من المسؤول عن ترحيل أهالي عين الميتة منها؟؟؟ بقلم: عاطف أبو الرب

23.01.2013 08:05 PM
هل هي بداية النهاية تهويد الأغوار؟

منذ بداية احتلال الضفة الغربية بدأت معاناة سكان المضارب ورعاة الأغنام في الأغوار، باعتبارها مناطق الرعي الطبيعية الأهم في الضفة الفلسطينية من النهر. تحمل الأهالي الكثير، وجند الاحتلال كل أسلحته، بما فيها الطائرة العمودية التي لاحقت الرعاة في الجبال، وحملتهم بعيداً عن المراعي، وقتل الاحتلال مئات رؤوس الماشية، وتم احتجاز آلاف منها، وفرض غرامات على السكان، ونشر الموت في كل مكان، فارتقى عدد كبير من الشهداء، جراء انفجار مخلفات التي يتركها الاحتلال في الأغوار، كل هذا وصمد الناس في الأغوار، وحافظوا على هوية هذه البقعة المقدسة من أرض باركتها السماء.
لن نجتر الماضي، وسننتقل لما تمر به الأغوار منذ سنوات، حيث كثف الاحتلال من هجمته ضد الأغوار وسكانها. هذا الاحتلال، الذي يستغل ضعف السلطة الفلسطينية، وتراجع اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية، غياب أي رادع للاحتلال. حيث برع الاحتلال باستغلال هذه الظروف، ونفذ عشرات الاعتداءات بحق البشر والشجر، والمواشي، وتمكن من تحقيق أمور كثيرة عجز عن تحقيقها فيما مضى من سنوات الاحتلال.
قبل عام ونيف أعلن الاحتلال عن خطة لإخلاء مئات العائلات في الأغوار، وفي السفوح الشرقية لمحافظة الخليل. في حينه تحركت بعض المؤسسات الدولية، وبعض الدول ضد هذه الخطة، فتراجعت دولة الاحتلال عن تنفيذ الخطة، وأعلنت عن تأجيل تنفيذها. وقد بدأت إسرائيل بتنفيذ تدريجي بطيء للخطة، ولم توقفها نهائياً. ويبدو أن إسرائيل قررت حسم القضية، والانتهاء من تنفيذ خطتها، في ظل الصمت الدولي، والضعف الفلسطيني، والتخاذل العربي، وانشغال العرب في تدمير سوريا.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ما تشهده الأغوار من تصعيد وتسارع في الخطوات الإسرائيلية على الأرض. حيث أنه منذ نصف عام بدأت إسرائيل تقوم بعمليات إخلاء لمئات السكان من منازلهم وخيمهم في الأغوار بصورة مؤقتة، بحجة التدريبات العسكرية، وتقوم إلى جانب ذلك بإخطار السكان بإخلاء مواقعهم بصورة نهائية، بحجة تواجدهم في مناطق عسكرية مغلقة، وبدون تراخيص. وقد نفذ جيشش الاحتلال عدد من عمليات الهدم، طالت خيم ومنشآت المواطنين في الأغوار.
الجديد، والخطير في ملف الأغوار ما أقدمت عليه قوات الاحتلال هذا الأسبوع من هدم خيم ومنشآت في محيط وادي المالح، في عين الميتة، وحمامات المالح، حيث أتبعت عملية الهدم بمصادرة ما أعيد بناؤه، وهددت بمصادرة المواشي. وبدل من دعم المواطنين، والبحث عن وسيلة تمكنهم من البقاء في مواقعهم، تم نقلهم إلى موقع قريب، وتم بذلك إخلاء منطقة عين الميتة بشكل نهائي. والمحزن في الأمر أن محافظ طوباس سلم المواطنين بعض الإعانات البسيطة في موقعهم الجديد. وهذا التصرف من قبل المحافظ، بما يمثله من مسؤولية يمكن أن تفهم على أنها موافقة على إخلاء المناطق المهددة، وقد تدفع الاحتلال للمزيد من التطرف والعنف بحق المواطنين، وبالتالي البناء على خطوة إفراغ عين الميتة لإفراغ مناطق أخرى. عندها، سيجد الفلسطينيون أنفسهم في مناطق محاصرة جداً، وسيصبح وجودهم في هذه المناطق مستحيل، نظراً لطبيعة حياة الناس هناك، وقد يضطر البعض لمغادرة الأغوار بششكل نهائي، ونكون قد ساهمنا بتحقيق أهداف الاحتلال من حيث لا ندري.
وأمام حقيقة أن الأراضي المستهدفة في الهجمة الأخيرة مملوكة من قبل بطريركية اللاتين، التي ترفضض منح المواطنين أية عقود تمكنهم من الصمود بوجه إجراءات الاحتلال، إلى جانب غموض في موقف السلطة من هذه القضية، تثير أكثر من علامة سؤال. ترى هل الكنيسة راغبة وموافقة على ما يقوم به الاحتلال من إفراغ أراضيها من السكان وتحويلها لمناطق تدريبات عسكرية لجيشه؟ وهل السلطة استسلمت لإرادة الاحتلال؟ أم أنها تعتبر أن حماية الأرض من ممارسات الاحتلال مسؤولية المواطنين فقط؟ هذه الأسئلة، وغيرها يطرحها الناس والمتابعون لتطورات الأحداث في الأغوار.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير