حرب غزة واثارها البيئية بعيدة المدى؟ بقلم: الدكتورعقل أبو قرع

27.11.2012 11:55 AM
حسب تقارير صحفية، فقد تم القاء حوالي الف طن من المواد المتفجرة على غزة، اي حوالي مليون كيلوغرام من المواد الكيميائية بأنواعها المختلفة، ومع توقف غمار الحرب على غزة، وانقشاع غبارها، وبالتالي سهولة احصاء ضحاياها المباشرة، سواء اكانت الضحايا البشرية اوالمادية، وبالتالي العمل لوضع الخطط لعلاج الضحايا او لاعمار او لترميم ما تم تدميرة من بنية تحتية مختلفة، فأنة في هذه الحالات يتم تناسي او بالادق عدم الاخذ بالحسبان الاثار بعيدة المدى، ومن ضمن هذة الاثار ما احدثتة هذه الكميات الهائلة من الكيماويات من دمار وتلويث على البيئة الفلسطينية في غزة، وبالتالي انعكاسات ذلك المباشرة وغير المباشرة على صحة الناس هناك.
ومعروف ان غزة التي تبلغ مساحتها حوالي 365 كيلومتر مربع، وعدد سكانها حوالي مليون وستمائة الف شخص، هي من اكثر بقاع الارض اكتظاظا بالسكان، حيث يعيش في الكيلومتر المربع الواحد حوالي 4350 شخص، ومعروف كذلك ان المصادر الطبيعية الفلسطينية، في الضفة الغربية وفي غزة ، من مياة وتربة وارض او حيز هي محدودة، وبأن هذه المصادر، وبالاخص في غزة هي ليست بالحال الافضل، سواء اكانت المياة الجوفية، او التربة، او الحيز الجغرافي من حيث انتشار النفايات الصلبة والمياة العادمة، وانتشار السيارات القديمة، وبالتالي امكانية تلوث الهواء، وكذلك ضعف او غياب القوانين البيئية الملزمة وضعف التوعية البيئية الكفيلة لايلاء البيئة في غزة الاهتمام الكافي.
وعلى ذكر هذه الحرب على غزة، والكميات الهائلة التي تم القائها عليها، فدعنا لا ننسى الاخبار التي تم تناقلها، من الحرب السابقة، وبالتحديد عن احتمالات استخدام اليورانيوم المنضب في تلك الحرب ، وكذلك كانت هناك تقاريرعن احتمالات استخدام اليورانيوم المنضب في حروب اخرى، مثل حرب العراق او حرب كوسفو، وبغض النظر عن مدى دقة تلك التقارير، وما اذا كان قد تم استخدامة في حرب غزة السابقة او الحالية، الا ان اليورانيوم المنضب لة عواقب صحية وبيئية بعيدة المدى، قد تكون وخيمة، وللعلم فأن اليوارنيوم المُنضب الذي هو احد العناصر الثقيلة المشعة، حيث تبلغ كثافته 1.6 مرة كثافة عنصر الرصاص، ويُعتبر أحد النواتج الجانبية لعملية تخصيب اليورانيوم، ويدخل اليورانيوم المنُضب إلى الجسم من خلال الجلد أو العيون أو عن طريق الجهاز التنفسي، وينتقل من الآم الحامل إلى الجنين، وينتشر في أعضاء الجسم المختلفة ويصل ويترسب في العظام، ومن الأضرار الصحية الآنية للتعرض إلى اليورانيوم المنُضب هو التأثير على عمل الكلي وعلى الجهاز التنفسي وقد يؤدي الى الموت، أما على المدى البعيد فقد يؤدي إلى الاصابة بسرطان الرئة والعظام والى تغييرات عصبية، كذلك تزداد خطورة اليورانيوم المنضب، اذا تم التعرض له وبشكل مشترك مع مواد كيميائية أخرى متواجدة في البيئة.
أما التأثيرات البيئية لاستعمال اليورانيوم المنُضب فهي وخيمة ويمكن أن يبقى في البيئة لمئات وربما لآلاف السنين، حيث يتراكم في التربة وينتقل في النظام البيئي، ويتحلل ببطء شديد، وبالتالي فإن عملية التخلص منه تبدو غير عملية على الإطلاق، وتتطلب خبرات وتكنولوجيا وجهود وتكاليف باهظة.
ومن ضمن التأثيرات البيئية بعيدة المدى للحرب على غزة، هو احتمالات تلوث المياة، ومعروف ان اكثر من 95% من المياة في بلادنا هي مياة جوفية، وقبل الحرب الحالية، اشارت تقارير ان اكثر من 90% من المياة في غزة هي مياة ملوثة، ولا تصلح للاستخدام البشري حسب المعايير الدولية، وتتلوث المياة في غزة بالمواد الكيمائية، سواء الناتجة من المياة العادمة، او من المبيدات والاسمدة الكيميائية، او من مشتقات البلاستيك والمواد الصناعية الاخرى، ومن ثم تتسرب من خلال التربة الرملية الى مصادر المياة الجوفية ، وبعد هذه الحرب يمكن تصور الكميات االكيميائية الهائلة التي تم اضافتها الى التربة في غزة، وبالتالي احتمالات وصولها الى مصادر المياة، ومن ثم زيادة الوضع سوء بالمقارنة ما كان علية قبل الحرب.
وشاهدنا من خلال الصور على التلفزيون وغيرة، سحب الدخان الهائلة بما ما تحوية من مواد، والتي كانت تتصاعد الى الهواء، اي الى هواء غزة، ومن ثم احتمال تلويثة، وبالاضافة الى ذلك فأن معظم بقايا المواد التي تم القائها على غزة تبقى في التربة او على الارض، وبالتالي تزيد من معضلة النفايات الصلبة وفي هذه الحالة النفايات الصلبة الكيميائية الخطيرة، وكذلك ومن خلال تراكمها في التربة تحد وبالتدريج من خصوبة هذه التربة وبالتالي تحد من قدرتها على انتاج الطعام او الزراعة فيها، ومن المحتمل كذلك ان تصل هذه المواد الكيميائة بشكل مباشر او غير مباشر الى الغذاء الذي سوف يتم استهلاكة من الناس وما الى ذلك من اثار صحية، وبالاخص اثار صحية بعيدة المدى.
وفي خضم كل ذلك، فأنة وان كان قبل الحرب على غزة ايلاء الاهتمام الى البيئة الفلسطينية هو اهمية وطنية، فأننا الاحوج الان الى اعتبار ذلك من الاولويات، سواء من قبل الجهات الرسمية او من قبل المنظمات المحلية والدولية الفاعلة في مجال البيئة، وبالاخص الاهتمام الى البيئة في غزة بعد الحرب عليها، وبالادق الاثار البيئية بعيدة المدى المتوقعة من تلك الحرب.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير