المبيدات الكيميائية سلاح ذو حدين - الدكتور عقل ابو قرع

05.11.2012 10:06 PM
رام اللة- اشارت بعض الصحف خلال الايام القليلة الماضية الى تقارير عن الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية في الزراعة الاسرائيلية والتي هي بالاساس زراعة مكثفة، وخاصة غاز "ميثل البرومايد"، الذي يستخدم لتعقيم التربة ، ومعروف ان غاز "ميثل برومايد" لة اثار صحية وبيئية عديدة وقد تم حظرة او تقييد استعمالة في العديد من دول العالم، وفي بلادنا تستخدم المبيدات لمكافحة الافات من حشرية وفطرية واعشاب، سواء في الزراعة او في مجال الصحة العامة، ومن ضمن الانباء التي تم تناقلها قبل فترة هو استمرار استعمال مبيدات كيميائية في بعض المناطق الفلسطينية، رغم انة تم حظرها من قبل وزارة الزراعة الفلسطينية، وفي هذا الصدد عرضت "قناة العربية" قبل فترة، تقريرا مزعجا عن استخدام المواد الكيميائية والهرمونات في الزراعة المصرية خلال السنوات الماضية، وكيف تداخلت السياسة مع الاقتصاد في الترويج لكثافة الاستخدام، وكيف ادى ذلك الى الاثار الصحية الوخيمة على المواطن المصري والزراعة المصرية.
وفي هذا المجال اشار الخبير البيئي الفلسطيني الدكتور عقل ابو قرع، انة وبغض النظر عن مدى دقة مثل هذه الانباء او التقارير، فأن الانباء سواء عن وجود بقايا للمبيدات في الطعام، او حتى عن الاستخدام المتعمد للمبيدات يمكن إن يحدث إرباكا للمواطن الفلسطيني الذي يستهلك يوميا خضارا وفواكه ولحوم ومنتجات البان وما الى ذلك ،وكذلك يشير الى مدى اهمية موضوع المبيدات الكيميائية، سواء من حيث استيرادها، وبيعها، وتخزينها واستعمالها وكذلك كيفية التعامل مع مضاعفات الاستخدام غير السليم لها، وهذا يؤكد كذلك على الدور الهام الذي يجب ان تلعبه وزارات الزراعة والصحة والبيئة والاقتصاد الوطني فيما يتعلق بتسجيل واستعمال ومراقبة المبيدات الكيميائية في فلسطين.
استخدام المبيدات
واوضح الدكتور عقل ابو قرع ان المبيدات الكيميائية تستخدم في أنحاء عديدة في العالم للحفاظ على نوعية وكمية الإنتاج، وقد يكون هذا مهماً في مكافحة الآفات من حشرات، فطريات، وأعشاب وبالتالي الحفاظ على المحصول من التلف أو الفساد،والمبيدات في الغالب هي مواد كيميائية يتم تصنيعها من قبل الإنسان، ومن ثم إدخالها إلى البيئة، وبعض هذه المواد تمكث لفترة قصيرة والأخرى تبقى وتنتقل في النظام البيئي الحيوي من التربة، إلى النبات، إلى الهواء، الطعام ومن ثم الإنسان، ولان هذه المواد قد تكون ضارة صحياً وبيئياً، فإن هناك دول قد أقرت تشريعات وقوانين للاستعمال الصحيح والآمن لهذه المبيدات، وفي أحيان عديدة لترشيد استخدامها بالكمية الأقل، وهذه القوانين مُلزمه للشركات وللمصانع التي تنتج المبيدات وتوزعها وللمزارعين الذين يستخدمونها وكذلك مؤسسات التسويق من حيث إلزامها بالسماح لحد معين ما من بقايا المبيدات في المنتوج الذي في المحصلة يصل إلى الإنسان.
واضاف د.ابو قرع انة في فلسطين يعتبر القطاع الزراعي أحد القطاعات الاقتصادية الهامة، والإنتاج الزراعي ذو الكمية والنوعية الجيدة يُعتبر احد دعامات الأمن الاقتصادي، ومن ضمن الوسائل العديدة للحفاظ على هذا الإنتاج هو استخدام المبيدات لحماية المحصول من الآفات العديدة التي تهاجمه، وفي أماكن مختلفة في فلسطين كمنطقة الأغوار ذات الكثافة الزراعية والطبيعة المناخية المميزة، التي توجب استخدام مبيدات، ويمكن أن ينطبق هذا كذلك على شمال الضفة وجنوبها لحماية محاصيل معينة، ومع عدم وجود بدائل عملية، ذو مفعول سريع مثل المبيدات، فإن الاستخدام الأمن والصحيح، للمبيدات، وبالحد الأدنى، وبالتناسق مع وسائل غير كيميائية أخرى، يبقى الوسيلة الأساسية لحماية الإنتاج، وللحفاظ على صحة الإنسان والبيئة المحيطة، ولكن ليس هذا الموجود على أرض الواقع، حيث في أحيان عديدة تستخدم المبيدات الخاطئة، وكذلك تستخدم المبيدات بكميات أكثر من اللازم، وبالوسائل غير السليمة في بلادنا.
الاثار الصحية الفورية
واشار الدكتور ابو قرع ان هناك آثار صحية آنية للتعامل غير السليم مع المبيدات، حيث قد يؤدى استخدام مبيدات إلى تسمم الإنسان، والتأثير على سلامته بشكل فوري، مثل استخدام المبيدات الفسفور عضوية، ومبيدات الكارباميت التي بعضها يستخدم في فلسطين، التي لها آثار مباشرة على انزيمات الدم والجهاز العصبي إذا تعرض لها الإنسان في الحقل أو من خلال استهلاك الطعام، وهناك فئات معينة كالأطفال والنساء الحوامل واجنتهم هم الأكثر تأثراً من خلال التعرض لهذه المبيدات، لان معظم المبيدات الحشرية تعمل من خلال التأثير على الجهاز العصبي المركزي.

الاثار الصحية بعيدة المدى
واوضح الدكتور عقل ابو قرع ان هناك اثار صحية بعيدة المدى للمبيدات، وهذا هو الأخطر، حيث يتعرض الإنسان إلى كميات قليلة من المبيدات، سواء من خلال التواجد في البيئة المحيطة أو من خلال بقايا الطعام، ومع الزمن تبدأ الآثار السلبية تظهر على شكل أمراض خطيرة، كالأمراض العصبية، امراض السرطان، أمراض الجهاز التنفسي، والتشوهات الخُلقية عند الأطفال، خاصة أن العديد من المبيدات تنتقل من الأم إلى الجنين من خلال الحبل السري، وما لذلك من عواقب وخيمة.

الاثار البيئية
واضاف د.ابو قرع ان هناك اثار على البيئة للاستخدام الخاطئ للمبيدات، حيث يتم إدخال المبيدات إلى البيئة من قبل الإنسان وخاصة إلى الحقل، ولكن هذه المبيدات تبقى وتنتقل في النظام البيئي، فمنها ما ينتقل خلال حبيبات التربة ومن ثم إلى المياه، وخاصة المياه الجوفية ويلوث مخزون المياه، ومن المبيدات من يتطاير إلى الهواء ويلوث الهواء الذي نستنشق، ومنها من يبقى في المحصول ويتراكم (خاصة المبيدات التي تتحلل بصعوبة او خلال فترة زمنية طويلة) ومن ثم يتم استهلاكه مع المحصول من قبل الإنسان، ومن المبيدات ما يبقى لفترات طويلة في التربة وبالتالي يؤثر على خصوبتها وإنتاجيتها.
الاثار الاقتصادية
واشار الدكتور عقل ابو قرع ان هناك مضاعفات سلبية اقتصادية لاستخدام المبيدات، وهذه تشمل عدم القدرة على تصدير المحصول إلى دول لا تسمح ببقاء مستوى معين من المبيدات، وكذلك إتلاف المحصول نتيجة عدم إمكانية استخدامه محلياً، وهناك اعتقاد شائع ولكن خاطئ عند المزارع الفلسطيني، انه كلما تم استخدام كمية أكثر من المبيدات تكون النتائج أكثر ايجابية، وهذا يتطلب استخدام كميات أكبر من تلك المفترض استخدامها وما لذلك من أثار اقتصادية سلبية على المزارع.
التعرض المشترك للمواد الكيميائية

واردف الدكتور ابو قرع الى امكانية التعرض المشترك للمبيدات وللمواد الكيميائية الأخرى، حيث ان هناك مبيدات قد تكون غير ضارة نسبياً، ولكن استخدام أكثر من مبيد وبالتالي تعرض الإنسان المشترك لهن قد يكون له عواقب وخيمة، وهذا حدث في أماكن عديدة، وكذلك فإن التعرض المشترك للمبيدات ومواد كيميائية أخرى مثل النيكوتين، ومواد صناعية أخرى، او حتى تناول ادوية ، قد يؤدي إلى ظهور آثار لا تظهر عند التعرض لمادة كيميائية واحدة من المبيدات.

التوعية والقوانين
واشار الدكتور عقل ابو قرع الى أهمية إيلاء موضوع استخدام المبيدات في فلسطين الأهمية المطلوبة، سواء من حيث سن القوانين المُلزمة بمنع استخدام المبيدات المحظورة والضارة، والاستخدام الصحيح للمبيدات لضمان عدم وجود بقاياها في المحصول سواء للتصدير أو للاستهلاك المحلي، وكذلك القيام بحملات التوعية الإعلامية الموجهة للمزارع، للمستهلك، وللدوائر الحكومية، والعمل على إجراء الفحوصات المخبرية الروتينية للتأكد من عدم وجود بقايا المبيدات في المحصول والنظام البيئي وكذلك إيجاد الحوافز الاقتصادية للمزارع لتشجيعه على التقليل من استخدام المبيدات واستخدامها بشكل أمن.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير