هل يبيع المفكر، الشاعر والثوري نفسه بحفنة دولارات.. بقلم: سامر عبده عقروق

22.10.2012 01:49 PM
استغرب وبشدة، بل أصاب ، بعض الأحيان، بالاشمئزاز من تصريحات بعض المتفزليكين ، الذين قدموا أنفسهم للناس في بداية نضالهم وحياتهم على أنهم قوميين عرب، وتحولوا إلى ماركسيين يساريين، وتحولوا إلى فصيل أو حزب أخر بعد زمن، ويسخر بعض منهم حاليا من الصلاة والمصلين، ثم أصبحوا من دعاة اللاعنف والنضال السلمي ، واقتصر ، ويقتصر نضالهم على طريقة رمي محارم التواليت على الجنود، أو رش العطر على المستوطنين، ثم تحولوا إلى ناشطين في فترة ما في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، والكثير منهم عمل، أو ما زال يعمل، وعلى أكتاف شعبنا الفلسطيني، وخاصة شريحة الفقراء، في مشاريع مموله من هنا وهناك، ومن جهات يكتنف تاريخها السواد، وشعارات الأفاعي والأهرامات والمثلثات والمربعات، ومنهم من يصرح بهذه التصريحات لكل تتاح له الفرصة للمشاركة في مؤتمرات وندوات مموله ، إضافة إلى مصاريف جيب ، بالدولار أو اليورو طبعا،ومن مصادر مجهولة بعض الأحيان، ومن مصادر مفضوحة ومعروفة في أحيان كثيرة.

وهؤلاء يتشدقون مطولا بمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان المقولبه وفق أجندة الجهات التي تمولهم وتدفع لهم تكاليف التنقل والبنزين، وتطعهم وتجعلهم يلبسون البدلات المصنوعة عند بيير كردان أو جفنشي وغيرهم، يقدمون مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الندوات والجلسات المجتمعية، وبنفس الوقت يدسون سم الأفاعي التي يعملون لحسابها في عدد من الدول، وتحت اسم مؤسسات تدعي العمل من اجل السلام والمحبة وغيرها.

أما مصدر الاستغراب فهو عندما أقرا، أو اسمع لفلسطيني على مستوى من الوعي والإدراك وقدرة متواضعة على البحث العلمي ، ويقدم للناس على أنه كذلك، ولديه إمكانية مذهلة للتلون حسب الموقف والحضور، وهو في مقابلة في مجله مشبوهة يقول أني اقبل أن أساوي نفسي كفلسطيني حتى مع الجندي الذي يقتلني، حتى مع قائد الدبابة التي تقصف وتدمر، اقبل أن أساوي نفسي ، وفي معاييره الإنسانية، مع الجندي الذي يوقفني على الحاجز ويمارس كافة أنواع الانتهاكات والأهانات بحقي، اقبل أن أساوي نفسي كفلسطيني مضطهد وتصادر أرضه مع المستوطن الذي يقتلعني ويقتلع أشجار زيتوني من ارضي.

وهذه التصريحات يا أيها المقهورين والمنتهكة حقوقهم، تصدر عن بغض الشخصيات التي تحرص على التطبيع القاتم والعقيم، ولعل أسبابهم رخيصة ومكشوفة كالحصول على سيارة جديدة، بيت جديد، حفنه من الدولارات، وبناء علية يقومون بتسريب أبحاث ومعلومات إلى أطراف معادية لنا ولكل شعبنا، على الأقل، بمعايير إنسانية، وما يقتلك أن هؤلاء عندما تصافحهم أو تتحدث إليهم تجد منهم نعومة الملمس، وطيب الكلمات المزخرفة والملونة، تجد منهم قدرة هائلة على التلون كالحرباء، عفوا أيتها الحرباء لأنني اعتبر نفسي أهنتك عندما شبهتهم بك.

اسمحوا لي أن أعود إلى العنوان، هل يمكن أن يبيع المفكر، الشاعر والثائر نفسه بحفنة دولارات، هل من ألسهوله أن ينقلب الإنسان بدرجة 180 درجة في حال واجه حفنة من الدولارات، هل يتخلى الثوري والمناضل عن المبادئ والسلوكيات النضالية التي جاءت من معاناة أهلة وناسه في الحياة الكريمة والإنسانية، الأجوبة محيرة وصعبة، فهناك من فعل ذلك وهناك من وقف صامدا كالصروح العظيمة رافضا كل ممارسات النخاسة والعهر والدناسة.

سؤال، قبل أن انهي، لأني أحس أن ضغطي قد ارتفع وانا أقرا ما كتبة احد المتفزلكين، المطبعين، واسأله يعص الأسئلة:

- هل للحق والحقيقة والحقوق وجه واحد أو أكثر من وجه؟
- هل للعدالة، بمعناها الشامل، الديني والدنيوي، وجه واحد أو أكثر من وجه؟
- هل لحقي في وطني وارضي وقناعتي التامة بهما معنى أو أكثر من معنى؟
- كيف لي أن اقبل ، وان اقنع نفسي بتساوينا انا والجندي في جيش الاحتلال القادم من بولندا أو أمريكا أو أثيوبيا على أن هذه أرضه، وان له الحق في الإقامة عليها كما لي الحق؟
- كيف اقبل أن اشلح جلدي واتلون بمعيار دنس حين اجتمع في المركز التعليمي في مستوطنة ارئيل، وغيرها من المستوطنات، المقامة على ارض فلسطينية معمدة بدماء الشهداء والجرحى، اجلس مع أعدائي تحت مسميات التعاون، بأشكاله المختلفة، وبناء السلام وسياسة التسامح، وعند البوابة قبل الدخول يتم تفتيش جسدي وحقيبتي وأوراقي، وعند الخروج يدس في يدي مغلف به بعض الدولارات، كيف ذلك؟ كيف نفسر هذه الصورة؟
- أين كرامتي كانسان فلسطيني أمام هذه الممارسات، أم أن الإنسانية تقاس بأكثر من مكيال؟ وتفصل حسب الوجه السياسي وقوة الدولار وقوة البندقية والمدفعية؟
- أخيرا وليس أخرا، من يقبل النخاسة في وطنه يقبل النخاسة بكل ما له علاقة بكرامته وأهل بيته ، وبالمعنيين، البيت الكبير والصغير.

أريد أجوبه من كل من يشعر أن ما كتب ينطبق عليه.
الكثير من الأسئلة، ولكني سأنهي بعبارة واحدة كان يقولها جدي دايما، يا جدي اللي ممكن تشتريه الفلوس بكون كثير رخيص.

سامر عبده عقروق
[email protected]

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير