لقطات من يوم الاحتجاجات ..بقلم:جهاد حرب
21.09.2012 01:29 PM
(1) الاحتجاج السلمي والاحتجاج المؤدب
صدرت تصريحات كثيرة من قبل المسؤولين وكذلك المثقفين ونشطاء على موقع التواصل الاجتماعي الفاسبوك خلال يوم الاضراب على ضرورة أن يكون الاضراب سلميا دون تحديد لمعنى الاحتجاج السلمي وإجراءاته ورسم خارطة عمل المحتجين وطرائق العمل في يوم الاحتجاج. وفي هذا السياق كنت قد طرحت على أحد الاصدقاء عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفاسبوك" سؤالا لتحديد الفرق بين الاحتجاج السلمي والاحتجاج المؤدب ولم أجد جوابا.
الاحتجاج هو اجراء غير اعتيادي للحياة اليومية الطبيعية أي خروج عن المألوف في أحد أشكاله تعطل النشاط الاعتيادي أو شله مما يلفت انتباه المحتج ضدهم والضغط عليهم للتجاوب مع المطالب المقدمة من المحتجين. أما السلمي أي عكس حربي أي استخدام العنف أو القوة المفرطة في عملية الاحتجاج. سواء كان تعريفي هذا صحيحا أو يجانب الصواب يتطلب الاتفاق على اشكال الاحتجاج السلمي. لكن الاحتجاجات السلمية في التجربة العالمية تشير الى قطع الطرق وحصار الحكومة و/ أو البرلمان في مقرها وليس الوقوف على جانب الطريق ورفع اليافطات فقط.
فيما تشكل الاحتجاجات أحد أدوات المساءلة للحكومة خاصة في ظل تعطل الحياة البرلمانية، وغياب واضح لدور الأحزاب "الفصائل" في دائرة الفعل العام وغياب التأثير على سياسات الحكومة.
(2) شوفيرية البلد رجال النضال المطلبي
نجحت النقابة العامة لعمال النقل يوم العاشر في تنفيذ اضرابها، واللافت في يوم الاضراب هو الالتزام الكبير من أعضاء النقابة بقرار نقابتهم وعدم خرقه. ويستحق هذا اليوم اعتباره يوم تحول نوعي في تاريخ الحركة النقابية المطلبية في فلسطين. يعود نجاح الاضراب إلى عوالم عدة منها؛ أولا: أن النقابة وأعضائها مؤمنون بالمطالب المقدمة من طرفهم، وثانيا: أن المطالب ليس لها بعدا سياسيا وثالثا: لا يوجد طموح سياسي لقيادة النقابة أو لعب دور سياسي في الحياة السياسية والاقتصار على النضال النقابي المطلبي.
هذا النجاح الذي تمثل بشل حركة السير في المدن وبينها، يشير الى قوة عمال النقل العام من جهة، والى تضامن اعضاء النقابة من جهة ثانية ووعيهم النقابي والنضال المطلبي يفوق الذين يحسبون أنفسهم في نقابات أكثر ثقافة وتعليم وأرقى مستوى. مما يستدعي قراءة معمقة من قبل النقابات الأخرى وقيادتها لسر نجاح اضراب نقابة عمال النقل العام.
(3) الاعلام الرسمي اعلام النظام
سقط الاعلام الرسمي في تغطيته للاحتجاجات الأخيرة في شرنقة النظام، وأعاد الى الأذهان صورة الاعلام الرسمي في الدول العربية أثناء تغطيته لثورات الربيع العربي، فبعض مقدمي البرامج يريدون وضع الكلام في فم محدثيهم لتمرير عبارات مثل "أقلام مأجورة، ومندسين". العجب هنا أن يقوم اعلامي باتهام زملاءه في المهنة بكلامات قد يستعملها المنافسون في اطار الصراع الاعلامي.
كما انحاز الاعلام الرسمي الى وجهة نظر دون عرض وجهات النظر المختلفة مع ملاحظة استضافته لبعض الشباب، وركز على عمليات التخريب المحدودة "المدانه" التي حدثت في بعض المدن كالخليل ونابلس ما أوحى أن الخراب قد عم البلاد وان "الاحتجاجات السلمية" تحولت الى تخريب ونهب وقتل للمواطنين دون أن يجري تحقيقا صحفيا يوضح ليس فقد نتائج الفعل بل دوافعه وخلفياته وربما أشخاصه.
تطور الاعلام الرسمي خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير سواء على المستوى التقني وتنوع الموضوعات التي يعالجها أو تغطيته للأحداث مما حاز على تقدير طيف واسع من المواطنين سواء للاستماع أو المشاهده؛ فتلفزيون فلسطين يحظى بثاني أعلى نسبة مشاهدة على الرغم من المنافسه غير متكافئة مع الاعلام العربي الواسع الانتشار وذي الامكانيات الكبيرة. هذا يخلق تحدي على الاعلام الرسمي للانتقال من الاعلام الحكومي "النظام" إلى الاعلام العمومي أو اعلام الدولة بحيث يرى كل المواطنين "حكومة ومعارضة وغير مسيسين" أنفسهم ممثلين بشكل متساوي او شبه متساوي في هذا الاعلام.
(4) الفصائل الفلسطينية خارج السياق
استدركت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية غيابها عن الاحداث بعقد مؤتمر صحفي للطلب من الحكومة التشاور وإجراء المفاوضات معها سواء في المجلس التشريعي أو عبر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وفي ظل تخبط بعض القيادات السياسية صرح أحدهم بعدم جواز الاحتجاجات في ظل الاحتلال. يبدو أنه قد نسي أو تناسى أن الفلسطينيين يخوضون في نفس الوقت مهمة بناء الدولة ومهمة انهاء الاحتلال وكل منهما له تبعاته ومسؤولياته.
ادركت هذه الفصائل متأخرا انها غير قادرة على التحكم في الاحداث والسيطرة على الشارع لغيابها عنه، أو لأن حركة الشارع قد سبقتها في النضال المطلبي، أو لأنهم لم يجدوا مقعدا على طاولة الحوار مع الحكومة التي دعت القطاع الأهلي والقطاع الخاص لحوارها في الأزمة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء