صديقي المتفائل اليائس... /بقلم: بكر دراغمة

22.09.2012 12:17 PM
لي صديق يا سادة طموح حد الخيال، له أحلام ليس لها معبرون، دائما يحدثني عن حياة الكرامة أو كرامة الحياة، ينسج من الخيال واقع ليس بواقع، لكلامه تأثير الإقناع وطريقته تجبركم على الإصغاء، له وطن من سحر المدينة الفاضلة، وعشقه لوطنه كعشقنا للحياة، مرة حدثني عن قصة مليك مقتدر لوطن في زمان ومكان لا يذكر، فيه الناس ينعمون بكرامة وحرية غير التي تخمنون، فيها الناس كأسنان المشط متساوون، فيها الرأي شورى بين الحاكم والمحكوم، لا فقراء في قصته، قلما تجد فقيرا وإن وجد ترى الأغنياء لمساعدته يتنافسون، بلد فيه من الثمرات والخيرات ما تأملون.

صديقي المسكين أحبه وأعشق قصصه حد الجنون، وأعشق سحر سرده وحلاوة كلامه وطلاوة عباراته، يسهب بالكلام ويجري بلا هوادة في ميدان الحكايات، أبطال صديقي دائما غالبون، لأن الحقَ والحقُ يقال إن قانون حكاياته وأبطال رواياته بالإنصاف والعدل يتصفون.

صديقي أحبه ليس كلاما يقال، وهذا كلام بليغ الجمال، والجمال ليس بخيال، أعود لوطن صديقي ولكلامه المعسول، أبناء وطنه كلهم طامحون بالخير والتقدم والعمار لبلدهم، لا تجد كسولا بينهم ولا فاقد للمسؤولية، كلهم كخلية النحل يتعاونون ويعملون، والرماح في وطنه لا تعطى إلا لباريها أتصدقون!!، قاطعته مرة وقلت له بسخرية حدثني عن البطالة والفساد في وطنك، ضحك وكأن كلامي ممزوج بنبيذ أسكره لكنه بلسان سمعه تذوقه فوجد فيه مرارا لا يطاق، وصرخ في وجهي وقال: يا لك من مجون، أو أحمق، لا تقرب هذا السؤال وإلا، صمت وأردف متبسما، يا صديقي البطالة كلمة لا تجد لها معنى في معجمهم، وأعظم الفساد عندهم أن تلقي بحجر على قارعة الطريق فتؤذي الطريق.

الغرب منا يتعلمون الزراعة والصناعة وشتى العلوم، هذه قصة أخرى من حكايات الخيال والأحلام التي لا تنضب من رأس صديقي المسكين، فالأرض على ذمة صديقي خضراء بالعام طوله، والصناعة مزدهرة وتصدر للمريخ والزهرة، والعلوم في وطنه ينهل منها الغرب بنهم ويتزاحمون ليتلقوا العلم من علماءنا المتميزون، هنا بدأت أصدق صديقي لأننا أمة اقرأ...

في يوم من الأيام أتاني صديقي مثقل الهموم، موجع القلب مكلوم، صاخب الصمت مهموم، قلت إي صديق لست كما عهدتك مرحٌ تضرب الأرض ضحكا تبتسم كبسم الزهر في مداعبة نسيم الهوى، ما لك؟ ما بك؟ ما يضنيك؟ قال والكلم يرتجف من برد معناه: آهٍ يا صاحبي، لماذا نحن عن الدنيا متأخرون؟ حتى السماء أقلعت والأرض للخير بلعت، لماذا الفقراءُ في بلدي لأحلامهم يؤجلون؟ لماذا تشتعل الأسعار في بلدي كمد سقر؟ يا صديقي هناك حيث أعيش يخاف الفقراء أن يصل سعير الغلاء لأكفانهم حتى برحوا لا يتمنون الموت وهم كل يوم يموتون!! والقانون هناك لا ينصف المظلوم...
تعجبتُ صديقي وضحكت حتى شعرت برغبة البكاء على صديقي الطامح اليائس المسكين، قال لي صديقي وداعا، قلت إلى أين؟ قال: سأذهب لأشغل بالي بمزرعتي، مزرعتك قلت؟!! ضحك وقال المزرعة السعيدة على الفيس بوك، هناك سأبني بداية وطني الجميل، قبل أن يفرضوا ضريبة على الزراعة في المزرعة السعيدة، ضحكت وصمت، فقال: تبا... ما ضاقت بلادٌ بأهلها ولكن صدور الرجال تضيقُ...

هذه يا سادة يا كرام قصة صديقي المتفائل اليائس، مملة أعلم لكن قلمي شاء أن يسردها فعذروه أو فليكمم صريره ويجفف حبره، لأن قلمي مرفوع عنه القلم
تصميم وتطوير