قراءات في الانتخابات الإسرائيلية يئير لبيد لا يتعظ: مؤيد لعضوية فلسطين- زهير حمدالله زيد

13.11.2012 11:48 AM
خلال تصفحي شبه اليومي للمواقع الإعلاميه الإسرائيلية، لا بد من المرور على موقع صحيفة هآرتس العبرية، وبعناية للقسم الخاص بمقالات الرأي، وقد لفت نظري مقالاً للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي تحت عنوان " نتنياهو أفضل " ، حيث شدني العنوان للقراءة، لمعرفتي بالكاتب من خلال مقالاته، فهو ليس ممن يبجلون ويمتدحون، ولا يعطي طرفاً من تصديق أو إيمان لما يبدر من يمين إسرائيلي، يرى فيه هذا الكاتب، أساس البلاء في المنطقه وللإسرائيلين أنفسهم، لكنه يقول بما معناه أنه: لو هُدد بالقتل في أن يختار ما بين يئير لبيد وبنيامين نتنياهو لختار الأخير، وأوضح أن نتنياهو سيكون أكثر دهاءاً في التعبير عن مواقفه، ليس كيئير لبيد الذي لم يأتي بجديد حتى أنه يعبر عن نفس سياسات ومواقف السبعينات، كأنه يعيد عجلة التاريخ للوراء.

يئير لبيد، صحفي، كاتب، موجه برامج تلفزيونيه وإذاعية وهاوي ملاكمة، لا يحمل الشهادة الثانوية، تم وقف دراسته للدكتوارة في جامعة بار إيلان اليمينية، بقرار من مجلس التعليم العالي الإسرائيلي، بسبب عدم إستيفاء الشروط، ومنها عدم حصوله على الشهادة الجامعية الأولى، كذلك الثانوية العامة " البغروت"، إبن ليوسف تومي لبيد، هنغاري الأصل، ناجٍ من المحرقة النازية، معروف كصحفي ليبرالي يميني، إنخرط في العمل السياسي في بدايات الستينات في الحزب الليبرالي اليميني لفترة قصيرة، عاود بعدها العمل السياسي كرئيس لحزب التغيير " شينوي " عام 1999، وعمل كوزيراً للعدل في حكومة شارون وكان أيضاً نائباً لرئيس الوزراء، كان حاد في مواقفه، صاحب لسان سليط وناقد قاسي، عارض المتدينين بشدة وترك الحكومة بسبب ما يحظون به من نسب في الميزانية، عاد بعدها للمارسة مهنة الصحافه وتقديم البرامج الإذاعية حتى وفاته عام 2008 إثر مرضٍ عضال.

العائلة تعتير أشكناز، وعرف عن الأب أنه متعصب لإصوله الهنغارية الإشكنازية، حتى أنه في إحدى البرامج، وبعد سماعة لأغنية عبرية شرقيه، سأل مقدم البرنامج، " هل نحن من إحتل طولكرم أم طولكرم إحتلتنا "، تعبيراً لعدم رضاه عن هذا الشكل من الفن لدى اليهود الشرقيين، في حين أنه كان مولع بالفن الغربي مثل الجاز والمسيقى الغربية، ويعتبر أن إسرائيل جزء من الغرب وثقافتها، الإبن تربى في بيت يحمل كل هذه الصفات، وتشرب القيم التي حرص والده على تنشأته عليها، فهو غربي المزاج والطباع، يحاول أن لا يكون نسخه طبق الأصل عن والده، لكنه في الأصول والأساسيات كذلك، حتى أنه سياسياً يحمل نفس القيم والأهداف، أولوياته التعليم، وتغيير نظام الحكم بتحديد عدد الوزاراء ب 18 وزيراً، المساواة في تحمل الأعباء، الخدمة الوطنية الإلزامية للجميع، منهم العرب والمتدينين اليهود، وتحسين الخدمات للجمهور وتعزيز سلطة القانون، هي نفس الأهداف تقريباً التي رفع لوائها والده خلال مراحل حياته السياسية والتي لم تدم طويلاً.

الإبن يئير، يميني أولاً كما والده، وليبرالي ثانياً، وهنا يكمن التعارض، الحريات والحقوق في إتجاه واحد، لا مساوة بها ولا عدالة، ولا حقوق للغير، لذلك هو يطالب بالتمسك بالمواقف فيما يخص القدس، مؤكداً على أنها عاصمة إسرائيل الأبدية، ومبدياً فهماً عميقاً، على ما يبدو جاء من الأصول التي تربى عليها، والتي قالوا له: " فيها أن الكبار سيموتون والصغار سينسون "، أو أن القوة التي تحظى بها دولته تستطيع أن تفني ثقافة وتاريخ شعب له إرثه ومقومات وجوده الحضارية والدينية، الغريب أنه يعلن عدم إستعداده للمشاركة في حكومة لا تعود للمفاوضات مع الفلسطينيين، وبشروطه هذه، والتي بدأت من مستوطنة أريئيل الغير شرعية، التي أُقيمت على أراضٍ خاصة لمواطنيين فلسطينيين، قد يكونوا في نظره من الدرجة التسعين، وإنتهت بشرط نسيان القدس ومقدساتها أو القبول صاغرين لنسيانها، إنه حُلم لبيدي متواصل، لا يوجد له مخرج ولا إجابه واقعية، غير تلك التي عبر عنها جدعون ليفي في مقالته، كون الحديث مع لبيد عن إجابة لسؤال كيف سيكون ذلك التفاوض مع الفلسطينيين وبهذه الشروط؟؟ كالحديث مع جدار أصم.

يبدو أن فشل الإبن سياسياً لن يكون أقل وطأة من فشل والده، لأن العمل الصحفي والبرامجي، أبداً لا يصلح لسحبه بقواعده على العمل السياسي، وهو لن يستطيع أبداً أن يحقق ما فشل في تحقيقة ممن يُعتبرون لدى الإسرائيليين كبار هامة، بنوا دولة إسرائيل لبنةً لبنه، هذا فقط مع الفلسطينيين، فما بالنا بوعود أخرى قطعها على نفسه أمام الناخب الإسرائيلي، فهو مستعد لأن يكون في حكومة مع نتنياهو دون ليبرمان وزيراً للدفاع، لكنه على ما يبدو يقبل به وزيراً للخارجية، أو للبنى التحتيه والإستيطان، وهو لن يدخل حكومة لا تعود للمفاوضات بنتائج مضمونه كما يريد، تكون بها القدس فقط يروشليم موحده للغربيين، هذا عدى عن شروط والده التي تبنى، تغيير نظام الحكم وتحديد عدد الوزراء، وغيرة من القضايا الخاصة بالمجتمع الإسرائيلي، التي كانت ولا زالت وستبقى سمه مميزه لمجتمع فسيفسائي غريب عجيب، لا يقوم سوى على المصالح ومعاداة الغير من أصحاب الأرض الشرعيين.

موضة الأحزاب الموسمية والظرفية في إسرائيل، لبيد الأب يغيب بلا رجعه، ولبيد الإبن يطل ولو إلى حين، تماماً كما الكثير من الأحزاب السابقة وما سيليها من لاحقه، فها هي كديما تماماً كما حزب الإستقلال، ينازعان على البقاء، وكلاهما يترأس قيادات سابقه لهيئة الأركان، ووزراء دفاع في حكومات إسرائيلية، فما بال المتنعم يئير لبيد لا يتعظ؟؟ تذكيره جائز ومهم، بعد فترة وجيزة جداً، يتم الإعتراف بدولة فلسطينية غير عضو في الأمم المتحدة، سيكون مفيداً للإسرائليين معرفة موقفه، فقد يكون مع دولة فلسطين العضو الكامل في الأمم المتحدة، لكن بعد المفاوضات عن أرض غير فلسطين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير