ناصر اللحام...سيناريو المصالحة والانقسام الأصعب بقلم: سري سمور
25.01.2013 09:43 PM
يقول اللحام:« وهناك تيار قوي يضغط على القيادة إلى إعلان موعد للانتخابات البرلمانية والرئاسية ، وأن تقتدي فلسطين بتجربة الأردن وتذهب إلى انتخابات بمن حضر وأن يجري تعيين نواب من المنطقة التي يتعذّر إجراء الانتخابات فيها . وهو أمر له استحقاقات سياسية ومالية خطيرة على الوضع بشكل عام.» لن أسأل عن التيار الذي يشير له اللحام ولكن عمّا قد يحصل أي انتخابات تشريعية ورئاسية تـقتصر على الضفة الغربية، وتعيين نواب لقطاع غزة؛ ولنتذكر أن انتخابات بلدية أجريت قبل شهور في الضفة الغربية، ومع أن المشاركة كانت ضعيفة، إلا أن هناك بلديات ومجالس قروية حلّت مكان المنتخبة أو المعينة السابقة بناء على نتائج هذه الانتخابات، فما الذي يحول دون إعادة الكرة مع التشريعية والرئاسية، دون قطاع غزة؟ أو قد يشارك من يرغب في القطاع عبر الجوال أو الهاتف أو الإنترنت، وسواء شارك قطاع غزة أم لم يشارك فإن حصته من النواب الجدد جاهزة، وباستثناء الجبهة الشعبية التي أعلنت سابقا أنها ترفض هذا الأمر (وهو موقف غير ثابت بالضرورة) فإن قوى اليسار الحمراء والبرتقالية تتلهف لمثل هذا السيناريو لأنها ستحصل على مقاعد أكثر في ظل غياب حركة حماس، تماما مثلما كانت تحصل على مقاعد في مجالس طلبة الجامعات في الضفة أكثر من حجمها في تلك الجامعات بسبب غياب الكتلة الإسلامية، أما فتح فهي ستضمن فوزا مريحا سواء لقائمتها الرسمية أو لمرشحين خارج تلك القائمة، مثلما حصل في انتخابات البلديات.
وقد يشارك مرشحون يقررون الخروج عن قرار حماس بالمقاطعة، سواء بقوائم مستقلة، أو بأحزاب يجري سلقها سريعا، ولا أستبعد أن يكون منهم وزير سابق في الحكومة العاشرة، وقد يفوز عدد من هؤلاء، ويكون منهم وزراء، تماما مثلما حصل مع عماد الفالوجي.ويرافق ذلك حديث مكثف عن الاستحقاق الديموقراطي، وضرورة العودة إلى الشعب وإلى ما هنالك!
هل هذا السيناريو نسج من الخيال؟ لا يجب النظر إليه هكذا، ومقالة ناصر اللحام تـقرع جرس الإنذار...ولكن ماذا بعد حدوث مثل هذا السيناريو؟
بالتأكيد هذا يعني تعزيزا للانـقسام ومأسسة له، وقد يتزامن مع حلحلة الأزمة المالية القائمة لأن بعض الدول المعنية بذلك ستفتح صنابير أموالها، ولعل هذا سيشجع الناس على قبول التعاطي مع الأمر نظرا للظرف الاقتصادي الصعب.
أما حركة حماس فهي سترفض وتصدر بيانات وتصريحات تهاجم إجراء الانتخابات بلا توافق، ولن تـقبل بنتائجها، ولكنها عندئذ ستكون في حلّ تام من القيود القانونية والدستورية الموجودة حاليا، وقد تـقوم حتى بإقرار قانون أساسي (دستور) جديد أو تعدّل القائم للتعامل مع الواقع في قطاع غزة، ولا نـنسى أن غزة يزورها رؤساء دول ورؤساء وزراء حاليا، ومن المتوقع أن يزداد عدد هؤلاء كما ونوعا، فلا يستبعد زيارة الرئيس محمد مرسي، والسيد رجب طيب أردوغان، والرئيس أحمدي نجاد، ورئيس وزراء المغرب، وغيرهم وغيرهم...فالحصار على غزة يتفكك سياسيا واقتصاديا، وفرص العمل هناك في ازدياد مطرد، وأبواب الاستثمار قابلة للتوسع، مما يعني أن حماس ليست مضغوطة، وقد يكون لها ردة فعل على إجراء الانتخابات في الضفة ذات طابع مؤسساتي، مثل توسيع حكومتها في غزة بإدخال عناصر من فتح(قد تجد من فتح من يقبل المشاركة) ومستقلين وفصائل أخرى.وهذا يعني أن الضفة والقطاع وحتى إشعار آخر حالهما سيكون مثل شطري قبرص مثلا، أو العراق وكردستانه، أو غير ذلك من المناطق في هذا العالم، وسيصبح الحديث عن الوحدة رومانسيا، وأشبه بديباجة خطابية تزيّن الخطاب السياسي للجميع.
هل علينا أن نرحب بهذا السيناريو المتوقع؟بالتأكيد لا، ونسأل الله أن يجمع الشمل، وعلى فتح وحماس أن تضعا القدس نصب أعينهما، وألا تنشغلا عنها بشيء يبعدهما عن تطهيرها، وأوجه كلامي إلى فتح لأن بيدها أمر منع هذا السيناريو:لا يجوز لبعض الطامعين، من فصائل صغيرة أو حتى منكم، ببضعة مقاعد برلمانية أن يضعوا غشاوة على أعينكم ويدفعوكم نحو مأسسة الانـقسام وترسيخه...حمى الله شعبنا وجعل الوحدة بين أبنائه واقعا لا شعارا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء