إذن ماذا سيحصل في 20 أيلول؟..بقلم: أودي منور/ معاريف
(المضمون: اليوم الذي يعتزم فيه الفلسطينيون الاعلان عن دولة لا يفترض أن يغير حياتنا. فالواقع ليس ما يوجد فقط في جدول الاعمال الاعلامي).
"ماذا سيحصل في 20 ايلول"، سأل بدراماتيكية مراسل قناة 1 ايتي فيرد دفني ليف، من قادة حركة الاحتجاج. وبالفعل، ماذا سيحصل في 20 أيلول؟ واضح لمراسل القناة 1 على أي حال – وكانت هذه هي الفرضية خلف سؤاله – في أنه عندما يعلن الفلسطينيون عن اقامة دولتهم في خطوط 67، سينصرف الاهتمام العام عن الاحتجاج الجماهيري.
الجواب الفارغ لليف والسؤال شبه البياني لفيرد يدلان على مشكلتين اساسيتين لدى المجتمع المدني في اسرائيل. الاولى: الانقطاع السياسي حتى للاخيار بين ابنائه. والثانية: المسلمة في أن الامر الحقيقي يجري في وسائل الاعلام، حتى لو كان كاذبا، حتى لو كان عابثا (مثل الاعلان المرتقب للفلسطينيين. فلم يخترع بعد القرص الصلب الذي يستطيع ان يحتوي كل التصريحات الفلسطينية منذ نهوض هذا الشعب، في موعد ما في بداية السبعينيات).
ماذا سيحصل في 20 ايلول؟ تقريبا ما يحصل اليوم. الوقود ستتدفق في الانابيب، والكهرباء في الاسلاك، والحليب في الاواني، والجبنة في الكؤوس، والكلمات في وسائل الاعلام، التشريع في الكنيست والقرارات في الحكومة. لو كنت أنا دفني، لكان جوابي لفيرد بسيطا من حيث الجوهر: "ماذا سيحصل في 20 أيلول؟ سواء كان اعلان فلسطيني أم لا، فان مسائل السكن، غلاء المعيشة، شرائح الضريبة، النسبة بين الضريبة المباشرة وغير المباشرة، سوء استخدام ميزانية الدولة، عدم فرض قوانين العمل، فتح سوق الحليب امام المنافسة الهدامة، الميل لخصخصة الخدمات الاجتماعية وهلمجرا وهلمجرا – كل هذه ستبقى على حالها.
بتعبير آخر: جدول أعمال، أنا دفني، وجدول أعمال زملائي ومئات الاف المؤيدين الذين نجحنا في حشدهم في الصيف الاخير، لم يتغير في شيء، دون صلة بالاقوال المنفعلة التي سيلقيها أبو مازن أمام الجمعية العمومية للامم المتحدة.
ولكن كي تعرف مواطنة نشطة، مفعمة بالايمان والاحساس بالرسالة كيف تقول هذه الامور البسيطة، عليها أن تعرفها. وما العمل اذا كانت دفني ومئات الاف الاسرائيليين الاخرين من ابناء جيلها والاكبر منها هم مثابة "رضع مأسورين"؟ فهل حدث أن تعلمت دفني التاريخ السياسي؟ الاقتصاد السياسي؟ بعض العلوم السياسية؟ من شبه المؤكد أن لا.
إذن ها هو شيء آخر سيحصل في 20 ايلول: هذا يفترض ان يكون اليوم العشرين في السنة الدراسية القريبة القادمة. اذا ما تمكن المجتمع المدني في اسرائيل من أن يتأكد من أن السنة الدراسية القريبة، وبالتأكيد تلك التي ستأتي بعدها، ستتعلم دفنيات المستقبل فصولا أساسية في التاريخ السياسي، الاقتصاد السياسي وبعض العلوم السياسية.
وشيء آخر سيحصل في 20 أيلول. الايتي فيرديون المستقبليون سيتعلمون ان وسائل الاعلام ليست الساحة التي تحصل فيها الامور بل الادوات التي من خلالها يضمن حق الجمهور، إن لم نقل واجبه، في المعرفة.
إذ على الجمهور أن يعرف ما يحصل في الموانىء والبنوك وقرب خطوط الانتاج. من يتلقى كم ومقابل ماذا. وكذا ما هي العلاقة بين تصريحات السياسيين ذوي ربطات العنق في الامم المتحدة وبين الواقع العملي لابناء شعبهم.
كل هذا سيحصل ايضا في 20 أيلول وبعده ايضا. كلما حسنا قدرتنا على أن نفهم الواقع الذي نعيشه وعلى وصفه، هكذا يزداد الاحتمال في أن يبدو أفضل بعض الشيء.