المشكلة ليست فياض ..بقلم: سامر مخلوف

12.09.2012 03:19 PM
انتابني حالة من الفرح في الاسبوع الماضي عندما سمعت عن بدايات التحرك الشعبي والحراك الذي قامت به العديد من القوى المجتمعية للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والاحتجاج على الغلاء الجنوني للأسعار، والذي كان دافعا قويا للجماهير للنزول للشوارع. هذه الحالة التي كدنا ان ننساها في فلسطين وقلت في قرارة نفسي بان هناك شيئا جيدا في الافق وببعث على الامل. ولكن سرعان تطاير هذا الشعور مع دخان الاطارات المشتعلة وعندما رأيت كيف تقاد هذه الاحتجاجات من قبل شبانا صغار مدفوعين بالتأكيد من جهات معينة، وكيف ان هذه الاحتجاجات تم تجييرها لتستهدف شخص رئيس الحكومة وكان كل المصائب التي يعاني منها هذا الشعب هي من صنع هذا الرجل. وكان سقف المطالب هو رحيل الدكتور سلام فياض وبالتالي يكون هذا هو الحل.
ان نزول الناس للشوارع والاحتجاج للمطالبة بتغيير الاوضاع هو شيء عظيم، اليس هذا ما قمنا به خلال الانتفاضة الأولى اليس هذا ما حدث في تونس ومصر. ان الطاقة الكامنة في قوة الجماهير عظيمة وقادرة على تغيير الواقع الذي اصبح مريرا في فلسطين ووصل الى حد لا يطاق. فالأزمات المتتالية والغلاء وغيرها من المشاكل التي اصبحت تثقل كاهل المواطن الفلسطيني هي سبب مشروع للمطالبة بالتغيير وخلق واقع افضل. ان الهبة الجماهيرية هي صرخة لرفض الوضع الحالي وردة فعل طبيعية لرفض كل ما يحدث على ارض الواقع.
ولكن مع الاسف الشديد فان العديد من القوى والشخصيات قامت باستغلال حالة الغليان وقاموا بتوجيه دفة الاحداث باتجاه معاكس للواقع تماما. فالحديث عن رحيل سلام فياض وتحميله وزر المشاكل التي نعاني منها هو ببساطة هروب من الواقع واستغلال للحالة الجماهيرية من اجل اجندات شخصية او حتى حزبية ضيقة. ان مطالبة عدد من الشخصيات السياسية ووسائل الاعلام والشخصيات الفلسطينية بان على الحكومة الرحيل وان سياسات الحكومة هي سبب ما ال اليه الوضع الخ هي ببساطة لصرف الانظار عن المشاكل الرئيسية التي تراكمت عى مدار 20 عاما منذ توقيع الاتفاقيات سيئة الصيت كاوسلوا وباريس وغيرها. والتي هي السبب الرئيسي في ما يعاني منه المواطن الفلسطيني. والاهم من ذلك فان هذا التلاعب والاستخفاف بعقول الناس يصرف الانظار عن ابو المشاكل الفلسطينية ألا وهو الاحتلال، اليس هذا قالته لنا الصحفية الاسرائيلية عميره هاس "انه الاحتلال يا بلهاء".
ان ما يحدث هو جريمة بحق الشعب الفلسطيني الذي ذاق الامرين على يد الاحتلال والذي عوقب وقوطع لأنه يطالب بحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة علة حدود 67، اما الجريمة الاكبر فهي الغياب التام للأحزاب والقوى الفلسطينية، وكان ما يحدث لا يعنيهم.
ما هكذا تورد الابل يا سادة، وان ما يجري حاليا هو لعب بالنار وقد تؤدي الى نتائج قد لا يحمد عقباها. علينا ان نحترم عقول الناس، ان نحترم شعبنا الذي ما زال يرزح نحت نير الاحتلال. علينا ان نسمي الامور بمسمياتها وان نضع النقاط على الحروف. على القيادة الفلسطينية والممثلة برئيس السلطة ورئيس الوزراء ان يضعوا المشكلة في حضن الاحتلال اولا وفي حضن امريكا والدول المانحة من خلفها. يجب ان تكون هذه فرصة للقول وبكل وضوح بان الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر وأننا الان على مفترق طرق تاريخي.
على الحكومة الفلسطينية الشروع بإجراءات اقتصادية وسياسية مؤلمة ليس فقط لنا كشعب فلسطيني ولكن ايضا للاحتلال، وعليهم البدء بالإعلان اولا عن تخفيض مستوى التنسيق الامني مع اسرائيل للحد الأدنى وثانيا التمرد على القيود المجحفة المفروضة علينا في اتفاق باريس الاقتصادي والإعلان عن خفض كبير في سعر البنزين وغيره من مشتقات البترول وثالثا خفض سعر ضريبة القيمة المضافة. وبالمناسبة ان هذه الاقتراحات ليست اقتراحات اقتصادية لأنني لست خبيرا اقتصاديا ولكن هي خطوات لتحريك المياه السياسية الراكدة.
انا اعلم الرد الاسرائيلي قد يكون جنونيا، وقد يؤدي الى اجراءات قاسية اقلها قطع امدادات الوقود عن الاراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي تصبح المشكلة والأزمة ازمة نقص الوقود وليس غلاء سعره. عندها يتنبه المواطن البسيط الذي خرج للشارع من اجل قوته وقوت اولاده بان مشكلته الرئيسية ما زالت مع احتلال غاشم اصبح رخيصا وممولا من قبل الحكومات الغربية من خلال المساعدات، وان هذه الاموال التي تأتي تحت بند المساعدات ما هي إلا اداة ابتزاز سياسية لتركيعنا وثنينا عن تحقيق الحلم الوطني الفلسطيني.
عندها يجب تحريض الناس للخروج للشوارع وإغلاق مفترقات الطرق الرئيسية المؤدية الى المستوطنات ليشعر المستوطنون ايضا بان الامور ليست على ما يرام وأنهم جاثمون على ارض ليست لهم ولتكن عندها حركة جماهيرية سليمة تغير الواقع وتفرض الحل.
هذا ما نريد ان نسمعه من السياسيين الذين هاجموا ويهاجمون الحكومة وكأن الامور قبل فياض كانت افضل او ستكون افضل بدونه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير