بقاء السلطة كارثة وانهيارها كارثة ايضا- بقلم عصام بكر
18.09.2012 09:46 PM
اذن وصلت الامور الى خط النهاية في مباراة غير متكافئة اصلا ولم تكن كذلك في يوم من الايام موازيين القوى فيها ليس فيها اي نوع من المقارنة ، او هي بطريقة اخرى تعود الى بداياتها الاولى الى الجذور حيث تتضح معالم وتتكشف احابيل طويلة من الارتهان وبناء التوقعات التي لا تلبث ان تتهاوى في مستهل خريف لا احد يعرف الى أين سيقود وكثيرة هي الشكوك التي تنتاب المتابع بالنسبة لخط النهاية ؟؟ وكيف يمكن ان نصل الى شيء من وضوح الرؤية او لنقل القليل من الحسم على ضوء مجريات لا نعرف ان كنا لاعبين اساسين فيها او هكذا صور لنا ولسنا في الحقيقة سوى مسيرين في لعبة خيوطها والمتحكم فيها اطراف دولية كبرى ونحن فيها اوصياء على انفسنا ان ارادوا لنا ذلك ؟؟ وربما نكاد نتصور اننا نحسم امرا ولو كان ضغيرا .
فعلى ايقاع الازمة الاقتصادية التي تفجرت على مدار الايام الماضية والتي ستترك تداعيات لن تتوقف عند حلول " ترقيعية " لأزمة باتت تهدد المشروع الوطني برمته ولا تقتصر اثارها على الانعكاسات الانية او الحلول التي تعالج بطريقة او باخرى بعض الاطراف دون الدخول الى اعماق هذه الازمة ، وعلى ايقاعها ايضا تتكشف الصورة على واقع مغاير يرتبط كليا او جزئيا بكل مجريات السنوات الماضية منذ نشوء وتأسيس ( اول سلطة ) فلسطينية على ارض فلسطينية ، فتترآى امامنا صورة قاتمة يستخدم المصطلح المخفف حسب العرف الدبلوماسي بانسداد الافق السياسي الذي لا يختلف اثنان في الساحة الفلسطينية عليه .
فجذر المشكلة سياسي ينعكس على الوضع الاقتصادي العام المتمثل بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة برئاسة د. سلام فياض ، ويعود مجددا النقاش معها ليصل الى بروتوكول باريس الاقتصادي وحاضنته الام اتفاق اوسلو الذي مرت ايام قليلة على ذكرى توقيعه في البيت الابيض ، فالوضع الاقتصادي الكارثي الناجم عن تراكم سياسات اجحفت بالقضية الوطنية نتيجة المفاوضات التي اعقبت مؤتمر مدريد للسلام اوائل تسعينات القرن الماضي والتي افضت لتوقيع هذا الاتفاق في ظل غياب المظلة العربية ، والثقل الدولي والتوازن ما بين الطرفين منظمة التحرير من جهة واسرائيل بصفتها دولة احتلال من جهة اخرى ، حيث ارتبط الاتفاق او اعلان المباديء بفترة انتقالية كان يفترض ان تنتهي في الرابع من ايار عام 1999 .
من هنا ايضا بخلاف فهم الطرفين لهذه الاتفاقية ساد احساس لدى القيادة وقطاعات من الشعب الفلسطيني ان نشوء السلطة باعتبارها بوابة العبور للاستقلال الوطني وانهاء الاحتلال لن يستمر الا عدة سنوات قبل ان يصل الشعب الفلسطيني لاهدافه الوطنية ، والمفاوضات ستقود مهما تعثرت الى الهدف المشروع في نهاية المطاف وهو تحقيق الاستقلال الوطني وهو الهدف الذي ناضل من اجله الشعب الفلسطيني وقدم التضحيات ، ومن اجله قدم ايضا تنازلات مؤلمة حتى مقابل الاعتراف بالمنظمة ورسائل الاعتراف المتبادلة بين المنظمة واسرائيل خير شاهد على هذا الاختلاف الجوهري والرئيسي لفهم كل طرف لمضمون ونهاية مسار المفاوضات التي جعلتها اسرائيل تكريسا لاحتلالها واطالة امد هذا الاحتلال بشتى الوسائل والطرق واستخدمت تلك المفاوضات غطاء لسياسة نهب ومصادرة الاراضي وتضيق الخناق على الشعب الفلسطيني .
وبعيدا عن سرد الوقائع التاريخية لمجريات امور حدثت على مدار عقدين من الزمن وحملت تطورات هائلة اصبح عنوانها ضعف وتلاشي امكانية تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة ومعها بناء الدولة المستقلة على كامل راضي 1967 فما جرى منذ مدريد ومرورا باوسلو وملحقاتها ماهو الا نظام تمييز عنصري يخنق حياة الشعب الفلسطيني ، ويجعل من احتمالية بناء هذه الدولة على الارض شبه مستحيل ، فالاستيطان والجدار العنصري ، وحملات تهويد القدس كلها تتسارع الخطى فيها في سباق محموم مع الزمن دون ان يحرك احد في هذا العالم ساكنا لوقف هذه الممارسات المدمرة لعملية السلام ، ومع كل تلك الممارسات تأكلت مكانة السلطة شيئا فشيئا ومعها ايضا منظمة التحرير العنوان الوطني الجامع والممثل الشرعي الوحيد بفعل الانقسام فاصبح يتهددها خطر ازدواجية التمثيل وفقدانها لهذه الصفة التي ارتبطت بها طوال سنوات النضال الوطني المعاصر على مدار العقود الماضية ، ليس هذا فحسب وانما ايضا بفعل تراجع الاداء الداخلي للمنظمة وتعطيل مؤسساتها المختلفة ، واصابتها بامراض مزمنة كثيرة منها بيروقراطية اتخاذ القرار ، وغياب المساءلة وانتظام العمل ، بل وتغول السلطة واستئثارها بصناعة القرار بدلا عنها في بعض الاحيان ، حتى تولد احساس ان المنظمة قد ذابت في السلطة او اذيبت فيها بالرغم من كونها مرجعية هذه السلطة ، وهذا الخلط غير المبرر وغير المفهوم ايضا في الاوراق وطرائق صناعة واتخاذ القرار ادى الى احساس برتابة وتنميط للحياة الداخلية فيها مما يستدعي اجراء مراجعة شاملة لوضع ودور وكيفية اعادة الاعتبار والثقة للمنظمة كعنوان وطني جامع للكل الفلسطيني وبما تمثل بصفتها قائدة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني .
واذا ما عدنا للسلطة والازمة الاقتصادية وعلى ايقاع التحركات والاحتجاجات الشعبية التي قد تنفجر بطريقة اوسع في اي وقت نرى ان الازمة ليست وليدة لحظة وان ذيولها تمتد لسنوات ، وهي مركبة واكثر تعقيدا مما يظن البعض ، فمنذ بدء النقاش حول حل السلطة كخيار محتمل امام انسداد الافق السياسي ، وعدم امكانية استمرار السلطة مع توقف ما يسمى عملية السلام جراء التعنت الاسرائيلي للحكومات المتعاقبة في اسرائيل ، اصبح الوضع الفلسطيني بحاجة الى اجابات محددة على اسئلة محددة ربما منها وظيفة السلطة الفلسطينية واعادة تعريف هذه الوظيفة ؟؟؟ فهي اساسا لم تقد الى بوابة الحرية والاستقلال !! والاحتلال يرسم وظيفتها على مقاس الاعتبارات الامنية والداخلية في اسرائيل ووفق مصالحها بحيث تصبح في نهاية المطاف او هكذا يراد لها ان تكون وكيلا امنيا وملحقا اقتصاديا بالاقتصاد الاسرائيلي بتبعية كاملة له .
ذيول الازمة عندنا في الاراضي الفلسطينية التي هي اساسا انعكاس لربط الاقتصاد الفلسطيني بالاسرائيلي مع تناسي اننا تحت الاحتلال ، يخلق واقعا من الصعب ان لم يكن من المستحيل التكهن الى اين سيقود مساره امام تهاوي الاقتصاد في بلادنا ، وفي ظل غياب السيطرة على المعابر والموارد وحركة الاستيراد والتصدير ، وغياب التخطيط والرؤية الاقتصادية الاستراتيجية التي تستطيع " فكفكة " العقد المتواصلة من عقود .
الاساس هو وظيفة السلطة التي شارفت على ( الانتهاء) فهي لم تعد قادرة على قيادة المجتمع وليس هناك من فرصة امامها في ظل الوضع القائم ومع غياب الدعم العربي وامتناع العرب عن الايفاء بتعهداتهم المقرة في القمم العربية ، وحتى غياب ظهير دولي يقدم الدعم السياسي والمالي للسلطة الناشئة وباعتماد شبة كلي على المنح والمساعدات الخارجية من اجل البقاء فقط وليس الا !!! فكيف يمكن الحديث عن تنمية تحت الاحتلال ؟؟ يقدمون الدعم المحدود وبمواصفات وشروط مجحفة احيانا ، فالسلطة اصبحت غير مقنعة وليس لديها حلول ومعالجات جدية للازمة ، وطريق المفاوضات قد اوصد تماما مع حكومة يتربع على عرشها غلاة اليمين والتطرف .
نحن كشعب وسلطة امام خياريين كلاهما مر بقاء السلطة بوضعها الحالي ينذر بانفجارات وازمات داخلية يمثل كارثة حقيقية على النسيج الوطني والاجتماعي والسلم الاهلي في مجتمع منقسم ومقسم سيطال ايضا ما تبقى من منظومة قيم اجتماعية ، والخيار الثاني زوال السلطة او انهيارها او فقدان السيطرة هذا المصطلح الاكثر تداولا لدى اوساط النخبة والقيادات في الاونة الاخيرة ، هذا الخيار يحمل ايضا بعدا كارثيا على المدى القريب سيؤدي الى انفجار اجتماعي في غاية الخطورة وعلى المدى المتوسط سيطيح بالاحلام التي نشأت بهذه (الكينونية) التي سقفها الاعلى الحكم الذاتي ودولة الحدود المؤقتة وهو ما يريدونه لها ان تكون خطوط نهايتها وهو ما ترفضه القيادة والشعب الفسطيني ولم يناضل منذ حوالي مائة عام من اجله ، قدم خلالها تضحيات جسام في سبيل هدف وطني مقدس .
وربما كان لنا ان نتخطى رغم الازمة لم ( تعدي) حتى الان وربما يتم تجاوزها ، ربما ما جرى كان ممر اجباري لاعادة تعريف الحالة الراهنة من عمر قضيتنا الوطنية ، حيث دقت ناقوس خطر كبير حول مستقبل اجيالنا القادمة ومشروعنا الوطني ، القافلة لا تسير بالاتجاه الصحيح ، تعثرت بنا الطريق ولكن لنتوقف قليلا ونلتقط اللحظة رغم مرارتها وثقل ما قد تحمل وندقق في المشهد ، وامامنا سلسلة طويلة من الخطوات الهامة والضرورية التي لا تحتمل التاخير بما فيها اعادة تعريف السلطة لنفسها ومسؤوليتها ؟؟ انا لست من دعاة حل السلطة لخطورة ذلك على اكثر من صعيد ولست اطرح ادخال البلد في فوضى التخريب ، وارتكاب حماقة التدمير الذاتي لبقايا صورة هشة لسلطة تحت الاحتلال !! ولكن ايضا لا يمكن استمرار الوضع على نحو كانه لم يحدث شيء ولا يمكن ادارة الامور بعد هذه الازمة باموال الدول المانحة والمساعدات الخارجية او الهجوم على جيوب الناس بسياسات اقتصادية واجراءات ضريبية ورفع اسعار المواد الاساسية وفي ذات الوقت الحديث عن صمود واقتصاد تنمية وصمود وجاهزية مؤسسات الدولة !!!
مطلوب ان نتحاور ان نجتمع ونلتقي نجلس مع بعضنا البعض سلطة واحزاب ومجتمع مدني وقطاع خاص واهلي نقابات واتحادات لم يعد الوضع يحتمل التاخير باي حال من الاحوال ، معالجات شكلية وقشور وحل آني هنا وحل مؤقت هناك كلها رتوش لن تحل الازمة
السلطة لم يعد بمقدروها الاستمرار وانهيارها سيجلب كارثة ايضا ، المطلوب كبير وعاجل انقلوا القضية الوطنية لحضن الامم المتحدة للهيئات الدولية كقضية تحرر وطني ؟؟ لماذا لايدعى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي اسس السلطة للانعقاد فورا ؟؟ لم يعد بامكان السلطة ان تحمل اعباء الدولة وهي ليست دولة واكثر من نصف مناطق سيطرتها هي خارج هذه السيطرة الفعلية لها وتخضع للاحتلال العسكري المباشر ، وليس بمقدورها ايضا ان تحمل تكلفة الاحتلال الذي يريد تأبيدها وتحويلها الى سلطة بلدية بائسة في حكم ذاتي هزيل يقضي على حلمنا الوطني جميعا
المشكلة لن تحل الا بانفراج سياسي باعطاء امل جديد ان القضية الوطنية تتنفس وتسير قدما الاحباط وتولد الاحساس بانقضاء اي امل لعلاج في السياسي ، والاقتصاد انعكاس حتمي للسياسي سلطة تحت الاحتلال لن تكون قادرة على ايجاد الحلول المستدامة ، انعدام الامل يولد الضياع وفقدان السيطرة سندفع ثمنه جميعا ، استمرار الفعاليات والانشطة المطالبة بالحقوق سيستمر وهي مطالب محقة ومشروعة ، ولكن روافعنا وادوات العمل فيها يجب ان تكون للقوى والاتحادات النقابية والعمالية التي ربما تصلها رياح التغير والمطالبات الشعبية بتعريف دورها ومسؤولياتها هي الاخرى وربما بصفتها شريكا للرسمي في بعض المسؤولية ، لتقديم علاجات شافية للحالة المركبة التي تحتاج للجميع ، البلد تحتاج لكل المخلصين والغيورين لاستمرار العمل والبناء ، اعادة الاعتبار للشخصية الوطنية اولى المهمات فيها رغم سقوط الاوراق في خريف سيورق اخضرارا في رمال متحركة ولو بعد حين لاننا لم نفقد الامل وممنوع ان نفقد الامل بالتغير الذي نستحق .
فعلى ايقاع الازمة الاقتصادية التي تفجرت على مدار الايام الماضية والتي ستترك تداعيات لن تتوقف عند حلول " ترقيعية " لأزمة باتت تهدد المشروع الوطني برمته ولا تقتصر اثارها على الانعكاسات الانية او الحلول التي تعالج بطريقة او باخرى بعض الاطراف دون الدخول الى اعماق هذه الازمة ، وعلى ايقاعها ايضا تتكشف الصورة على واقع مغاير يرتبط كليا او جزئيا بكل مجريات السنوات الماضية منذ نشوء وتأسيس ( اول سلطة ) فلسطينية على ارض فلسطينية ، فتترآى امامنا صورة قاتمة يستخدم المصطلح المخفف حسب العرف الدبلوماسي بانسداد الافق السياسي الذي لا يختلف اثنان في الساحة الفلسطينية عليه .
فجذر المشكلة سياسي ينعكس على الوضع الاقتصادي العام المتمثل بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة برئاسة د. سلام فياض ، ويعود مجددا النقاش معها ليصل الى بروتوكول باريس الاقتصادي وحاضنته الام اتفاق اوسلو الذي مرت ايام قليلة على ذكرى توقيعه في البيت الابيض ، فالوضع الاقتصادي الكارثي الناجم عن تراكم سياسات اجحفت بالقضية الوطنية نتيجة المفاوضات التي اعقبت مؤتمر مدريد للسلام اوائل تسعينات القرن الماضي والتي افضت لتوقيع هذا الاتفاق في ظل غياب المظلة العربية ، والثقل الدولي والتوازن ما بين الطرفين منظمة التحرير من جهة واسرائيل بصفتها دولة احتلال من جهة اخرى ، حيث ارتبط الاتفاق او اعلان المباديء بفترة انتقالية كان يفترض ان تنتهي في الرابع من ايار عام 1999 .
من هنا ايضا بخلاف فهم الطرفين لهذه الاتفاقية ساد احساس لدى القيادة وقطاعات من الشعب الفلسطيني ان نشوء السلطة باعتبارها بوابة العبور للاستقلال الوطني وانهاء الاحتلال لن يستمر الا عدة سنوات قبل ان يصل الشعب الفلسطيني لاهدافه الوطنية ، والمفاوضات ستقود مهما تعثرت الى الهدف المشروع في نهاية المطاف وهو تحقيق الاستقلال الوطني وهو الهدف الذي ناضل من اجله الشعب الفلسطيني وقدم التضحيات ، ومن اجله قدم ايضا تنازلات مؤلمة حتى مقابل الاعتراف بالمنظمة ورسائل الاعتراف المتبادلة بين المنظمة واسرائيل خير شاهد على هذا الاختلاف الجوهري والرئيسي لفهم كل طرف لمضمون ونهاية مسار المفاوضات التي جعلتها اسرائيل تكريسا لاحتلالها واطالة امد هذا الاحتلال بشتى الوسائل والطرق واستخدمت تلك المفاوضات غطاء لسياسة نهب ومصادرة الاراضي وتضيق الخناق على الشعب الفلسطيني .
وبعيدا عن سرد الوقائع التاريخية لمجريات امور حدثت على مدار عقدين من الزمن وحملت تطورات هائلة اصبح عنوانها ضعف وتلاشي امكانية تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة ومعها بناء الدولة المستقلة على كامل راضي 1967 فما جرى منذ مدريد ومرورا باوسلو وملحقاتها ماهو الا نظام تمييز عنصري يخنق حياة الشعب الفلسطيني ، ويجعل من احتمالية بناء هذه الدولة على الارض شبه مستحيل ، فالاستيطان والجدار العنصري ، وحملات تهويد القدس كلها تتسارع الخطى فيها في سباق محموم مع الزمن دون ان يحرك احد في هذا العالم ساكنا لوقف هذه الممارسات المدمرة لعملية السلام ، ومع كل تلك الممارسات تأكلت مكانة السلطة شيئا فشيئا ومعها ايضا منظمة التحرير العنوان الوطني الجامع والممثل الشرعي الوحيد بفعل الانقسام فاصبح يتهددها خطر ازدواجية التمثيل وفقدانها لهذه الصفة التي ارتبطت بها طوال سنوات النضال الوطني المعاصر على مدار العقود الماضية ، ليس هذا فحسب وانما ايضا بفعل تراجع الاداء الداخلي للمنظمة وتعطيل مؤسساتها المختلفة ، واصابتها بامراض مزمنة كثيرة منها بيروقراطية اتخاذ القرار ، وغياب المساءلة وانتظام العمل ، بل وتغول السلطة واستئثارها بصناعة القرار بدلا عنها في بعض الاحيان ، حتى تولد احساس ان المنظمة قد ذابت في السلطة او اذيبت فيها بالرغم من كونها مرجعية هذه السلطة ، وهذا الخلط غير المبرر وغير المفهوم ايضا في الاوراق وطرائق صناعة واتخاذ القرار ادى الى احساس برتابة وتنميط للحياة الداخلية فيها مما يستدعي اجراء مراجعة شاملة لوضع ودور وكيفية اعادة الاعتبار والثقة للمنظمة كعنوان وطني جامع للكل الفلسطيني وبما تمثل بصفتها قائدة لحركة التحرر الوطني الفلسطيني .
واذا ما عدنا للسلطة والازمة الاقتصادية وعلى ايقاع التحركات والاحتجاجات الشعبية التي قد تنفجر بطريقة اوسع في اي وقت نرى ان الازمة ليست وليدة لحظة وان ذيولها تمتد لسنوات ، وهي مركبة واكثر تعقيدا مما يظن البعض ، فمنذ بدء النقاش حول حل السلطة كخيار محتمل امام انسداد الافق السياسي ، وعدم امكانية استمرار السلطة مع توقف ما يسمى عملية السلام جراء التعنت الاسرائيلي للحكومات المتعاقبة في اسرائيل ، اصبح الوضع الفلسطيني بحاجة الى اجابات محددة على اسئلة محددة ربما منها وظيفة السلطة الفلسطينية واعادة تعريف هذه الوظيفة ؟؟؟ فهي اساسا لم تقد الى بوابة الحرية والاستقلال !! والاحتلال يرسم وظيفتها على مقاس الاعتبارات الامنية والداخلية في اسرائيل ووفق مصالحها بحيث تصبح في نهاية المطاف او هكذا يراد لها ان تكون وكيلا امنيا وملحقا اقتصاديا بالاقتصاد الاسرائيلي بتبعية كاملة له .
ذيول الازمة عندنا في الاراضي الفلسطينية التي هي اساسا انعكاس لربط الاقتصاد الفلسطيني بالاسرائيلي مع تناسي اننا تحت الاحتلال ، يخلق واقعا من الصعب ان لم يكن من المستحيل التكهن الى اين سيقود مساره امام تهاوي الاقتصاد في بلادنا ، وفي ظل غياب السيطرة على المعابر والموارد وحركة الاستيراد والتصدير ، وغياب التخطيط والرؤية الاقتصادية الاستراتيجية التي تستطيع " فكفكة " العقد المتواصلة من عقود .
الاساس هو وظيفة السلطة التي شارفت على ( الانتهاء) فهي لم تعد قادرة على قيادة المجتمع وليس هناك من فرصة امامها في ظل الوضع القائم ومع غياب الدعم العربي وامتناع العرب عن الايفاء بتعهداتهم المقرة في القمم العربية ، وحتى غياب ظهير دولي يقدم الدعم السياسي والمالي للسلطة الناشئة وباعتماد شبة كلي على المنح والمساعدات الخارجية من اجل البقاء فقط وليس الا !!! فكيف يمكن الحديث عن تنمية تحت الاحتلال ؟؟ يقدمون الدعم المحدود وبمواصفات وشروط مجحفة احيانا ، فالسلطة اصبحت غير مقنعة وليس لديها حلول ومعالجات جدية للازمة ، وطريق المفاوضات قد اوصد تماما مع حكومة يتربع على عرشها غلاة اليمين والتطرف .
نحن كشعب وسلطة امام خياريين كلاهما مر بقاء السلطة بوضعها الحالي ينذر بانفجارات وازمات داخلية يمثل كارثة حقيقية على النسيج الوطني والاجتماعي والسلم الاهلي في مجتمع منقسم ومقسم سيطال ايضا ما تبقى من منظومة قيم اجتماعية ، والخيار الثاني زوال السلطة او انهيارها او فقدان السيطرة هذا المصطلح الاكثر تداولا لدى اوساط النخبة والقيادات في الاونة الاخيرة ، هذا الخيار يحمل ايضا بعدا كارثيا على المدى القريب سيؤدي الى انفجار اجتماعي في غاية الخطورة وعلى المدى المتوسط سيطيح بالاحلام التي نشأت بهذه (الكينونية) التي سقفها الاعلى الحكم الذاتي ودولة الحدود المؤقتة وهو ما يريدونه لها ان تكون خطوط نهايتها وهو ما ترفضه القيادة والشعب الفسطيني ولم يناضل منذ حوالي مائة عام من اجله ، قدم خلالها تضحيات جسام في سبيل هدف وطني مقدس .
وربما كان لنا ان نتخطى رغم الازمة لم ( تعدي) حتى الان وربما يتم تجاوزها ، ربما ما جرى كان ممر اجباري لاعادة تعريف الحالة الراهنة من عمر قضيتنا الوطنية ، حيث دقت ناقوس خطر كبير حول مستقبل اجيالنا القادمة ومشروعنا الوطني ، القافلة لا تسير بالاتجاه الصحيح ، تعثرت بنا الطريق ولكن لنتوقف قليلا ونلتقط اللحظة رغم مرارتها وثقل ما قد تحمل وندقق في المشهد ، وامامنا سلسلة طويلة من الخطوات الهامة والضرورية التي لا تحتمل التاخير بما فيها اعادة تعريف السلطة لنفسها ومسؤوليتها ؟؟ انا لست من دعاة حل السلطة لخطورة ذلك على اكثر من صعيد ولست اطرح ادخال البلد في فوضى التخريب ، وارتكاب حماقة التدمير الذاتي لبقايا صورة هشة لسلطة تحت الاحتلال !! ولكن ايضا لا يمكن استمرار الوضع على نحو كانه لم يحدث شيء ولا يمكن ادارة الامور بعد هذه الازمة باموال الدول المانحة والمساعدات الخارجية او الهجوم على جيوب الناس بسياسات اقتصادية واجراءات ضريبية ورفع اسعار المواد الاساسية وفي ذات الوقت الحديث عن صمود واقتصاد تنمية وصمود وجاهزية مؤسسات الدولة !!!
مطلوب ان نتحاور ان نجتمع ونلتقي نجلس مع بعضنا البعض سلطة واحزاب ومجتمع مدني وقطاع خاص واهلي نقابات واتحادات لم يعد الوضع يحتمل التاخير باي حال من الاحوال ، معالجات شكلية وقشور وحل آني هنا وحل مؤقت هناك كلها رتوش لن تحل الازمة
السلطة لم يعد بمقدروها الاستمرار وانهيارها سيجلب كارثة ايضا ، المطلوب كبير وعاجل انقلوا القضية الوطنية لحضن الامم المتحدة للهيئات الدولية كقضية تحرر وطني ؟؟ لماذا لايدعى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي اسس السلطة للانعقاد فورا ؟؟ لم يعد بامكان السلطة ان تحمل اعباء الدولة وهي ليست دولة واكثر من نصف مناطق سيطرتها هي خارج هذه السيطرة الفعلية لها وتخضع للاحتلال العسكري المباشر ، وليس بمقدورها ايضا ان تحمل تكلفة الاحتلال الذي يريد تأبيدها وتحويلها الى سلطة بلدية بائسة في حكم ذاتي هزيل يقضي على حلمنا الوطني جميعا
المشكلة لن تحل الا بانفراج سياسي باعطاء امل جديد ان القضية الوطنية تتنفس وتسير قدما الاحباط وتولد الاحساس بانقضاء اي امل لعلاج في السياسي ، والاقتصاد انعكاس حتمي للسياسي سلطة تحت الاحتلال لن تكون قادرة على ايجاد الحلول المستدامة ، انعدام الامل يولد الضياع وفقدان السيطرة سندفع ثمنه جميعا ، استمرار الفعاليات والانشطة المطالبة بالحقوق سيستمر وهي مطالب محقة ومشروعة ، ولكن روافعنا وادوات العمل فيها يجب ان تكون للقوى والاتحادات النقابية والعمالية التي ربما تصلها رياح التغير والمطالبات الشعبية بتعريف دورها ومسؤولياتها هي الاخرى وربما بصفتها شريكا للرسمي في بعض المسؤولية ، لتقديم علاجات شافية للحالة المركبة التي تحتاج للجميع ، البلد تحتاج لكل المخلصين والغيورين لاستمرار العمل والبناء ، اعادة الاعتبار للشخصية الوطنية اولى المهمات فيها رغم سقوط الاوراق في خريف سيورق اخضرارا في رمال متحركة ولو بعد حين لاننا لم نفقد الامل وممنوع ان نفقد الامل بالتغير الذي نستحق .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء