عقار يطيل عمر الإنسان 50 عاماً!

14.11.2012 12:14 PM
يضع الكاتب البرتغالي ساراماجو في روايته "انقطاعات الموت" احتمالية غياب الموت عن البشر، وتقدمهم في السن دون حضور ملاك الموت ليقبض أرواحهم.

وهذه الفكرة التي تبدو مرعبة حقا، لا أظن أنها بعيدة عن ذهن العلماء تماما، ولا أعني حتما تأجيل الموت حتى إشعار آخر، لأنهم لا يملكون أي قدرة على تنفيذ الخلود المرجو، لذا ينحصر طموحهم العلمي في اكتشاف إحدى الجينات المجهولة التي تؤخر التقدم في السن، وبالتالي اكتساب بضعة أعوام إضافية عن طريق تناول عقار ما يحيي الخلايا ويجدد شبابها.

فالأمراض التي تغزو العالم، والمجاعات، والتصحر، والتلوث البيئي، لم يمنع العلماء من التفكير بوسائل جديدة لإطالة عمر الإنسان.. وأحيانا تبدو القضايا العلمية مدهشة إلى حد كبير، ربما لأننا ننتظر من العلم معجزات تفوق قدراته حتى الآن، لكن ما ننتظره متطلبات تتعلق بحياتنا الحالية، الحياة الواقعية التي نعيشها وليس الموعود بها لأجيال أخرى.. ننتظر إيجاد حلول لآلام البشر الذين يعيشون تحت وطأة الفقر والجوع أو في بيئات غير صحية تتكاثر فيها الأمراض والأوبئة، ولهؤلاء ممن يتعرضون لأنواع من الاستغلال البشري ينتهك آدميتهم، لكن مثل هذه القضايا تبدو مسؤولية الحكومات أكثر مما هي الشغل الشاغل للعلماء في مختبراتهم.

والعلماء منصرفون إلى ايجاد عقاقير لتجديد الخلايا، أو ابتكار وسائل لزرع أعضاء تمنح الإنسان عمرا فوق عمره، ومسألة أن يعيش الإنسان عمرًا إضافيا، تبدو في حد ذاتها فكرة عبثية ومجنونة، لأنها تكرس البقاء للطبقة الاجتماعية القادرة على الصرف ببذخ في المنتجعات الصحية، ولا يعنيها أن تأخذ عضوًا من هنا، وضلعًا من هناك كي تكسب سنوات عمر إضافية.

ولا توجد اية مبالغة في هذا الكلام، فقد توصل علماء بريطانيون إلى "اختراع" يقولون إنه سيطيل عمر الإنسان 50 سنةً إضافيةً، وذلك عبر تبديل أعضاء جسمه بأخرى جديدة.. إن هذا الخبر الذي ذكرته صحيفة "الديلي إكسبرس" يتجاوز القضايا الجدلية حول استعارة الأعضاء وتبديلها وتخزينها، لأن الجراحين يقدمون وعودا في القدرة على علاج صمامات القلوب التالفة، والظهور المنهكة، والمفاصل المتآكلة، باستبدالها بأعضاء اخرى طبيعية تسمح بتجديد أجسام الكهول والعجائز من خلال استخدام خلايا جديدة مأخوذة من حيوان أو إنسان متبرع•

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن وعود العلماء تفيد بأن المستشفيات ستمتلك في المستقبل مخزوناً من الأنسجة البشرية المعدة سلفاً، والأعضاء البشرية أيضاً، لعلاج المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية نتيجة التقدم في العمر، لأنهم سيزرعون في الجسد البشري آلة بيولوجية من الممكن أن تصلح الخلايا والأعضاء المعطلة.

وهكذا يبدو لنا أن الأمر لم يعد مقتصراً على زراعة أنسجة أو خلايا، في الأطراف التي تعرضت لبتر أو حادث طارئ، يمكننا هنا تذكر كيف تمكن علماء أميركيون مؤخراً من زراعة وجه امرأة بالكامل، وشاهدنا على الفضائيات والمواقع الالكترونية السيدة الأميركية التي قام زوجها بإطلاق الرصاص على وجهها وعينيها، وكيف قام الجراحون بزراعة وجه جديد لها، لكن يحق لنا هنا التوقف للقول بأن وجه هذه المسكينة غير معروف إذا كان وجهًا بشريا، أم وجهَ أحد المسوخ.. هنا يبدو الأمر مقتصرا على أهمية الحياة ككل، أي أن تعود هذه المرأة وتمارس حقها في الحياة وإن كان بوجه مشوه، خاصة أنها كانت مهددة بالموت تماما.

ولا نعرف إن كانت سعيدة حقا بهذا الوجه الجديد والعجيب، أو أن مسألة ظهورها الإعلامي هو جزء من صفقة العلاج، لكن بمطلق الأحوال كما يبدو لنا حتى الآن، أن علاقة العلماء مع الجسد البشري قضية شائكة ومفتوحة على احتمالات شتى، فبعد الوصول للاستنساخ، وزراعة الأعضاء وإطالة عمر الإنسان، تبدو الاحتمالات تفوق قدراتنا الحالية على توقع المستقبل.(وكالة الصحافة العربية)
تصميم وتطوير