فيلم تحرش جنسي يطيح بـ12 عميداً في الجامعة الاردنية

23.11.2012 02:10 PM
الاردن - وكالات - وطن: فيما يعتبر رئيس الجامعة الأردنية الدكتور خليف الطراونة قراره إجراء استبدال لـ 12 من العمداء "حرية إدارية تتيحها له أنظمة الجامعة كرئيس لها"، يرى متابعون ومنظمات حقوقية أنها تعسفية، استهدفت التمويه من اجل معاقبة عميدة كلية اللغات في الجامعة الدكتورة رلى قواس على مواقفها المدافعة عن المرأة، بخاصة بعد عرضها فيلماً أعدته طالبات من الكلية تحت إشرافها يفضح تفشي ظاهرة التحرش ضد الطالبات في الجامعة.

وكانت العميد قواس ساعدت مجموعة من الطالبات في احد الصفوف، وضمن مساق تدرسه، وهو "النظرية النسوية"، على إعداد شريط فيديو قصير حول ظاهرة التحرش الجنسي، التي تتعرض لها الطالبات في حرم الجامعة، في الفصل الدراسي الثاني للعام 2011 وقد تم نشر الفيلم على موقع يوتيوب بعد ستة أشهر، ما أثار حملة انتقادات واسعة اتهمت القائمات على إعداده، بأنهن "يدعون للانفلات والإباحية، وتجريد المجتمع من كل قيمه".

غير أن كثيرين ممن شاهدوا الفيلم، دافعوا عنه واعتبروه توعوياً، يدعو بوضوح إلى محاربة ظاهرة التحرش الجنسي، والتي تؤكد مؤشرات ومعطيات كثيرة وجودها بالفعل في المجتمع الأردني. وانبرى عدد من هؤلاء لتنظيم حملة إلكترونية واسعة، شارك فيها ناشطون في حقوق الإنسان، إضافة إلى طلاب سابقين درسوا مع قواس، وكتاب في صحف محلية، للتأكيد أن قواس "تعرضت لانتقام بسبب إشرافها على الفيلم".

وفي تموز (يوليو) الماضي، وبعد شن حملة انتقادات واسعة على الفيلم من قبل بعض وسائل الإعلام، استدعى رئيس الجامعة قواس، مطالباً إياها بتفسير مشروع الطالبات، وقائلاً لها إن "الفيلم أضر بسمعة الجامعة"، وقد دافعت قواس يومها عن الطالبات، اللواتي انتجن الفيلم، بقولها انه "نتاج مشروع يتبنى حقهن في التعبير والبحث".

وفي أيلول (سبتمبر) علمت قواس من الصحف أنها أقيلت من منصبها، بعد انتهاء سنة واحدة فقط من العقد.

في اليوم التالي من نشر خبر الإقالة في الصحف، اجتمع الطراونة مع العمداء "لفترة وجيزة"، لإبلاغهم بقراره، وبأنه "يأتي ضمن صلاحيات الرئيس الجديد".

وبحسب لجنة الحريات الأكاديمية، التابعة لجامعة دراسات الشرق الأوسط في الأردن، فإنه "في ظل عدم وجود أي وثائق تشير إلى ضعف أداء قواس في واجباتها الإدارية، ونظراً لتوقيت إقالتها، والذي يعتبر غير لائق، لا يمكننا إلا أن نخلص إلى أنه تم إنهاء مهماتها كعميد نتيجة لعملها مع الطالبات على فيلم حول التحرش الجنسي".

وكانت قواس عينت من قبل الرئيس السابق للجامعة عادل الطويسي، في 11 أيلول 2011 عميدة لكلية اللغات، لمدة عامين، وفقاً لقرار من مجلس الأمناء.

وقد وصلت إلى مكتب الطراونة رسائل مستهجنة قراره إنهاء خدمات قواس.

وفي حين يؤكد الطراونة أن قرار استبدال قواس إداري بحت، اعتبرت الرسائل الدولية المستهجنة للقرار، انه قرار جاء على خلفية إشراف قواس على فيلم انتجته طالبات في الجامعة العام الماضي، ضمن مساق تدرسه قواس، وعرض لقضية التحرش في حرم الجامعة.

ووصلت إلى الطراونة ثلاث رسائل دولية، آخرها كانت موقعة من 25 بروفيسورة يعملن كمديرات لمراكز دراسات لقضايا المرأة في اكثر من بلد، انتقدن فيها قرار رئاسة الجامعة، واعتبرن انه "ينتهك الحرية الأكاديمية".

ودعت الرسالة الطراونة إلى إعادة قواس، التي تدّرس حالياً في كلية اللغات، إلى منصبها، عميدة للكــلية، وأكدت أنها "تحظى بسمعة أكاديمية جيدة، واستطاعت خلال فترة خدمتها كعميدة، ومن قبلها كأستاذة، خلق نوع من التغـــيير، في ما يخص الدفاع عن حقوق المرأة".

وفي السياق ذاته أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومقرها القاهرة، بياناً استنكرت فيه عزل قواس من منصبها، مطالبة بإعادتها إليه، والتوقف عن ممارسة أي إجراءات تعسفية ضدها.

وحضّت الشبكة إدارة الجامعة على التعامل بجدية مع تنامي ظاهرة التحرش داخل الحرم الجامعي، من خلال مواجهة صريحة للمشكلة بدلاً من دفن الرؤوس في الرمال.

واعتبرت إن ما تعرضت له قواس اعتداء واضح على حرية البحث الأكاديمي وحرية التعبير، ويمثل مؤشراً إلى توجه ضيق الأفق، يفضل إخفاء الحقائق، بدلاً من مواجهتها، وهو أمر من المزعج جداً أن يصدر عن مؤسسة بحثية وتعليمية.

وكانت قواس أكدت في تصريحات صحافية سابقة حول الموضوع أهمية تغيير النظرة المجتمعية للمشاريع التي تحاول التصدي للظواهر السلبية، بخاصة تلك المدافعة عن حقوق المرأة، مبدية إحباطها من إصرار الشريحة الأكبر على مهاجمة أي مشروع يهدف للتغيير للأفضل.
تصميم وتطوير