هل للكلمة ثمن؟ نعم....لا.....لعم - سامر عبده عقروق

13.11.2012 09:12 PM
دير بالك بنقطعلك لسانك، وإذا حكيت برميك بالشارع، وبفضح عرض اللي بتشددلك، انأ فرعون وما في حدا قدي، انأ انتصرت على كل الأقوياء والفرقاء، والأغبياء والأذكياء، والأغنياء والفقراء، انتصرت على الواو والفاء والجيم والدال والحاء وكل مقدمات الأحرف ،انتصرت على من كل من ناصرني وعاداني، وبدك تمشي زي ما بدي وإلا دور على شغل تاني.

غريب ما يجري في بلدنا التي نحب ونعشق، والمحزن أننا بالأمس كنا نحتفل بذكرى رجل كرس حياته كلها من اجل موقف، وكلمة أصر معها إلا أن يعيش ويموت معها بشرفه وعنفوانه، هذه المقالة، وعلى الرغم من أن الرجل يستحق الكثير ليست لتسمية مناقبه، وهو الشهيد الرمز ياسر عرفات، ولكن لطرق باب الخزان الذي تحدث عنه الشهيد، شهيد الكلمة والموقف، الشهيد غسان كنفاني، شو هالفلسفة سيقول بعض القراء، بسيطة حبايبي.

نتحدث عن ظاهرة غريبة، واعني ظاهرة، لأنها استشرت وتنتشر في مجتمعنا الفلسطيني والعربي، وقد تكون مقبولة في غير المجتمع الفلسطيني، ذلك أننا مجتمع ما زال يناضل ضد الاحتلال، وصلف الجنود على الحواجز، وسوء التعامل مع أمهات المعتقلين والأسرى على بوابات السجون، ومن زلنا ندفع الثمن يوميا بأساليب وطرق شتى، وهناك في بلدنا ومجتمعنا من لا يجد ما يقدمه لأطفاله خلال النهار، ولا يحمل معه أي ظروف في نهاية النهار، ويركض أولاده إلى الباب ليجدوا أيادي والدهم فارغة فيطأطئون رؤوسهم ويرجعوا إلى مقاعدهم مخذولين خائبين، والظاهرة التي أتحدث عنها هي قصة تصفية الحسابات، ودفع الفواتير، والتي تمارس تحت مسمى، لأنني أنا أريد ذلك، وهذه الممارسة المخزية أكثر من عار، بل وباء، والأمر يصبح كممارسة العهر والبغاء تحت مسمى قانوني، أو ليسميه كل واحد فينا كما يشاء.

حبايبي، الصورة في الفقرة الأولى ليست ممارسة في معتقل، أو سجن، وليست في قبو في منفى في الغربة أو الشتات، ولكنها تمارس في عدد من المؤسسات العامة، واعني ما أقول مؤسسات عامه موجودة لخدمة حذاء وعربة الطفل الصغير الذي يمشي على الشارع ويلعب في الحديقة، مؤسسات عامة موجودة لمراعاة عدم انتهاك حق المرأة العجوز من المشي في الشارع على راحتها ودون أي ازعاج، مؤسسات عامة يجب أن تسهر لتوفر لذوي الإعاقة على الكراسي المتحركة كل الخدمات التي تيسر حياتهم، أتحدث عن مؤسسة عامة وليس شركة مساهمة خاصة مملوكة لسين وعين ولام وراء، وليس مملوكا للمساهمين والمستثمرين في سلسلة ليفي إخوان، ومنهم شاكلتهم من مطبعين، أتحدث عن مؤسسة تعود ملكية موجوداتها وممتلكاتها حسب القانون إلى آهل وسكان المدينة، القرية، المخيم الذي تمثله.

أيها الصابرين الكاظمين الغيظ،، مساكين انتم، وأسوأ ما انتم فيه أنكم قانعون خانعون، وأنا منكم لا اختلف عنكم بشئ، أخاف على نفسي وزوجتي وأولادي وبيتي وأمي التي أحب، أخاف وكما يقول لي صديقي الجبان مثلي، مصدق، أخاف عليك يا سامر أن تدفع أنت أو من حولك ثمن الكلمة التي تكتبها وتقولها، هذه العبارة تصدم وبقوة، هل وصلنا إلى مرحلة سيتم معها تسعير العقوبة على الكلمات التي يمكن أن تكتب أو تقال؟ هل وصلنا إلى وقت سيتم تقاضي أثمان باهظة من الرجال الذين يتخذون المواقف الشجاعة؟ وكما حصل مع عرفات صاحب الذكرى، هل سيتم قطع ألسنه وتكسير أقلام كل من يتطاولون، ولو بالحق وبدون تجريح ولا


تهريج، على أصحاب المعالي والسعادة الجالسين على الكراسي الفارهة ويركبون السيارات ذات الزجاج الأسود القاتم .

أيها الفلسطينيون، المقدسيون، الخليليون، التلحميون، الجنينيون، النابلسيون ، الطولكرميون، القلقيليون، الغزيون، الرفحيون، المغازييون والشاطئيون، عيب وعار عليكم جميعا أن توافقوا جميعا أن يكون للكلمة والموقف ثمن، عار علينا جميعا أن نوافق، وان نصمت، أمام من يصادر حريتنا في الكلام والمسائلة، والمطالبة بالشفافية وان نخضع الجميع للمحاسبة.

هذا الوطن ليس لكم وحدكم، فلسطين لم ولن تكون طابوا إلا للفلسطينيين، ومدننا وقرانا ومخيماتنا لن تكون ملكا إلا لسكانها، وليعلم الجميع أن الإنسان لا يأخذ إلى قبره كرسيا فاخرا على الإطلاق، ولا أرصدة مالية، ولا يستطيع أن يفرش قبره بمكتب فاخر، ولا يمكنه اصطحاب المرافقين المسلحين هناك، ولا يمكنه أن يتفوه بكلمات وألفاظ خارجة عن الحياء العام،قالوا لي لا تكتبها لأنها علامة تجارية مسجله، لأنه سيكون صامتا بمفهوم الصمت الأبدي، لا يستطيع أن يحصل من جبروته وعنفوانه وكبره وكبريائه إلا على مساحة متر وثمانين سنتمتر فقط، لكن هناك إما أن يرى هذا المكان كخرم الإبرة، عافاني والفقراء جميعا من هذا، وإما أن يراه رحبا يركض فيه الخيال، جعلني وإياكم من هذه الفئة، وهنا يمكن للجبارين والفراعنة أن يستعرضوا عضلاتهم ويظهروا مدي قوتهم.

عبارة أخيرة، فكروا في موقفكم كأقوياء وجبارين وذوي كبر وانتم في لحظة حساب أمام مالك الملوك والقاهر والمنتقم من الظالمين والمنازعين له بكبريائه وعظمته!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير