أين اللجنة القانونية في مجلس الأمناء من قرار محكمة العدل العليا؟! - أيوب عثمان

17.01.2013 12:29 PM
بعد أن كتبت مقالاً بعنوان: "أسئلة تنتصب في وجه اللجنة القانونية بمجلس الأمناء" وآخر بعنوان: "إلى صاحب الديمقراطية وحقوق الإنسان في مجلس الأمناء".
وبعد أن أرسلت – عبر رئيس الجامعة – إلى اللجنة القانونية في مجلس الأمناء، رسالة عرضت فيها عسف الجامعة ضد ذاتها وضدي.
وبعد أن لم تفعل اللجنة القانونية في مجلس الأمناء شيئاً، ولم تحرك ساكناً، حتى أنها لم تكلف نفسها بالرد على رسالتي، سلباً، أو إيجاباً، أو إيضاحاً.
وبعد أن تزايد العسف ضدي إلى أن كانت إحالتي إلى لجنة تحقيق طلبت ردها برئيسها وعضويها، دون استجابة، على الرغم من افتقارها للشرعية، شكلاً ومحتوى.

وبعد أن لم يستجب رئيس الجامعة حتى لطلبي تنحية بعض أعضاء اللجنة، على الرغم من إبرازي لوثائق بعضها صادر عن جهات رسمية تفيد بانعدام الحيدة والنزاهة والشفافية لديهم، فيما يصف بعضها الآخر الصادر عن جهات قضائية أحد أعضاء اللجنة بأنه مزور قام بتغيير محاضر جلسات رسمية، ما يفيد انعدام الصدق والأمانة لديه وانعدام العدالة فيه.
وبعد أن تمت إحالتي إلى المجلس الجزائي الابتدائي، في أعقاب توصيات لجنة التحقيق التي أبلغني رئيس الجامعة أنها أدانتني، على الرغم من أنها لم تُجْرِ أي تحقيق، البتة، معي.
وبعد أن بلغ العسف والظلم ضدي مبلغاً وصل إلى حد وقف راتبي ووقفي عن العمل، خلافاً لأنظمة الجامعة وقوانينها.
وبعد أن اضطرني الظلم الذي لم تتحرك لوقفه اللجنة القانونية في مجلس الأمناء ولم يكن لها أي مقاومة له، إلى اللجوء إلى محكمة العدل العليا التي أصدرت قرارها بوقف قرار وقف صرف راتبي ووقف قرار وقفي عن العمل.
وبعد أن لم تحترم إدارة الجامعة محكمة العدل العليا التي لا يرد قرارها ولا يطعن فيه ولا يستأنف عليه.
وبعد أن امتنعت إدارة الجامعة عن تنفيذ هذا القرار، على الرغم من انقضاء سبعة عشر يوماً على صدوره، ومرور خمسة عشر يوماً على تبلغها رسمياً به.

وحيث تقضي المادة 106 من القانون الأساسي بأن "قرارات المحاكم واجبة النفاذ، وأن الامتناع عن تنفيذها، أو تعطيل تنفيذها، على أي نحو، يعتبر جريمة يعاقب عليها بالحبس أو العزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً، أو مكلفاً بخدمة عامة، وللمحكوم الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملاً له".

وحيث تقضي المادة (143) من قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74/1936 المعمول به حتى تاريخه بأن "كل من خالف قراراً أو أمراً أو مذكرة أو تعليمات صدرت له حسب الأصول من إحدى المحاكم أو من موظف أو شخص يقوم بمهام وظيفة عمومية ومفوض بذلك تفويضاً قانونياً يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنتين إلا إذا كانت هنالك عقوبة أخرى أو إجراءات مخصوصة مقررة صراحةً بشأن تلك المخالفة".

وحيث إن القرار الذي يصدر عن محكمة العدل العليا هو قرار محصن وواجب النفاذ.
وحيث إن مخالفة القرارات أو الأوامر أو المذكرات أو التعليمات الصادرة حسب الأصول من إحدى المحاكم تندرج في إطار العقوبات تحت باب "مخالفة الأوامر المشروعة".

فما الذي يدفع جامعة الأزهر إلى أن تخالف الأوامر المشروعة، فتمتنع عن تنفيذ هذا القرار، خلافاً للقانون الأساسي الفلسطيني وقانون العقوبات الفلسطيني؟! وما الذي تراه اللجنة القانونية بمجلس الأمناء في شأن امتناع إدارة الجامعة عن تنفيذ هذا القرار، لا سيما وإن هذه اللجنة القانونية يرئسها من أسهم إسهاماً بارزاً في إعداد وجمع القوانين الفلسطينية، ومن كان في الفترة السابقة، قاض فاضل وحصيف في المحكمة العليا؟! وهل فكرت اللجنة القانونية في مجلس الأمناء – وهي تسمع عن امتناع إدارة الجامعة عن تنفيذ القرار – في أسباب خسران هذه الجامعة معظم القضايا المرفوعة من العاملين ضدها؟! وهل يرى الأستاذ المستشار قاضي المحكمة العليا، رئيس اللجنة القانونية في مجلس الأمناء، والذي كان ذات يوم رئيساً لدائرة الإجراء، أن امتناع إدارة الجامعة عن تنفيذ قرار محكمة العدل العليا هو دليل فهم وقوة وامتلاء، أم دليل جهل وضعف وخواء؟!

وبعد، فإن من يسيء إلى جامعة الأزهر ليس ذلك العاشق المنتمي لها والغيور عليها. إنه ليس ذلك الذي يفتح أعين المسؤولين على سلبياتها، وعلى ما يسوؤها وما يسيء إليها، وإنما الذي يسيء إلى هذه الجامعة هم أربابها مِنْ مراقب لا يراقِبُ ولا يحاسِب وإن راقب وحاسب فإنه يوطن نفسه على أنه فوق أن يراقَبَ وأن يحاسَب، ومن مجلس إدارة لا يدير، وإنما على الدوام ومن على البعد، يدار! ليست هذه هي الإساءة فقط، بل إن هذه هي أم كل الإساءات ورأسها وأصلها ومبعثها ومحورها.

إن من يسيء إلى الجامعة ليس من أخذ إلى القضاء شكايته، رافعاً إليه مظلمته، مستجيراً به، طالباً عدله وانصافه وعدالته، بل إن الذي يسيء إلى الجامعة هم أربابها- من مجلس أمنائها إلى رئيسها ومجلس إدراتها- الذين لا يدركون أنهم بتحديهم للقضاء وامتناعهم عن تنفيذ قراراته التي أصدرتها أعلى درجاته التي لا رد لها ولا طعن فيها ولا استئناف عليها، إنما يفتحون ما كان مغلقاً من أبواب ومنافذ على كل مصارعيها، فيستجلبون لأنفسهم وللجامعة سلبيات وإساءات وسباب ولعنات تصيب – في مقتل – هذه الجامعة التي هم عنها في القريب العاجل لا محالة راحلون.

أما آخر الكلام، فإن من يسيء إلى الجامعة ليس من يغار عليها وحفي لسانه من كثرة ما لفت الانتباه إلى ما يشينها، ويشوه صورتها، ويسيء إليها، كتلك القذارات الطافحة على جدران قاعات الدرس وفي الممرات، وليس من كتب مقالات ومقالات ومقالات، آملاً أن يستنهض من خلالها همة الأموات، وليس من كتب كل الذي كتب انطلاقاً من إيمانه بالأوامر الإلهية والتوجيهات النبوية والتشريعات القانونية المحلية منها والدولية والإنسانية، وإنما الذي يسيء إلى هذه الجامعة شر الإساءة هم من يستطيعون حمايتها من كل إساءة ولا يفعلون. إنهم إدارة الجامعة ومجلس أمنائها، وقبل كل هذا وبعده ما يسمى "اللجنة القانونية في مجلس الأمناء" التي لا يبعثها من رقادها ولا يحرك سكونها وركودها حتى قرار محكمة بلغ من وجوب النفاذ والتحصين مبلغاً دفع المشرع إلى أن يصوغ في شأنه المادة 106 من القانون الأساسي الفلسطيني والمادتين 142 + 143 من قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74/1936 في سياق مخالفة الأوامر المشروعة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير