استحقاق أيلول وعلامات السؤال..بقلم: عوض عبد الفتاح

20.08.2011 10:37 AM

أيلول يقترب. هل نحن على موعد حدث كبير أم أمام محاولة للنفخ مجددًا في القربة المثقوبة، قربة النهج الأوسلوي؟ هل نحن فعلاً مقبلون على رسم محطة جديدة تنهي المرحلة الانتقالية أم أمام محاولة لتجديد مسار وصل إلى طريق مسدود منذ زمن؟

تتسع الهالة كل يوم حول ما أصبح يُعرف باستحقاق أيلول، ويُضاف إليها عناصر إثارة باستمرار. ومن يُضفي على هذا الاستحقاق هذه الهالة هو السلوك الإسرائيلي، حيث أنه منذ أشهر طويلة لا تتوقف وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نقل تحذيرات المراقبين الإسرائيليين مما يمكن أن يحصل إذا ما واصل أبو مازن حملته ومسعاه ليحصل على اعتراف بالدولة، وعن نقل تصريحات حول استعداد جيش الاحتلال لمواجهة انتفاضة ثالثة أو اقتحامات كتل بشرية كبيرة نقاط المراقبة أو الحواجز أو الطرق المؤدية إلى المستعمرات الاسرائيلية.

إذًا في الجانب الاسرائيلي، يتهيأ الجيش لذلك، وتستمر التصريحات حول ذلك ولم تخمدها حركة الاحتجاج الإسرائيلية بل أن محللين كيوئيل ماركوس في هآرتس (12.08.2011) أو عمانويل طراخطنبرغ، رئيس طاقم المختصين الذي عينه نتنياهو لوضع حلول لمطالب حركة الاحتجاج، وغيرهم ينصحون المحتجين بطيّ خيامهم في الوقت القريب ويوقعوا مع الحكومة على اتفاق قبل أن يداهمهم أيلول المهول. هل يكون أيلول فعلاً مهولاً؟! ليس واضحًا.

ولكن لنتوقف أمام سلوك السلطة الفلسطينية. إنها لا تريده أن يكون كذلك. خطتها واضحة وتتلخص في الذهاب إلى الأمم المتحدة وخوض مواجهة محدودة دبلوماسية، وإقامة المظاهرات والمهرجانات داخل المدن والتي يراها البعض أنها لن تكون سوى تجديد البيعة لنفس النهج المتبع مع إضافة نقاط قوة إليه لا ترقى إلى المواجهة الشعبية والسياسية والأيدلوجية الحقيقية مع نظام الأبارتهايد الكولونيالي الاسرائيلي.

إن السلطة، كما يتبيّن من سلوكها وتصريحاتها تخاف من الجماهير الفلسطينية أكثر مما تخافها إسرائيل. فريقها يُصرّح ليل نهار أن هذه الجماهير سيتم التصدي لها من جانب قوات الأمن الفلسطينية إذا حاولت أن تُمارس قوتها الحقيقية وتقتحم نقاط التماس مع الاحتلال حتى ولو بصورة سلمية.

ليس النقد موجهًا إلى نهج لجم الجماهير الفلسطينية فحسب، بل أيضًا موجهًا إلى عدم وضوح الصيغة المقدمة أو التي ستقدم إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف. غالبية الشعب الفلسطيني لا يعرف ولم يرَ هذه الصيغة، وهو مطالب أن يؤيدها بصورة سلبية أي وهو قاعد في البيت، وعندما ووجه فريق السلطة بالنقد بأن هذه الحملة غير مدعومة بالدعم الشعبي، قرّر أن يكون هذا الدعم داخل المدن وأزقتها. فهل هي صيغة تضع حق اللاجئين كبند مركزي أم سيجري تهميشه.

إذًا ليس الخطأ في خوض معركة دبلوماسية وتجنيد العالم مرة أخرى ضد إسرائيل وسياساتها الاستعمارية ونقل ملف القضية من أيدي أمريكا إلى الأمم المتحدة، بل هي ضرورة وحاجة قديمة. المهم بأي صيغة تقدم وما هو الهدف الحقيقي من ورائها والخطة اللاحقة المترتبة على الفشل أو النجاح، هل معنى الاعتراف بالدولة إنهاء المرحلة الانتقالية وحالة التشتت والضياع السياسي والوطني والأخلاقي، أم إعادة توحيد وتجديد الحركة الوطنية الفلسطينية ووضع وتبنّي استراتيجية سياسية وكفاحية موحدة فاعلة وناجحة على كل المستويات... وهذا هو المطلوب.

لم يفت الوقت لذلك، بل إنه الوقت الأكثر مناسبة وأي تأخير فهو ضياع فرصة أخرى مما يعني إبقاء زمام المبادرة بيد إسرائيل.

هل يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة؟ وارد، مع أن هذا الاحتمال ليس قريبًا لأسباب عدة أهمها قرار السلطة الفلسطينية حصر التحركات الشعبية داخل المدن والتصدي لإمكانية امتدادها إلى خارجها، وثانيًا ارتباط السلطة اقتصاديًا بصورة كلية بالخارج. وثالثًا، عدم تبلور حركة شعبية (طرف ثالث) حتى الآن يُفجّر حراك شعبي شامل، مع أن كل ذلك قابل أن ينقلب رأسًا على عقب في حال حصول حدث دراماتيكي – كما حصل في الثورات العربية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير