احتياجات المرحلة قيادة الطوارىء واختبار العمل الوحدوي - زهير حمدالله زيد

08.11.2012 01:59 PM
إنتهاء الإنتخابات الأمريكية، يعتبر الإشارة لتسارع التوجه للأمم المتحدة، لطلب عضوية المراقب لدولة فلسطين، وقد أخذ الفائز أوباما ما أراد، وهو حتماً لن يكافىء الفلسطينين بما يتمنون، ولو بالحد الأدنى، بل سيقف جنباً إلى جنب مع إسرائيل لمواجهة خطوتهم، مستخدماً كل أدوات الردع الممكنه، عبر تنسيق متواصل مع حكومة إسرائيل، بالمقابل بات من غير المقبول أو المعقول التراجع أو حتى التأني في التنفيذ، كون ذلك سيفقد القيادة الفلسطينية المصداقية، وسيضعها في موقف محرج جداً أمام الشعب الفلسطيني، الذي إنتظر طويلاً هذا التقدم، على أمل أن يحقق ولو الجزء اليسير من الإنجازات، التي طالما تناولتها كل القيادات ونظرت لإيجابياتها.

الديموقراطيون أصحاب السياسة اللينة والمرنة في مواجهة التعنت الإسرائيلي، ولا يرتجى منهم خير، هذا لمن يتأمل غير ذلك، وهم أبداً لم يرقوا لمستوى سياسات الجمهوريين في الضغط على إسرائيل، على الرغم من أن كلا الحزبين مساندان قويان لإسرائيل، إضافة إلى أن الجمهوريين هم أساس كل تقدم في السلام مع العرب، مع مصر أولاً ومع الفلسطينيين ثانياً، ونحن هنا لا نريد التزيُّد في السرد التاريخي، رغم أننا ننصح بالمراجعة للإفاده، والأسابيع القليلة القادمة ستثبت ذلك، حين ستستمر الإدارة الأوبامية للفترة الرئاسية الأولى سياستها الرافضة للتوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، وكأن الإنتخابات لم تحدث بعد، حيث سينفذون تهديداتهم ليعاقبوا القيادة الفلسطينة، على جرأتها في معارضتهم وقولها لا.

فلسطين والشعب الفلسطيني أينما كان، عليهم الإحاطة بأنهم أبواب مواجهة سياسية حقيقية، قد تكون الأعنف بتأثيراتها وإنعكاساتها عليهم من مواجهات بأشكال أخرى، حيث لم يبقى شيء من المقدرات الفلسطينية، لم يطاله التهديد، ووصل الأمر إلى اللا حدود، ليطال الرموز القيادية وبشكل شخصي، بوضوح ودون مواربه، وما يقوله ليبرمان بحق سيادة الرئيس والسلطة الفلسطينية خير دليل على ذلك، فهو التهور والجنون الإسرائيلي المحمي أمريكياً، قد يكون الدافع والمحرك لمواقفهم، إستشعارهم بالخطر، الخوف أو غير ذلك، لكن على الفلسطينيين أن يقدروا جيداً، وليدركوا شعبياً ورسمياً، ومعهم العرب والمسلمين، ومن خلفهم ومعهم كل أحرار العالم، أن ما يحضر له الفلسطينيين غاية في الأهمية، فلا إنتفاضة النفق ولا الإنتفاضة الثانية، وما إحتوتهما من مواجهات مسلحة، قد دفعت الإسرائيليين لأن يُطلقوا مثل هذه التهديدات، لا شكلاً ولا مضموناً، حتى التهديدات التي أُطلقت بحق الشهيد الرمز أبو عمار لم تكن بمثل هذا الوضوح الذي نلاحظه في تهديداتهم للرئيس أبو مازن.

الخطوة الفلسطينية مهمة، وتشكل إندفاع مثمر للأمام، وإن كان متأخراً، تتطلب من الطيف الفلسطيني الحذر من الوقوع في الخطأ، فهي معركة ضد العدو ومن يناصرونه، وإصطفاف مكونات هذا الطيف في المعركة متطلب وطني لا يحتمل الركون أو السكون، هذه مرحلة أحوج ما نكون بها للوحدة والمواجهة في الخندق الواحد، فهي معركة بيروت بكل مضامينها وحيثياتها، وهي ما قبلها وما بعدها، وبكل ما تضمنت من عبر يشهد لها التاريخ الفلسطيني المقاوم، سموها مفصلاً تاريخياً أو سموها ما تشاؤون، هي كذلك وقد تكون أكثر، لا يُحتمل فيها ولا يُقبل المتفرجون، لأن المستهدف فلسطين وشعبها، ولن يغفر شعبنا أبداً لمن سيخذله في هذه المعركة، حتى السكوت للفلسطيني مرفوض، كل القوى والفصائل عليها أن ترتقي لمستوى المسؤولية الوطنية، وتستنفر قواها ومقدراتها في معركة المصير والوجود، المعارضة يجب أن تكون مسؤولة وإيجابية في هذه الظروف، عليها أن تطلب بل تصر على تحمل المسؤولية، خاصة وأنها مع الكل الفلسطيني يطالبون بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولا خلاف على ذلك.

وحدة المصير والهدف، أساسها ودافعها وحدة المواجهة للدفاع عن الدم الفلسطيني والأرض الفلسطينية، والتهديد شمولي لم يذر لنا شيء، ولم يفرق بيننا أبداً، وحتى لو حدث كما حدث في الماضي القريب، لا يعقل القبول بإستهداف طرف مهما كان، وقد أرسى الزعيم الخالد ياسر عرفات هذا الفهم ورفض الإستفراد بفصيل فلسطيني، ونحن اليوم أحوج ما نكون لوضع مبررات وأسباب اللقاء، بالسير على السنن الحميدة التي ورثنا، وليكن شعارنا اللقاء سوياً على جبهة المواجهة السياسية، بتشكيل قيادة طوارىء وطنية، تُعنى بالهدف والمرحلة، وتشكل إختبار حقيقي للعمل الوحدوي، ولنترك جانباً كل خلافاتنا الداخلية لما بعد ذلك، هذا المطلب يريد كل شعبنا أن يراه حقيقة، وهو سيقصر الطريق نحو لقاء وطني أبدي، يدفن مبررات الإنقسام وتبعاته، ويعيد لشعبنا وقضيتنا زخمها وعنفوانها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير