميلاد) ) هو معبد يونانى ، وقصر ابريم كان حصن رومانى ويسمى ( (بريمين بارفا) ) وقد تحرف الإسم إلى إبريم وهو بزينطى و أما ابو سمبل تم بناءه ١٣٠٠ سنة قبل الميلاد ( بعهد الملك رمسيس الثاني ) فهو فرعونى ، ومعبد أمنحتب الثالث في وادي السبوع هو مصرى فرعونى وغير ذلك من الأثار بأسوان ، وقد تم بناء جميع القرى الحدودية حديثاً لحاجة العمالة المُهاجرة بالقرب من المعابد المُكتشفة و أماكن الكشف الأثري وقد كثف الأثريين من وجودهم بتلك المناطق بسبب الإكتشافات الأثرية ولا سيما بعد الحملة الفرنسية على مصر ويوجد خلط متعمد بين تلك الحاميات والقلاع اليونانية في وسط السودان والحبشة في القرون الأولى الميلادية والتى كان قائم عليها النوبت ( النوبة ) حيث المحميات البيزنطية التى يقودها النوبت أو النُبط ( النوبة ) لأنهم كان شركاء الروم في حكم بلاد الشام و يمكننا القول بأنهم تقاسموا معهم النفوذ حتى بلاد الحبشة و إن المراجع التاريخية تؤكد إن النبط كانوا جزء من الهيكل الإدارى للأمبروطورية الرومانية و كان النوبت ( النوبة ) أو النبط و معهم البزينطين قد تقاسموا النفوذ ببلاد الشام ونجدهم كذلك في عهد المسيح حيث بلاطس النبطى الذى كان يُكتب إسمه بأحرف مُحرفة ( بيلاطس البنطي ولد في 10 قبل الميلاد.) ومنذ ذاك الوقت لم تتوقف حركة التزوير التاريخى المتعمدة و كل هذا بسبب الصراع الأبدى بين بنى إسماعيل وبنى إسرائيل ومفهوم الأحقية في العهد مع الله ، وأما عن مولد حضارة النبط أو كما تُكتب الأن بالنوبة فكانت بالبتراء قبل ١٧٠٠ عام قبل الميلاد ومن بعد بتدمر حيث الإزدهار الحضارى والنفوذ العسكرى وكانت ملكتها زنوبيا إحدى ملوك تدمر وهى إحدى ممالك النبط القديمة وقد ذُكر في كتاب البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب عن الرومان والنوبت أو النوبة أو النبط حيث ( وصف الرومان الحاكم النبطي ' فيليب ' الذي حكم روما سنة 244م بأنه عربي، ' لإنه كان عربي المولد وكان قد نشأ وترعرع في بُصرى، ثم دخل الجيش الروماني وتقدم فيه وأصبحت له مكانة ' قد كان للنوبت وجود في غرب البحر الأحمر وشرق نهر النيل. وليس من اليسير أن نحدد تأريخاً على وجه الدقة محطات القوافل التي اتخذها الرومان في الصحراء الشرقية لمصر ، ولعله من العسير أيضاً أن نعرف مدة بقائها، أو معرفة متى تركت الحاميات الرومانية هذه المحطات، وغادرت الصحراء الشرقية، هو من الصعوبة بمكان تحديد ذلك . ولكن ربما كان القرن الخامس الميلادي تأريخاً هو وقت جلاء الرومان عن هذه المحطات ومما يلفت النظر أن النبط أو كما تم تحريف الإسم إلى ( النوبة ) إزداد نشاطهم التجاري في مصر، كما تدلنا النقوش، كان نشاطهم قد بلغ أشده بعد زوال مملكتهم سنة106م. وليس ببعيد أن يكون القضاء على مملكتهم من العوامل التي دفعتهم إلى بذل أقصى الجهد وتركيز اهتمامهم في توسيع تجارتهم في بلاد إفريقية المعروفة في حينها ببلاد الحبش أو الزنج لأن لفظ أفريقيا جاء متأخراً و كان نسبة إلى القائد العربي الذى فتح بلاد الزنج وهو ( افريقش بن قيس بن صيفي احد ملوك التببابعه الحميرى ) ومن ثم تم تسمية القارة على إسمه ، ولا ريب في أن مهارة الأنباط أو النوبة في الرحلة والتجوال قد اكسبهم نفوذاً وسلطاناً في هذه البلاد وخاصة في شرق بلاد النيل . بل تعدى هذا النفوذ إلى أوربا، فقد استطاع أحدهم أن يصبح امبراطورا على روما، وهو فيليب العربي244 - 249م وقد عثر المنقبون على بعض نقوش نبطية في ايطاليا وفي ضوء هذا، نستيطع أن نزعم أن الجاليات النُبطية ( النوباتيا )، لم يقتصر نشاطها على سيناء، والصحراء الشرقية وحدها، بل كان منهم جماعات قد سكنوا على ضفاف النيل، وفي الصحراء الغربية، وفي شمالي إفريقية، ويمكن أن نستأنس في هذا بما ذكره أبو عبيد البكري الأندلسي ت487ه1094م عند الكلام عن ' أجدابية ' ،بلد بين برقة وطرابلس الغرب، قال وأهلها ذوو يسار أكثرهم أنباط. ) وإن لفظ نبط يسميه الرومان نباتيا ( Nobatae - Nobadia ) ولفظ تدمر (باللاتينية: Palmyra) ومترجمة مُحورة بالعربي إلى البللميين وإنه يوجد من أفرع للبلميين في شرق النيل بمصر والسودان على مدار قرابة الفين عام وهم قبائل تحاربوا وثم أختلطوا بالبجة و قد أختلط معهم الحميريين الذين سيطروا في فترات عدة على بلاد الحبشة وشرق بحر القلزم وقد تحدث عنهم ( الأدريسى وإبن الجبير والمقريزى و ابن الفَقيه (توفى في 340 هـ = - نحو 951 م وتحدث عن حدود مصر في ذلك الوقت في كتابه مختصر تاريخ البلدان و عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب بن عمرو البكري ولد في 432 هـ إلى 483 هـ ، أكبر جغرافي عربي في الأندلس وأشهر أديب في القرن الخامس الهجري في المسالك والممالك و ابن حوقل 367 هـ في صورة الأرض ص 133 ) وقد تحدثوا عن بلاد المقرة ودار صور أو كما يقولون عنها الأن دار فور فإن قبائل البجة لهم طبيعة المحارب و تداخلوا في النسب مع قبائل العبابدة والبشارية الذين هم فرع من القبائل القريشية المنتسبة إلى زبير إبن العوام و منهم العليقات من ابناء عقيل إبن أبى طالب فى عصر ما بعد الفتح الإسلامى والعجيب في الأمر ذلك الإندماج السريع بينهم على مدار ١٤٠٠ عام وهؤلاء هم من يلقبون أنفسهم حتى من قبل دخول الإسلام بالبللميين وهم من النوبت وتكتب حديثا النوبة أى النوبط ( النبط أو نباتيا ) وقد أتبعوا البطالمة وأصبحت أماكنهم بالسودان كأحد الحاميات العسكرية في غرب و شرق النيل والمناطق التى سُميت لاحقا بدنقلا وبربر و كسالا وسوكن لا حقاً وقد تداخل تحت نفوذ هؤلاء النوبط العديد من القبائل الأفريقية وقد أرتبطوا إقتصاديا بالنوبط ( النوبة ) الحكام حيث سيطرتهم حتى بلاد الحبشة وعندما أعتنق البطالمة المسيحية فى عهد قسطنطين الكبير حينها أصبح النبط تابعين لديانة البطالمة وهكذا أصبح من الطبيعى أن يتبعهم النوبت ( النبط وهم أحفاد نباتا إبن النبى إسماعيل ) في العقيدة و مواليين للرومان البيزينطيين عسكرياً ، وأما عن الإعتقاد المسيحي ما هو إلا ديانة حديثة عهد بشعب مصر حيث لا تتجاوز عمرها أكثر من ٢٥٠ عام فقط قبل دخول الإسلام و من بعد أصبح اتباع المذهب الأرثوذكسى مضطهدين لسبب إختلافهم العقائدى مع الحاكم الرومانى ، وإن البعد الزمنى و التاريخى قد زاد من الإلتباس عن ماهية الشعوب وجذورهم بسبب النسب والإختلاط والإندماج والهجرات ومن هنا جاء الخلط بين قبائل الزنجية التى كانت خاضعة لنفوذ مملكة النبط ( النوبة ) و هؤلاء النبط الذين كان لهم نفوذ في المنطقة العربية منذ قرابة ١٧٠٠ عام قبل الميلاد وكان بينهم وبين بعض الفراعنة صراعات وحروب و في المراجع التاريخية وجدنا أنهم إتحدوا مع الحيثيين و الكنعانيين و أحيانا مهادنة مع بنى إسرائيل والأشوريين لمحاربة فراعنة مصر الذين لقبوهم بالهكسوس وكان لهم صولات وجولات ضد القدماء المصريين ولذا قيل بأن النوبط ( النوبة ) شاركوا في حكم مصر في عهد الهكسوس وأما بخصوص كلمة كوش فهى كلمة عبرية ويقصد منها المنبوذ من رحمة ( الإله يهوى ) حسب إعتقاد التوراتى و اليهود يُعيرون بها كل من هو غير يهودى أو كل من هو من غير الساميين ولذا نجدهم قد حقروا أبناء حام و هذا حسب تصوراتهم العرقية وأعتبروا كل الزنوج كوش وليسى فقط الأفارقة بل كل من يخالفهم في النسب و يعاملونهم على كونهم هم و ذريتهم عبيد في خدمة يافث وسام إخوانهم وأبناء أبيهم نوح وهذا هو البعد الدينى الحقيقي للتاريخ العبرى اليهودى وهناك تفسير تلمودى لكلمة كوش ( سفر التكوين 10:6 وفى سجلات الكتاب المقدس 1:8 وتنسب اليه كوش والكوشيين على أنهم الشعب الملون البشرة الذى يستوطن ضفاف نهر جيحون ولديه تاريخ قديم ومتداخل مع شعوب شمال شبه الجزيرة العربية واليمن ) ونتسآءل أين نهر جيحون ؟ يتضح إنه لا يوجد بأفريقيا هذا النهر وليسى هو نهر النيل بل يقال إن ( نهر جيحون هو من أكبر أنهار آسيا الوسطى، وجيحون التسمية العربية لهذا النهر، الذي كان قديماً يعرف باسم أكسوس Oxus، وحديثاً باسم «أموداريا» ) وهذا النهر على وجه التحديد ينبع نهر جيحون من الجبال العالية في طاجكستان وأفغانستان الشمالية، من ارتفاع 2900م تقريباً. إذن لم يثبت بأن كوش والكوشين جذورهم كانت فب السودان أو فى أفريقيا وهكذا لم يثبت بان النوبت ( النوبة ) قد تركوا اثار حضارية ورآءهم في مناطق السودان لأن مركز نفوذهم كان في بلاد الشام وإن لعبة التزوير والخلط متعمدة .،


وللبقية شروح . ( كل ما أتمناه لمصر الجديدة هو أن نُعيد قرأءة التاريخ بعيون عربية و إسلامية ولا نركن أو نكتفى بما قاله أو كتبه الغرب )

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير