95 عاماً على ميلاد جمال عبد الناصر أعظم عربي فى الألفية الثانية.

12.01.2013 10:38 PM
بقلم : عمرو صابح
______________

قرن من الزمان إلا خمسة أعوام مر على يوم ميلاد القائد المُعلم "جمال عبد الناصر" الذى ولد فى 15 يناير 1918 ووافته المنية فى 28 سبتمبر 1970
بمقاييس الزمن عاش عبد الناصر حياة قصيرة فقد رحل عن 52 عاما و 8 أشهر و 13 يوما ، ظهر فيها على مسرح التاريخ لمدة 18 عاما مثلت فصلا استثنائيا فى التاريخ العربى كله .
رحل عبد الناصر ولم تكتمل رسالته وبعد وفاته انقضت قوى الاستعمار العالمى متحالفة مع ذيولها من قوى الثورة المضادة والرجعية العربية على وطننا العربى لبتر تجربته والقضاء على نتائجها و تشويه ذكرى البطل الخالد
الذى تركنا و نحن فى أشد الحاجة إلى صموده وصلابته وبعد نظره فى مواجهة قوى الهيمنة العالمية التى لا ترى الوطن العربى إلا كمصدر للبترول وسوق لتصدير منتجاتها .
رفض عبد الناصر أن يكون وكيلا للمصالح الامبريالية الأمريكية ولم يبادر أمريكا بعداء بل كان كل حلمه أن يضمن استقلال وتنمية الوطن العربى من أجل مصالح الشعوب العربية وليس لصالح الإستراتيجية الأمريكية العالمية .
نبعت خطورة مشروع وتجربة عبد الناصر من وجوده فى مصر أكبر و أهم قطر عربى يستطيع التأثير فى مصير الوطن العربى والعالم الثالث والعالم كله لذا شنت القوى الاستعمارية حروب ضارية ضد عبد الناصر و مشروعه وأفكاره فى حياته وبعد وفاته وحتى الآن .
أثبتت انتفاضات الربيع العربي بُعد نظر جمال عبد الناصر وجذرية أفكاره خاصة فى الحالة المصرية فلولا قيادته للثورة فى 23 يوليو 1952 ولولا مواقفه الحاسمة خلال أزمة مارس 1954 لفشلت ثورة 23 يوليو ولتحولت لمأساة كما حل بانتفاضة 25 يناير 2011 بمصر وبدون أى تحيز إيديولوجي فثورة 23 يوليو 1952 هى الثورة الوحيدة فى التاريخ العربي الحديث التى تستحق مسمى الثورة وتنطبق عليها المعايير العلمية لمعنى كلمة "ثورة" فقد استطاعت تغيير المجتمع بالكامل وعلى كل الأصعدة تغييراً جذرياً ولم يكن هذا ليتحقق لولا وجود جمال عبد الناصر الثورى الفذ الذى رسم خريطة طريق حولت الانقلاب العسكرى الناجح لثورة شاملة.
إن مسار ثورة 23 يوليو 1952 ورؤية عبد الناصر الإستراتيجية لمصير مصر المرتبط بمصير الأمة العربية كلها يحتاج منا لمراجعة فى ظل التخبط والفشل الذى أصاب انتفاضة 25 يناير 2011 فى مصر وهو ما سأعرضه خلال السطور القادمة:
- عـــــــــــــــروبة مـــــــــصر فرض الجغرافيا والتاريخ:
فى فجر يوم 23 تموز- يوليو 1952 يفجر جمال عبد الناصر الثورة المصرية، فالضابط الشاب الذي حارب في فلسطين عام 1948 وحوصر في الفالوجة، عاد من الحرب ساخطا على الأوضاع السياسية في وطنه وفى الوطن العربي كله، عاد حالما بقلب تلك النظم الحاكمة المفلسة والعميلة والتى رأى أنها صنعت الهزيمة قبل أن تنتصر إسرائيل فعلا على أرض المعركة وتغتصب 78% من فلسطين، لمس جمال عبد الناصر مأساة فلسطين على الأرض عن قرب و أدرك الهدف الحقيقى من زرع إسرائيل في قلب العالم العربي وأيقن أن أمن مصر القومى موجود خارج حدودها موجود في الشام، لذا عندما كتب كتابه الشهير ( فلسفة الثورة ) حدد الدوائر التي سوف تتحرك من خلالها السياسة الخارجية المصرية من خلال الدائرة العربية ثم الدائرة الأفريقية ثم الدائرة الإسلامية ومن خلال العمل عبر تلك الدوائر وأولها الدائرة العربية حدد جمال عبد الناصر هوية وانتماء مصر العربي وعقب استقرار الأمور للرئيس جمال عبد الناصر على الصعيد الداخلى في مصر قام بتكليف أجهزته بدراسة أوضاع الوطن العربي ووضع الخطط لتحريره من الاستعمار إيمانا منه أن حرية العرب من حرية مصر وأن استقلال مصر سيظل منقوصا طالما لم تتحرر كل الدول العربية.
عندما قرأ دافيد بن غوريون مؤسس إسرائيل كتاب (فلسفة الثورة) لجمال عبد الناصر، قال أن هذا الكتاب أسوأ من كتاب (كفاحي) لهتلر،
لأن قيام النظام الجديد في مصر بدور قيادي نشط في الوطن العربي سيدفع بالأمور تجاه الحرب مع إسرائيل.
يبرز الوجه العربي الصرف لمصر الثورة التي تدعم وتساعد كل حركات التحرر العربية ماديا وإعلاميا وتخوض حرب ضروس ضد قوى الاستعمار القديم في الوطن العربي، فتقود إذاعة "صوت العرب "- التى أفتتحها عبد الناصر فى 4 يوليو 1953 – شعلة تحرير الوطن العربي كله فتنفجر ثورة الجزائر عام 1954 في وجه فرنسا وتخوض مصر حرب ضروس ضد حلف بغداد في نفس العام، وعندما ترفض الولايات المتحدة الأميركية طلب الرئيس عبد الناصر منها تسليح الجيش المصري، يكسر الرئيس عبد الناصر احتكار الغرب للسلاح ويعقد أول صفقة سلاح مع الاتحاد السوفيتي عام 1955 مما يجعله في أعين الجماهير يبدو كبطلها وأملها في التحرر و الوحدة واللحاق بالعصر، وعندما ترفض الولايات المتحدة مساعدة مصر في تمويل السد العالى وتشهر بمصر وبالرئيس عبد الناصر، ينتهز الرئيس عبد الناصر الفرصة ليحقق حلمه بتأميم شركة قناة السويس، ليضرب بسيف البطل بين عيني الطغاة ويكرس مكانه إلى الأبد في التاريخ كثائر أممي ضد الاستعمار، وبصمود الشعب المصري بقيادة الرئيس عبد الناصر أمام العدوان الثلاثى عام 1956 والدعم العربي لها أثناء العدوان، تخرج مصر منتصرة من تلك الحرب وتتعزز مكانة الرئيس عبد الناصر في مصر وفي الوطن العربي وأيقن العرب أن عهدا جديدا قد بدأ وأن بطلا عربيا فذا قد ظهر على مسرح التاريخ.
كانت سورية أول بلد عربى يستقل بعد الحرب العالمية الثانية وكانت هى مهد الحركة العربية ومنبت القومية العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر في مواجهة عنصرية الحكم التركى الذي قادته حكومة الاتحاد و الترقى في العقد الأول من القرن العشرين، وكانت سورية هى مركز الثورة العربية الكبرى خلال الحرب العالمية الأولى تلك الثورة المظلومة تاريخيا التي ركب الهاشميون موجتها وأجهضوا أهدافها من أجل ضمان حصولهم على عروش لهم، ورغم فشل الثورة وتمزيق سورية الكبرى إلى أربع دول (سورية، لبنان، الأردن، فلسطين) إلا أن فكرة القومية العربية وتوحيد سورية ظلت حلما وغاية يسعى لها القوميون العرب، وفى منتصف الخمسينيات بدأ حزب البعث في سورية يشجع الوحدة مع مصر ويرى في عبد الناصر أمله المنتظر في تحقيق أهداف الحزب القومية في سورية وفى الوطن العربي، فهو أول حاكم مصرى في التاريخ يتبنى القومية العربية ويدعو للوحدة العربية مدعما بكل إمكانيات مصر كقطر قاعدة يمثل أهم وأقوى الأقطار العربية الكفيلة بنجاح الوحدة العربية كما أنه يمتلك رصيدا من الانجازات عند الجماهير العربية على امتداد الوطن العربي كله ويتمتع بجاذبية شخصية شديدة، تضافرت كل تلك العوامل لتفرض السؤال الملح ما الذي يعوق الوحدة بين مصر وسورية؟، خاصة أن سورية وقعت منذ استقلالها في دائرة الانقلابات المتتالية المدبرة خارجيا من أجل السيطرة عليها، وبعد الخلاص من حكم أديب الشيشكلى اتخذت الحكومة الوطنية التي تكونت في سورية موقف مؤيد على طول الخط لسياسات عبد الناصر، ولعب الضباط السوريون من ذوى الاتجاه القومى العروبى بقيادة عبد الحميد السراج دورا بارزا في مساعدة مصر أثناء العدوان الثلاثى بنسفهم لخط أنابيب البترول الذي يمر عبر سورية حاملا البترول إلى أوروبا، وأصبح واضحا لكل القوى الطامعة في المنطقة أن هناك محور مصرى سورى مناهض للغرب وعملاءه يناهض حلف بغداد ويخرج منتصرا من حرب السويس ويعمل على إفشال مبدأ إيزنهاور لملء الفراغ في المنطقة بعد هزيمة الاستعمار القديم، لذا يبدأ التخطيط الأميركى للسيطرة على سورية الحلقة الأضعف في المحور المصري السورى وتدبر المخابرات الأميركية انقلابا في الأردن يطيح بحكومتها الوطنية كخطوة أولى للإطاحة بالحكومة الوطنية في سورية، وتحشد أميركا كل حلفاءها في المنطقة عبر خطة محكمة يقودها ضابط المخابرات الأميركى هندرسون لترتيب الانقلاب في سورية، وتتجمع القوات المسلحة التركية على الحدود السورية والقوات المسلحة العراقية على الحدود السورية انتظارا لإشارة البدء بغزو سورية، وعندما يطلب السوريون مساعدة مصر يقرر الرئيس عبد الناصر إرسال أسطول مصرى يضم بضع ناقلات للجنود وثلاث مدمرات تصل إلى ميناء اللاذقية السورى في 13 تشرين الأول-أكتوبر 1957 لتحمى استقلال سورية وتحبط مخطط الغزو الخارجى وتحدث دويا عالميا يوضح أن مصر لن تسمح بترك سورية نهبا للمؤامرة العالمية وأن استقلال سورية من استقلال مصر.
تعالت الأصوات في سورية المطالبة بالوحدة مع مصر، ورأى قادة البعث الرئيس عبد الناصر كأنه (بسمارك العرب) الذي يملك القوة والشعبية الكفيلة للبعث بإحكام سيطرته على سورية، وساعد في ذلك عجز أجنحة الجيش السورى المتصارعة على الاتفاق على زعامة تتولى أمور سورية، مما جعل قيادات حزب البعث تشجع الضباط السوريين في مسعاهم للوحدة الفورية مع مصر.
وفى ليلة 11-12 كانون الثاني-يناير 1958 توجه إلى القاهرة 14 ضابطا يمثلون كل مراكز القوى في الجيش السوري يحملون معهم مذكرة وقع عليها جميع أعضاء المجلس العسكري السوري تطالب بالوحدة الفورية.
رفض الرئيس عبد الناصر الاستجابة لطلب الضباط السوريين إلا إذا طلبت الحكومة السورية الشرعية والرئيس السورى شكرى القوتلى منه الوحدة، وفى يوم 16 يناير 1958 يعود الضباط السوريين وبصحبتهم قطب حزب البعث ووزير الخارجية السورى صلاح البيطار ليعلن أمام الرئيس عبد الناصر: (إن الحكومة السورية تريد إتمام الوحدة كمطلب شعبى وقومى دائم، وكطريق لا بديل غيره إلى استقرار سورية).
وافق الرئيس عبد الناصر على قبول الأمر مبدئيا ولكنه وضع ثلاثة شروط لقبوله الوحدة الفورية :
1ـ أن يتم إجراء استفتاء شعبى على الوحدة في مصر و سورية، حتى يقول الشعبان المصري و السورى رأيهما في الوحدة ويعبرا عن إرادتهما الحرة.
2ـ أن يتوقف النشاط الحزبى السورى، وأن تقوم كل الأحزاب السورية دون استثناء بحل نفسها.
3ـ أن يتوقف تدخل الجيش السورى في السياسة توقفا تاما، وأن ينصرف ضباطه إلى مهامهم العسكرية ليصبح الجيش أداة دفاع و قتال، وليس أداة سلطة و سيطرة، هذا يعنى خروج كل قادة الكتل السياسية في الجيش وفى مقدمتهم أعضاء المجلس العسكرى من الخدمة العسكرية، وتفرغهم للعمل السياسى.
ورفض الرئيس عبد الناصر أى تفاوض حول تلك الشروط التي نمت عن دهاء سياسى بالغ وبعد نظر ملحوظ، فهذه الشروط تعنى أن الوحدة مطلب شعبى جماهيرى وليس نخبوى سلطوى كما أنها تفرغ الساحة السياسية السورية من الأحزاب التي سببت القلاقل داخليا وخارجيا في سورية، كما أنها تعزل الضباط السوريين المسيسين عن مصادر قوتهم في الجيش، وتجعل من الرئيس عبد الناصر صاحب الكلمة الأولى و الأخيرة في دولة الوحدة.
وافق قادة حزب البعث على شروط الرئيس عبد الناصر على أمل أن يسيطروا على (الاتحاد القومي) التنظيم السياسي الوحيد لدولة الوحدة ويكونوا هم القوة المحركة له في ظل خلو الساحة من الأحزاب الأخرى، خاصة أنهم مهندسو الوحدة، وبأمل أن تكون لهم الأفكار وللرئيس عبد الناصر الزعامة، وقد خاب مسعاهم في ذلك لأن الرئيس عبد الناصر كان أكثر منهم ذكاء، وكانت رؤيته لدولة الوحدة تمنع وجود أى مركز قوى داخل التنظيم السياسى أو داخل السلطة السياسية يمكن أن ينازعه قراراته أو يشكل قيدا على حركته.
كان الشعب السورى متقدا بالحماس للوحدة، وشكلت إرادته وحبه للرئيس عبد الناصر قوة ضاغطة على السياسيين و العسكريين في سورية، وفى 1 فبراير 1958 أعلن عن الاتفاق على أسس الوحدة بين مصر و سورية، وفى يوم 5 فبراير 1958 عقد مجلس الأمة المصري اجتماعا في القاهرة، كما عقد مجلس النواب السورى اجتماعا في دمشق، قرر كل مجلس في اجتماعه الموافقة على طرح أسس الوحدة في استفتاء عام يجرى يوم 21 فبراير 1958 مع ترشيح جمال عبد الناصر رئيسا لدولة الوحدة التي حملت أسم (الجمهورية العربية المتحدة)، وتم الاستفتاء في موعده المحدد وجاءت نتيجته كاسحة لصالح الوحدة ورئاسة جمال عبد الناصر للجمهورية العربية المتحدة، ويوم 24 شباط- فبراير 1958 يصل الرئيس عبد الناصر إلى دمشق لأول مرة في حياته ويستقبله الشعب السورى استقبالا أسطوريا في مشهد غير مسبوق في التاريخ، حيث زحف ملايين السوريين واللبنانيين والأردنيين لرؤية الرجل الذي تعلقت به قلوبهم ورأوا فيه السبيل إلى تحقيق مطامحهم وأمالهم، كان ما حدث مثارا لقلق كل النظم العربية والإقليمية التي نظرت بعين الريبة إلى ما اعتبرته توسعا مصريا بقيادة جمال عبد الناصر يسعى إلى خلق إمبراطورية مصرية، فقد أبدى الملك السعودي سعود بن عبد العزيز رفضا قاطعا للوحدة بين مصر و سورية لأنه رأى فيها تعاظما لنفوذ مصر الإقليمي والدولي لذا حاول إفشال الوحدة عبر تدبير مؤامرتين لاغتيال الرئيس عبد الناصر، الأولى عن طريق رشوة العقيد عبد الحميد السراج مدير المكتب الثاني في سورية بمبلغ 12 مليون جنيه إسترليني، وقد جارى السراج المتآمرين وحصل منهم على شيكات بأجزاء من المبلغ المرصود لاغتيال عبد الناصر بينما أبلغ الرئيس عبد الناصر بكل تفاصيل المؤامرة، التي أعلنها الرئيس للعالم كله من شرفة قصر الضيافة في دمشق أثناء زيارته الأولى لسورية، وكانت المؤامرة الثانية للملك سعود تهدف إلى تفجير طائرة الرئيس عبد الناصر يوم قدومه إلى سورية للمرة الأولى كرئيس لدولة الوحدة، وقد فشلت كلتا المؤامرتين وتسبب الكشف عنهما في فضيحة سياسية للملك سعود بن عبد العزيز، وسوف يظهر دور الملك سعود فيما بعد في تمويل الانقلاب على دولة الوحدة والتآمر مع الضباط الانفصاليين، كما أثار قيام دولة الوحدة قلق رئيس وزراء تركيا (عدنان مندريس) فيكتب إلى وزير الخارجية الأميركي جون فوستر دالاس يقول : (إن الموقف الحالى وتطوراته تدعونا إلى إعادة تقييم الأمور، لقد ذهبت إلى فراشى بالأمس وعلى حدود بلادي الجنوبية ستة ملايين، واستيقظت صباح اليوم لأجدهم قد أصبحوا 36 مليونا).
كما أثار قيام دولة الوحدة حلف شمال الأطلنطى فتم عقد دورة طارئة لبحث التغيرات الإستراتيجية الناجمة عن قيام دولة الوحدة، وراح ممثل تركيا في الحلف ينبه الأعضاء إلى خطورة مشروع عبد الناصر حليف السوفيت على الغرب، وقدم ممثل بريطانيا مذكرة عن "التوسع الإمبريالي المصري" شبه فيها أطماع جمال عبد الناصر بأطماع محمد على، وأكد فيها أن جمال عبد الناصر يطمح لخلق اتحاد من الجمهوريات العربية تحت حكمه يضم أيضا بلدان الاتحاد الأفريقى لكى يسيطر على أهم منطقة إستراتيجية في العالم ويخنق الغرب.
فى أوراق الرئيس الأميركى إيزنهاور نقرأ له هذا التعليق حول قيام دولة الوحدة "أنني حتى هذه اللحظة لم أفهم ماذا حدث في الشرق الأوسط ؟، إن كل ما قرأته لم يجعلنى مهيأ للتطورات التي جرت، فهل كنا على علم بها أم أننا فوجئنا مثل الآخرين ؟ لقد كانت سياستنا كما أعرف هى انتزاع سورية بعيدا عن مصر وعزل ناصر بأخذ سعود من جانبه، فإذا نحن نفاجأ بالعكس تماما، ناصر يستولى على سورية بالكامل ثم يقوم هو بعزل سعود أننى أريد تقريرا عن الكيفية التي تم بها ذلك".
وترسل وزارة الخارجية الأميركية توجيه سرى إلى جميع سفراء الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة نصه:
سرى للغاية
توجيه رقم : 2279
تسجيل: 18 أبريل 1958
خاص ولعلم رؤساء البعثات الأميركية في الشرق الأوسط وحدهم
سياسة الولايات المتحدة تجاه الجمهورية العربية المتحدة
- إن وزارة الخارجية الأميركية تؤكد أن الأهداف الأساسية لسياسة الولايات المتحدة في علاقاتها مع الجمهورية العربية المتحدة، باقية من غير تغيير، إنها تؤكد من جديد أن ازدياد نفوذ مصر يتعارض مع القرار المشترك للكونجرس عن الشرق الأوسط، ويؤدى إلى تقوية القومية العربية و يشجع الاتجاهات المضادة للغرب، وبالتحديد الاتجاهات المضادة لأميركا في الشرق الأوسط وفى أفريقيا، ثم هو يؤثر على هيبة حلف بغداد، الذي يعتبر حلقة هامة في شبكة الدفاع عن العالم الحر، ويمس بالضرر موقف إسرائيل و مصالحها، الأمر الذي لا تستطيع الولايات المتحدة أن تتجاهله.
- إن وجود السيطرة على مواصلات نقل بترول الشرق الأوسط إلى أوروبا سواء عن طريق قناة السويس، أو عن طريق أنابيب البترول المتجهة إلى البحر الأبيض تحت السيطرة الفعلية للقاهرة، يعرض المصالح الأميركية في المنطقة لخطر أكيد، فإن ذلك يجعل الجمهورية العربية المتحدة الآن في وضع يمكنها من ممارسة ضغط على الولايات المتحدة و غيرها من القوى الغربية، وهذا الاحتمال يمكن أن يتحول إلى سلاح مخيف في يد الرئيس ناصر.
- يتحتم علينا أن تظل جهودنا متجهة إلى مهاجمة فكرة الوحدة بين مصر و سورية، ولا يجب أن تتوقف جهودنا لإيجاد فاصل بين البلدين، وينبغى أن يظل ذلك من أبرز أسس سياستنا في المنطقة.
وهناك قوى داخلية تشارك الغرب معتقداته، كما أن هناك قوى خارجية يمكنها في أى لحظة ملائمة أن تتدخل، وينبغى تدعيم هذه القوى من غير كلل، وينبغى أن نذكر دائما أن أي تفسخ في الجمهورية العربية المتحدة لن يقرر فقط مصير مصر تحت حكم ناصر، وإنما سيجعل من السهل محاربة القومية العربية في أى شكل تتخذه في الشرق الأوسط.
- وسوف تتكلل جهودنا بالنجاح أكثر إذا أمكن عزل الجمهورية العربية المتحدة عن باقى العالم العربي، وبالنسبة لهذه المهمة فإن ممثلى الولايات المتحدة سواء في الأقسام الدبلوماسية أو في أقسام الاستعلامات و الدعاية في العالم العربي عليهم أن ينشروا الاعتقاد العام بأن الجمهورية العربية المتحدة تشكل خطرا على كل الحكومات العربية، وفى البلاد الملكية علينا أن نشرح بقوة أن تدعيم الجمهورية العربية المتحدة قد يؤدى إلى سقوط حكم جميع البيوت الحاكمة، كما أنه في الجمهوريات يمكن بث الخوف من ابتلاع القاهرة لهذه الجمهوريات، كما ينبغى انتهاز كل الفرص لتقوية الاتحاد العراقى الأردنى الذي سوف يستمر في الحصول على تأييد الولايات المتحدة ضد الاتحاد السورى المصري.
وعلى الجانب الأخر فوجئ السوفيت بالطريقة التي تمت بها الوحدة، خاصة وقد تضمنت تصفية لدور الحزب الشيوعي السوري، وسافر زعيم الحزب خالد بكداش إلى صوفيا يوم 4 شباط - فبراير 1958 قبل جلسة مجلس النواب السوري - الذي كان عضوا به - للتصويت على قيام دولة الوحدة وانتخاب جمال عبد الناصر رئيسا للدولة، وهاجم بكداش بضراوة دولة الوحدة و الرئيس عبد الناصر بتشجيع من السوفيت المعادين لفكرة القومية العربية.
ورغم اعتراف الاتحاد السوفيتى بالدولة الجديدة (الجمهورية العربية المتحدة)، إلا أن الصراع تفجر بين السوفيت و عبد الناصر إعلاميا بعد قيام الثورة العراقية في 14 تموز-يوليو 1958 وانحياز عبد الكريم قاسم قائد تلك الثورة إلى الشيوعيين ومذابحه تجاه القوميين العرب في العراق وعدائه لعبد الناصر ودولة الوحدة فقد أتخذ السوفيت جانب قاسم ضد عبد الناصر مما حدا بالأخير إلى اعتقال كل الشيوعيين في الجمهورية العربية المتحدة في ليلة رأس السنة (1958/ 1959)، ورغم ذلك لم تتأثر العلاقات الاقتصادية المصرية السوفيتية وبعد حين هدأت حدة الحرب الإعلامية بين القاهرة و موسكو لحرص عبد الناصر على عدم نسف كل جسوره مع السوفيت، ولإدراك خروشوف لأهمية دور عبد الناصر المناوئ للغرب وللولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
رأى الزعيم الاسرائيلي دافيد بن غوريون في قيام دولة الوحدة كارثة تهدد وجود إسرائيل وتضعها بين فكى كسارة البندق (مصر و سورية).
رغم أن الرئيس عبد الناصر لم يكن مؤيدا في البداية لإتمام الوحدة بالصورة السريعة التي تمت بها وكان يرغب في فترة انتقالية لتمهيد الأمور والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مصر و سورية، لإدراكه فوارق مراحل التطور الاجتماعى و الاقتصادى بين البلدين إلا أنه تحت ضغط الظروف وافق على إتمام الوحدة الفورية لرغبته في إنقاذ سورية من التهديدات التي تتعرض لها، وقد نجحت الوحدة المصرية السورية في تحقيق الاستقرار لسورية بعد فترة طويلة من الانقلابات والمشاكل التي عانت منها عقب استقلالها، كما أن الوحدة حمت استقلال لبنان وأسقطت مبدأ إيزنهاور لملء الفراغ في الشرق الأوسط عقب خروج الاستعمار القديم من المنطقة، كما ساهمت الوحدة في قيام الثورة العراقية في 14 تموز- يوليو 1958 وإسقاط حلف بغداد وإفشال السياسة الاستعمارية الأميركية في المنطقة، كما استطاعت سورية في ظل الوحدة أن تحقق تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة كانت تبحث عنها منذ استقلالها، وجاءت القوانين الاشتراكية في تموز- يوليو 1961 تحقيقا لأحلام ومطالب متراكمة منذ عقود لذا وقف ضدها التجار والإقطاعيون السوريون..
فى فجر يوم 28 أيلول- سبتمبر 1961 تمت عملية الانقلاب على دولة الوحدة بتحرك وحدات من الجيش في سورية بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوى مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر للسيطرة على دمشق ومحاصرة مقر المشير، وقد رفض الرئيس عبد الناصر التصدى للانقلاب باستخدام القوة ورفض أن يتم رفع سلاح عربى ضد سلاح عربى وأمر بإيقاف عمليات التصدى للانقلاب بالقوة، كما لم يعارض في عودة سورية للانضمام للأمم المتحدة و جامعة الدول العربية كعضو مستقل، كان لعدم وجود اتصال جغرافى مباشر بين مصر وسورية دورا كبيرا في نجاح الانقلاب، كما كان لحجم التآمر الخارجى الدور الأكبر في نجاح الانفصال فكما تكشف الوثائق تلاقت مصالح حلف غير مقدس مكون من (المخابرات المركزية الأميركية – المخابرات البريطانية – الملك سعود بن عبد العزيز ملك السعودية – الملك حسين بن طلال ملك الأردن – الرئيس العراقى عبد الكريم قاسم – الموساد الاسرائيلي – الضباط السوريين المرتشين) للعب الدور الأعظم في الانقضاض على دولة الوحدة.
أيد قادة حزب البعث (أكرم الحوراني – صلاح البيطار) انقلاب الانفصاليين، كما أيده الرئيس السورى السابق على الوحدة شكرى القوتلى وكذلك مؤسس حزب البعث ومفكره "ميشيل عفلق"، فبعد فشل حزب البعث في تحويل سورية لحكر بعثى خاص تحت حكم الرئيس عبد الناصر لاعتقاد قادة البعث أنهم منحوا سورية للرئيس عبد الناصر وبالتالى فإن على الرئيس عبد الناصر أن يفعل ما يريده قادة البعث، وعندما رفض الرئيس عبد الناصر ذلك بذل قادة البعث كل جهودهم في سبيل فصم الوحدة لإدراكهم أنهم لن يستطيعوا حكم سورية منفردين طالما ظل جمال عبد الناصر رئيسا لدولة الوحدة.
سقطت دولة الوحدة قبل أن تتدعم أركانها لأنها تمت تحت ضغوط داخلية وخارجية كانت تعانى منها سورية فجاءت الوحدة بين مصر و سورية كضرورة أمن قومى بين البلدين أكثر منها كهدف قومى.
كان الانفصال بداية المؤامرة لتصفية حركة التحرر الوطنى العربي وكان الطلقة الأولى في الطريق إلى النكسة عام 1967، فالرئيس عبد الناصر الذي ألمته ضربة الانفصال شخصيا وبعدما تكشف له حجم التآمر العربي والغربى على مشروع الوحدة العربية، أصبح أكثر حذرا وراديكالية داخليا وخارجيا، فالميثاق يصدر عام 1962 وفيه يشدد الرئيس عبد الناصر على وحدة الهدف بدلا من وحدة الصف بين النظم العربية، وتسير مصر بخطى واسعة في الخطة الخمسية الأولى وبدا واضحا تصميم الرئيس عبد الناصر على انتهاج نظام اقتصادي اشتراكي بعيدا عن الاحتكارات الرأسمالية العالمية، وفى 26 سبتمبر 1962 تندلع ثورة اليمن ضد نظام أسرة حميد الدين الاستبدادي المتخلف.
كانت السعودية الخائفة من انتقال الثورة إليها هى التي بدأت التدخل في ثورة اليمن بالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا، وأنشأت السعودية للملكيين محطة إذاعية للتنديد بالنظام الثورى الجديد ، كما وفرت الحماية والغطاء اللازم للأمير البدر ليقود الملكيين مدعوما بجيوش من المرتزقة بتخطيط أميركي بريطاني، وأمام هذه التدخلات طلب الثوار اليمنيون من الرئيس عبد الناصر حماية جمهوريتهم الوليدة حتى لا يسقط اليمن مرة أخرى تحت الحكم الأمامى المتخلف، ووافق الرئيس عبد الناصر على دعم الثورة اليمنية عسكريا بقوات مسلحة مصرية في عملية كبرى كان أسمها الكودى (العملية 9000) كما تولت مصر مهمة إدخال الحضارة إلى اليمن بإنشاء جهاز للدولة لأول مرة في تاريخ اليمن، وتأسيس المستشفيات والمدارس و الطرق و الموانئ والمطارات من أجل نقل اليمن إلى القرن العشرين، أدت هذه التطورات إلى اشتعال الثورة في عدن و اليمن الجنوبى وقد دعمتها مصر بكل ثقلها في عملية كان أسمها الكودى (صلاح الدين).
فعمت الثورة أنحاء اليمن شمالا وجنوبا وهددت معاقل الرجعية العربية ومنابع البترول شريان الحياة للحضارة الغربية ، كما واصل الرئيس عبد الناصر دعمه لثورة الجزائر حتى تحررت عام 1962 وكما دعمت مصر كل حركات التحرر الوطنى على امتداد العالم الثالث، فرغم الخلافات العربية الطاحنة و التآمر الغربى رفض الرئيس عبد الناصر أن تخرج مصر من عروبتها وتنعزل عن إقليمها
في عام 1963 يظن رئيس الوزراء الاسرائيلي دافيد بن غوريون أن الرئيس عبد الناصر قد أصبح يائسا ومحبطا من تعاملاته مع العرب، وأنه مهيأ الآن لفض يده من الخلافات و المشاكل العربية، فيرسل له عرض للسلام مع إسرائيل عبر دينيس هاميلتون رئيس تحرير جريدة التيمس البريطانية الذي قام بإبلاغ رسالة بن جوريون إلى صديقه الأستاذ محمد حسنين هيكل، رفض الرئيس عبد الناصر عرض السلام الاسرائيلي مدركا أنه مساومة على عروبة مصر مقابل الصلح مع إسرائيل.
وفى شتاء عام 1964 يعقد حلف شمال الأطلنطى اجتماعا لمناقشة ورقة العمل التركية التي أعدها وزير الخارجية التركى وتحمل عنوان (تصفية عبد الناصر).
ومحضر هذه الجلسة الذي يناقش ورقة العمل التركية يتحدث عن الدور المشاكس والمضاد لمصالح الغرب الذي تلعبه مصر بزعامة جمال عبد الناصر عبر العديد من المشكلات التي تسبب فيها عبد الناصر من إفشال فكرة الأحلاف العسكرية:
- شراء الأسلحة من الكتلة الشرقية
- تأميم القناة - تمصير وتأميم المصالح الأجنبية في مصر
ـ الوحدة مع سورية.
ثم ثورة اليمن وهي الطامة الكبرى بالنسبة لمصالح الغرب.. فوجود الجيش المصري في اليمن لمساندة الثوار أدى إلى نشوء وضع خطير هو تحكم مصر في طريق المواصلات بالبحر الأحمر من الشمال عبر قناة السويس، ومن الجنوب عبر مضيق باب المندب
كما أن هذا الوجود يهدد بزوال العرش الملكى السعودى الذي يحارب الثورة اليمنية وهو العرش الموالى للغرب والذى يضمن تدفق البترول إلى الغرب بكل يسر.
وتعرض الوثيقة إلى الأطراف العربية التي تعادى طموحات جمال عبد الناصر وسياساته وتحددها في :
المملكة العربية السعودية
الأردن
ليبيا تحت حكم الملك السنوسى.
كما تلفت النظر لسوء العلاقات المصرية السورية والمصرية العراقية
كما تتحدث عن النفوذ المصري في إفريقيا المعادى لمصالح الغرب
وتدعو لدراسة الاقتراح بتوجيه ضربة عسكرية موجعة إلى عبد الناصر كما تطالب بتحويل اليمن إلى مستنقع يغوص فيه الجيش المصري مما يساعد على إنجاح الضربة العسكرية الموجهة إلى مصر.
مع التنبيه على أنه إذا استمر الوضع الحالى في اليمن فإن العرش السعودى مهدد بالزوال عام 1970
فى نفس الفترة تتصاعد الضغوط الأميركية على الرئيس عبد الناصر لإيقاف برامج تصنيع الصواريخ و الطائرات المصرية وإخضاع المشروع النووى المصري للرقابة الدولية، وفى عام 1965 يتم تجميد العمل ببرنامج إمداد مصر بالقمح الأميركى لزيادة الضغط الاقتصادى على الرئيس عبد الناصر ومحاولة تطويعه للأهداف الأميركية وتفكيك مشروعه المضاد للإستراتيجية الأميركية في المنطقة، وفى عام 1966 ورغم كل الرواسب العالقة في العلاقات المصرية السورية عقب الانفصال يعقد الرئيس عبد الناصر اتفاقية دفاع مشترك مع سورية.
وعندما تفشل كل مشاريع تطويع عبد الناصر للإرادة الأميركية تصبح الحرب هى الحل الوحيد المتبقى لإسقاط جمال عبد الناصر وإنهاء مشروعه القومى، ويتم نصب فخ جر مصر إلى الحرب عبر تهديد إسرائيل بغزو سورية في أيار-مايو 1967، فتندلع حرب 5 يونيو 1967 والتى انتهت بهزيمة فادحة للدول العربية (مصر، سورية، الأردن) ورغم الهزيمة لم يسقط نظام جمال عبد الناصر بفضل تمسك الجماهير العربية في مصر وفى كل أقطار الوطن العربي ببقائه، وعندما تكشفت للرئيس عبد الناصر بعض الحقائق عما جرى في الحرب مثل عدم حدوث حرب حقيقية على الجبهة الأردنية وخسارة الأردن لستة عشر شهيدا في الحرب كلها وتسليم الجيش الأردنى القدس و الضفة الغربية لليهود دون مقاومة، كما علم الرئيس عبد الناصر بما جرى على الجبهة السورية من إعلان سقوط مدينة القنيطرة في يد العدو قبل سقوطها ومن صعود المدرعات الإسرائيلية لهضبة الجولان دون مقاومة، لم يفقد الرئيس عبد الناصر إيمانه بالعروبة وبدور مصر في العالم العربي ورفض كل عروض السلام الإسرائيلية بعودة سيناء فقط إلى مصر مقابل سلام منفرد بين مصر و إسرائيل، وفى حديث له إلى أساتذة وطلبة الجامعات المصرية عقب مظاهرات الطلبة في 25 أبريل 1968 يقول الرئيس جمال عبد الناصر :
الموضوع مش هو مسألة جلاء إسرائيل عن سيناء وحدها، يمكن لو كانت دى هى المسألة.
أقدر احصل عليها بكرة بتنازلات.
أنا بقول للمثقفين بيفكروا ما ينفعلوش، أنا بقول لو العملية سيناء بس عايز.. برضه تفهموا كلامى.. لو العملية سيناء بس سهلة.
العملية مصيرنا؛ مصير العرب.. علشان لو كنا عايزين نسترد سيناء ممكن بتنازلات بنقبل شروط أمريكا وشروط إسرائيل، نتخلى عن الالتزام العربى ونترك لإسرائيل اليد الطولى فى القدس والضفة الغربية وأى بلد عربى، ويحققوا حلمهم اللى أتكلموا فيه من النيل إلى الفرات، ونتخلى عن التزامنا العربى.. بندى هذه التنازلات ونقول لهم يعدوا فى قنال السويس، ويرفعوا علم إسرائيل فى قنال السويس، وبيمشوا ويتركوا سيناء.
الموضوع مش هو الجلاء عن سيناء وحدها، الموضوع أكبر من كده بكتير.. الموضوع هو أن نكون أو لا نكون.
موضوع إزالة آثار العدوان أكبر من الجلاء عن سيناء.
هل سنبقى الدولة المستقلة اللى حافظت على استقلالها وعلى سيادتها ولم تدخل ضمن مناطق النفوذ واللا حنتخلى عن هذا؟
إحنا مجروحين.. جزء من أرضنا محتل، ولكن رغم هذا؛ رغم الجرح هل نتنازل عن كل التزاماتنا العربية، وكل المثل وكل الحقوق، ونقبل إن إحنا نقعد مع إسرائيل لنتفاوض فى الوصول إلى حل؟
إسرائيل بتقول كده، أمريكا بتقول كده
إيه المقصود بإزالة آثار العدوان؟
أما نتكلم على إزالة آثار العدوان لازم نفهم أطراف وأبعاد إزالة آثار العدوان.. والمسألة مسألة كبيرة؛ كبيرة جداً، ومسألة أيضاً خطيرة؛ لأن أمريكا أيدت إسرائيل، ساعدتها فى الأمم المتحدة، وأدتها الأسلحة، وأدتها المعونات المالية، وبمقدار كبر وخطورة الموضوع.. بمقدار ما يحتاجه من تكاليف وتضحيات. المسألة مش مسألة حل أزمة الشرق الأوسط.. المسألة هى نوعية الحل، شرف الحل، شرفنا.. مستقبلنا.. ومصيرنا".


لم يعد سرا الآن أن إسرائيل والولايات المتحدة حاولتا باستماتة إغواء الرئيس عبد الناصر بقبول صلح منفرد مقابل استعادة سيناء كاملة وبغير قيود لنزع سلاح القوات المسلحة المصرية في سيناء بشرط الخروج من الصراع العربي الاسرائيلي.
وفى حديث لرئيس وزراء إسرائيل ليفى أشكول مع مجلة نيوزويك الأميركية عدد (17 شباط-فبراير 1969) يقول : "خلال العقدين الأخيرين كررنا دائما في إسرائيل قولنا بأننا مستعدون لمناقشة مشاكلنا مع ناصر، أننى مازلت مستعدا لأن أطير إلى القاهرة، ولن أتحدث مع ناصر كمنتصر ولكنى سأبلغه أن إسرائيل مستعدة لإعادة سيناء كاملة إلى مصر وبدون أى قيد أو شرط حيث أنه لم تكن لإسرائيل في أى وقت طلبات من أجل نزع سلاح سيناء، ولكن بالنسبة لمرتفعات الجولان والقدس و الضفة الغربية فأن إسرائيل ببساطة لن تتنازل عنها، سنرد لناصر سيناء بدون شروط مقابل أن يهتم بشئون مصر ولا يتدخل في شئون الدول العربية الأخرى".
رفض الرئيس عبد الناصر كل تلك العروض وأصر على عودة الأراضى العربية كلها وعلى الوصول إلى حل شامل للصراع العربي الاسرائيلي، أدرك الرئيس عبد الناصر أن عروبة مصر هى قدرها و مستقبلها وسبيل العرب الوحيد للوحدة ككتلة قوية في عالم لا يرحم الكيانات الصغيرة، أدرك أن قيادة مصر للوطن العربي تكون بأفعالها وبكونها ممثلة لكل طموحات و أمال الشعوب العربية، لم تكن العروبة والقومية عنده تعنى السيطرة المصرية كما حدث في عهد محمد على بل كانت رؤيته أشمل لمفهوم الأمن القومى العربي الجامع لكل الدول العربية وكان مؤمنا أن المصالح العربية مشتركة وواحدة، لذا رفض بشدة أن يخرج من عروبته وأن ينعزل بمصر، كان الرئيس عبد الناصر مؤمنا بمعركة المصير الواحد لذا ظل مهتما بتكوين الجبهة الشرقية في معركة العرب المقبلة مع إسرائيل، وطلب من ياسر عرفات أن تنطلق ولو رصاصة فلسطينية يوميا داخل فلسطين المحتلة حتى يدرك العالم أن هناك قضية شعب تم اغتصاب وطنه لن تموت.
توفى الرئيس جمال عبد الناصر عقب مؤتمر القمة العربية بالقاهرة الذي عقد لوقف الحرب التي قادها ملك الأردن الراحل حسين ضد المنظمات الفدائية الفلسطينية، مات جمال عبد الناصر شهيدا في سبيل أمته، مات وهو يجاهد ضد أعداءه في إسرائيل وأميركا.
ولنرى ما الذي حدث بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر؟
فى مذكرات هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأميركى الأسبق نقرأ التالى أنه شعر بالسعادة البالغة لنبأ وفاة الرئيس عبد الناصر لأن وجوده بسياسته الراديكالية المعادية للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط كان يمثل أكبر عائق لتنفيذ الأهداف الأميركية في المنطقة الأهم للولايات المتحدة في العالم، ويحلل كيسنجر أوضاع المنطقة عقب وفاة عبد الناصر، ويصل أن الوقت أصبح مناسب للوصول لحل سلمى للصراع بين مصر و إسرائيل بشرط أن يكون هذا الحل أميركى، وأن يتضمن ثلاثة شروط :
1ـ طرد النفوذ السوفيتى من المنطقة كلها
2ـ يترك مصر ضعيفة غير قادرة على التأثير بأى نفوذ على الإطلاق في العالم العربي
3ـ أن تظهر التجربة الثورية التي قادها عبد الناصر في مظهر التجربة الفاشلة.
وعلى الجانب الاسرائيلي يقول مناحم بيجن عن وفاة عبد الناصر (إن وفاة عبد الناصر، تعني وفاة عدو مر، إنه كان أخطر عدو لإسرائيل.إن إسرائيل لهذا السبب لا تستطيع أن تشارك في الحديث الذي يملأ العالم كله عن ناصر وقدراته وحنكته وزعامته).
ويقول بن غوريون (كان لليهود عدوين تاريخيين هما فرعون في القديم، و هتلر في الحديث، ولكن عبد الناصر فاق الأثنين معا في عدائه لنا، لقد خضنا الحروب من أجل التخلص منه حتى أتى الموت وخلصنا منه ).
و يقول حاييم بارليف رئيس الأركان الاسرائيلي: (بوفاة جمال عبد الناصر أصبح المستقبل مشرقا أمام إسرائيل و عاد العرب فرقاء كما كانوا وسيظلون باختفاء شخصيته الكاريزماتية).
ويقول المفكر الاسرائيلي آمنون روبنشتاين : إن مصر يجب آلا تكون طرفا في الصراع العربي الاسرائيلي، إن تورط مصر الكبير في النزاع العربي الاسرائيلي تمخض بصفة خاصة بسبب سياسة جمال عبد الناصر التي كانت تقوم على ركنين أساسيين يعوزهما الحكمة :
1ـ إمكانية وجود وحدة عربية
2ـ معاداة الغرب
وقد رفض جمال عبد الناصر طيلة حياته العدول عن تلك السياسات والآن بعد وفاته نأمل أن تراجع القيادة المصرية الجديدة تلك السياسات لكى تنهى الحرب بين مصر وإسرائيل في مصر ولعيوب بنيوية في تركيب النظام الناصرى خرج النقيض المتطرف للناصرية من قلب النظام وعبر انقلاب أبيض بدون قطرة دماء في 13 مايو 1971، وعقب الانقلاب وبعد فشل محاولات الوصول إلى حل سلمى برعاية أميركية، أضطر الرئيس السادات إلى اتخاذ قرار الحرب متحالفا مع السوريين وفى يوم 6 أكتوبر 1973 تندلع الحرب الخامسة بين العرب وإسرائيل ويحقق المصريون والسوريون ما يشبه الإعجاز في أول أيام المعركة خاصة على الجبهة المصرية التي شهدت عملية العبور العظيم، وعند الحديث عن العبور يجب التنبيه إلى نقطة هامة وجوهرية لقد تم العبور بسواعد المصريين وعبر خطة محكمة وأداء مذهل بالسلاح السوفيتى ولكنه أيضا تم بفضل السوريين، فالطيران الاسرائيلي وهو ذراع إسرائيل الطويلة ركز 80% من قوته على الجبهة السورية في اليوم الأول للحرب لقربها من العمق الاسرائيلي ولآن المدرعات السورية في اندفاعها لتحرير أراضيها المحتلة أوحت للإسرائيليين أنها ستدخل إلى فلسطين المحتلة ذاتها، لذا تم تركيز 80 % من الطيران الاسرائيلي على الجبهة السورية، و20% على الجبهة المصرية التي تفصلها صحراء سيناء الشاسعة عن العمق الاسرائيلي، وهو ما كان له دوره في نجاح عملية العبور العظيم بالطريقة التي تمت بها.
وهكذا بالدليل العملى ثبت جدوى الوحدة خلال اليوم الأول للمعركة، فقد حققت حرب 1973 مخاوف بن جوريون من قيام دولة الوحدة التي شبهها بوقوع إسرائيل بين فكى كسارة البندق، وبرغم تفجر الخلافات أثناء الحرب وبعدها بين مصر و سورية والاتهامات المتبادلة بين الرئيسين السادات والأسد عقب قرار الرئيس السادات بالوقفة التعبوية وعدم التزامه بما تم الاتفاق عليه مع الرئيس الأسد قبل الحرب، فقد كسرت حرب 1973 هالة تفوق المقاتل الاسرائيلي و تخلف الجندى العربي.
منحت الحرب الرئيس السادات الشعبية التي كان يفتقدها منذ بداية حكمه وجلبت له شرعية جديدة غير مستمدة من شرعية سلفه الرئيس عبد الناصر رغم أن الجيش المصري الذي حارب و أنتصر تم بناءه في عهد الرئيس عبد الناصر والخطط التي نفذت كانت موروثة من عهد الرئيس عبد الناصر، ولكن الرئيس السادات قرر استغلال الانتصار العسكرى في تحويل مسار مصر والانقضاض على الناصرية وعلى العروبة.
فى يوم 7 تشرين الثاني- نوفمبر وبعد وقف إطلاق النار بأيام قليلة كان الرئيس السادات يستقبل هنرى كيسنجر في قصر الطاهرة للمرة الأولى مباشرة بعد العديد من الرسائل بينهما قبل الحرب وأثناءها وبعدها، وفى هذا الاجتماع المنفرد بين الرجلين فوجئ كيسنجر كما كتب بنفسه في مذكراته بالسادات وأطروحاته.
فالرئيس السادات لم يطلب منه أن تعمل الولايات المتحدة على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى المحتلة في حرب 1967 في إطار تسوية شاملة للصراع العربي الاسرائيلي وتفاوض على حقوق الشعب الفلسطيني.

بل كل ما طلبه هو انسحاب اسرائيلي من ثلثى سيناء حتى خط العريش – رأس محمد، وبهذا خالف الرئيس السادات الموقف العربي الثابت منذ حرب 1967، وحتى هذا المطلب رغم سرور كيسنجر به، رفضه كيسنجر قبل الرجوع للإسرائيليين، والرئيس السادات يصارح كيسنجر أن حصار الجيش الثالث ليس جوهر المسألة وخطوط 22 أكتوبر لا تصلح للنقاش بين صانعى سياسة مثله هو وكيسنجر، أن السادات راغب بشدة في عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر و الولايات المتحدة،وهى العلاقات التي تم قطعها بين مصر والولايات المتحدة عقب حرب 1967
وإثر الدور الأميركى الواضح في الحرب تخطيطا وتنفيذا، وإثر هذا القرار المصري قطعت معظم الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية بالولايات المتحدة وتم خروج 62 ألف أميركى من الوطن العربي في مشهد مهين لهيبة وكرامة الولايات المتحدة الأميركية، وهاج الرئيس الأميركى جونسون معتبرا ما حدث صفعة لمكانة الولايات المتحدة وتحريض شرير من الرئيس عبد الناصر، وطوال الفترة من 1967 وحتى 1973 حاولت الولايات المتحدة العمل على عودة العلاقات الدبلوماسية المصرية الأميركية دون جدوى لإصرار مصر على أن تلزم الولايات المتحدة إسرائيل بالانسحاب من الأراضى العربية قبل تلك الخطوة،والآن يقوم الرئيس السادات وبعد حرب ضارية اهتزت فيها ثقة إسرائيل وتم كسر جيشها بتقديم هذا العرض المجانى، أغتبط كيسنجر لذلك وفى ذهنه ما هو أبعد وأهم، فعودة العلاقات الدبلوماسية المصرية الأميركية تفتح الباب لعودة علاقات أميركا بكل دول العالم العربي، ويبلغ الرئيس السادات كيسنجر أنه قرر أن يرفع مستوى التمثيل الدبلوماسى فورا من قائم بالأعمال إلى سفير بالنسبة لمصر والولايات المتحدة، وكل ذلك بدون مقابل.
ولم يكتف الرئيس السادات بذلك بل يبلغ كيسنجر أنه ليس خلفا للرئيس عبد الناصر بل خلفا لأجداده من الفراعنة الكبار ، ويبلغه أنه ينوى تصفية ميراث سياسات الرئيس عبد الناصر الاقتصادية والاجتماعية وتوجهاته القومية العربية، وسيعمل على طرد السوفيت من الشرق الأوسط.
ويقول السادات لكيسنجر لقد كانت حماقة وطيش من عبد الناصر محاولاته الدائمة لابتزاز الأميركان وتحقيق أهداف مصر من خلال محاربة السياسة الأميركية في العالم العربي وعلى امتداد العالم، وإن مصر خاضت ما يكفيها من حروب من أجل العرب وتتطلع إلى السلام.
يسجل كيسنجر في مذكراته تلك الكلمات عن الرئيس السادات (أنه يمثل لى أفضل فرصة لكى نقلب المشاعر و الاتجاهات العربية والمواقف العربية تجاه إسرائيل، وهى أفضل فرصة تتاح لدولة إسرائيل منذ قيامها)، يقول كيسنجر أنه هو الذي أوحى للرئيس السادات أن المشكلة بين مصر وإسرائيل هى مشكلة نفسية نتجت عن عدم ثقة إسرائيل بنوايا مصر وخوفها على أمنها، وأن يجب على مصر أن تعطى إسرائيل الإحساس بالأمان وتهتم بشئونها فقط بدلا من الاهتمام بمشاكل العرب الآخرين، وكالعادة يوافقه الرئيس السادات ويصارحه أن المشكلة الأساسية نجمت من رفض الرئيس عبد الناصر الاعتراف بالهزيمة عام 1967 وإصراره على الحل العسكرى للصراع وتمسكه بحل شامل على كل الجبهات العربية مما كلف مصر الكثير.
كان خيار الرئيس السادات خروج مصر من العروبة و البحث عن حل فردى لصراعها مع إسرائيل وفصل الجبهات العربية هو البداية لعقود مريرة في التاريخ العربي المعاصر، مزقت الوطن العربي شر ممزق، لم تكن عروبة مصر مغامرة أو رغبة في الزعامة من الرئيس عبد الناصر بل كانت فرض التاريخ والجغرافيا على مصر، ولم تكن حروب مصر مع إسرائيل من أجل العرب فقط بل من أجل مصر في المقام الأول، لقد أنشأت إسرائيل لعزل مصر في أفريقيا و لوراثة دورها في الوطن العربي، يقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بن جوريون لوزير الخارجية الأميركى جون فوستر دالاس في 14 أيار-مايو 1953: "أنكم مهتمون بمصر وأود أن ألفت نظركم إلى أن إسرائيل تملك نفس المزايا التي تملكها مصر، فكلاهما يطل على البحر الأبيض والبحر الأحمر وما بين ميناء إيلات و ميناء حيفا يمر نفس الشريان الحيوى الذي يمر بين بورسعيد و السويس وهو مهيأ لحفر قناة جديدة تصل مابين البحرين، وأنا لا أعرف لماذا يريد المصريون أن نخرج من النقب، إن لديهم صحارى بأكثر مما يكفيهم و لديهم أرض تزيد عن حاجتهم وحجم بلادهم يساوى 36 مرة حجم إسرائيل)، هكذا يعلنها بن جوريون بصراحة إسرائيل تستطيع بموقعها وراثة دور مصر، وإسرائيل ليست مستعدة للتخلى عن صحراء النقب لأنها تفصل مصر عن المشرق العربي.
ويروى الأستاذ هيكل في برنامجه (مع هيكل) وقائع لقائه مع رئيس الوزراء الفرنسى الأسبق كوف دى مورفيل الذي قال له أنه جرت في الشرق الأوسط معركتين معركة دخول إسرائيل، ومعركة خروج مصر، وان دخول إسرائيل لا يتحقق إلا بخروج مصر، وان بريطانيا هى الدولة التي ساعدت على دخول إسرائيل، والولايات المتحدة الأميركية هى الدولة التي يجب أن تحقق خروج مصر، وأنكم كعرب تنبهتم للمعركة الأولى الخاصة بدخول إسرائيل وغابت عنكم معركة خروج مصر، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد لمصر أن تعبر خط قناة السويس، لا مانع لدى الأميركيين من أن تصبح مصر بلدا أفريقىا جيدا أو بلدا إسلامىا جيدا ولكنهم لا يريدون أن تكون مصر بلدا عربيا جيدا، لقد كانت كل مشاكل الغرب مع جمال عبد الناصر بسبب أنه جلب المشرق العربي إلى مصر وأهتم بصياغة مشروع للوحدة عربية.
لفت نظرى فى كل الكتب التى الأوربية والأمريكية عن الرئيس جمال عبد الناصر أن هناك أكليشيه واحد متكرر يجمع بين تلك السير الذاتية للرئيس الراحل هو "أنه كان بإمكان الرئيس عبد الناصر أن يفعل المزيد من أجل رفاهية مصر لو أنه قلل من مساعداته وتدخلاته فى شئون الدول العربية الأخرى ".
يبدو هذا الأكليشيه المتكرر بما يحمله من معانى شديد الدلالة عن الرؤية الغربية لمصر، ولكن هل كانت عروبة مصر سببا فى مشاكل مصر الاقتصادية بالفعل؟
لقد ساعد الرئيس جمال عبد الناصر الثورة الجزائرية بمبلغ 60 مليون جنيه مصري، وبعد استقلال الجزائر عام 1962 أشترى الرئيس بومدين أسلحة لمصر فى الفترة من سنة 1967 إلى سنة 1973 بمبلغ 200 مليون دولار، وفى فترة الوحدة دفعت مصر لسوريا مبلغ 6 ملايين جنيه مصري، وفى مواجهة حلف بغداد لم تنفق مصر شيئا بل دعمت إذاعاتها وكتلت الشعوب العربية لمقاومة المشاريع الاستعمارية فى الم

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير