لا توجد وجبات بالمجان..بقلم: موشيه ارنس/ هارتس

10.08.2011 03:11 PM

المضمون: لا تريد اسرائيل العودة الى الاشتراكية حينما كان الجميع فقراء على التساوي، لان اسرائيل حققت باقتصاد السوق انجازات ضخمة لكن الطبقة الوسطى يبدو انها مظلومة حقا).

ربما كان يمكن الاعتقاد للحظة ان روبن هود جاء الى جادة روتشيلد. بيد ان ساكني الخيام على عكسه وهو الذي سلب الاثرياء ليعطي الفقراء يريدون ان يأخذوا من الاثرياء ليعطوا "الطبقة الوسطى". وهم يصرخون بصوت واحد: "الشعب يطلب عدالة اجتماعية".

            لكن هل الأخذ من الاثرياء لاعطاء "الطبقة الوسطى" سيفضي حقا الى "عدالة اجتماعية"؟ أم انه توجد طريقة أسهل؟ هي الاخذ من الحريديين أو من المستوطنين؟ وربما يمكن احراز "عدالة اجتماعية" من غير ان تكون مؤلمة، بواسطة زيادة الجهاز الحكومي كله نجوعا ببساطة؟ أو بالاقتطاع من ميزانية الامن؟.

            على كل حال لا حاجة لدراسة الاقتصاد كي تعلم انه "لا توجد وجبات بالمجان". فكيف ما تم الامر سيكون مؤلما في النهاية لشخص ما أو في مكان ما.

            ماذا تقول مقالات المدخل الى الاقتصاد في العدالة الاجتماعية؟ ينبغي ان نفترض ان هاتين الكلمتين لا تظهر فيها ألبتة. تحدث عن هذا المصطلح كارل ماركس ولينين، وكانت التجربة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي التي كان يؤيدها ملايين في العالم مدة سنين الى ان انهار المبنى السوفييتي من تلقاء نفسه، ويقدرون حتى الآن كامل كلفته. وفي روسيا الان حكم طبقة من النخبة ولا توجد هناك "عدالة اجتماعية".

            اذا كان الامر كذلك فما الذي يستطيع الاقتصاد ان يسهم به في هذا الشأن؟ ان خبراء الاقتصاد يحصلون كل سنة على جائزة نوبل لاسهامهم في هذا المجال. وقد حظي اسرائيليان هما دانيال كهنمان واسرائيل اومان بهذا الشرف. وهناك من يعتقدون ان ستانلي فيشر ايضا محافظ بنك اسرائيل يستحق الجائزة لانه نجح في ادارة دفة الدولة زمن الازمة الاقتصادية التي اصابت العالم في السنين الاخيرة. فهل يُعد هؤلاء في 300 ألف الاسرائيلي الذين دعوا الى "عدالة اجتماعية" في تل ابيب مع خروج السبت الماضي؟ أم أن منظمي المظاهرات يعلمون شيئا لا يفهمه حتى خبراء اقتصاد أجلاء؟.

            ان الاقتصاد في الحقيقة ليس علما دقيقا، لكن على مدى السنين تراكمت معلومات ثبت بعضها في "قوانين". واصبحت طائفة من الاستنتاجات واضحة. الشيوعية غير ناجحة، واقتصاد السوق ناجح. بل ان القادة "الشيوعيين" للصين خلصوا الى هذا الاستنتاج. في اعقاب الازمة الاقتصادية الحالية التي سددت ضربة الى العالم "الرأسمالي"، بدأت تسمع في الحقيقة اصوات تزعم انه قد لا تكون "الرأسمالية" حلا وتتغلغل عبارة "الرأسمالية الخنزيرية" الى معجم اسرائيليين كثيرين، لكن من يريد العودة الى الاشتراكية؟ يتذكر اسرائيليون كثيرون في حنين السنين التي كان فيها اكثر الدولة مملوكا ومدارا من قبل هستدروت العمال و"كان الجميع فقراء". اجل كانت تلك "عدالة اجتماعية"، لكن ينبغي ان نتذكر ان الجميع آنذاك كانوا فقراء اذا استثنينا ذوي الصلات بالحزب الصحيح. كانت تلك الفترة بعيدة عن ان تكون مثالية وقطعنا منذ ذلك الحين مسافة طويلة بفضل تبني مبدأ اقتصاد السوق قبل كل شيء.

            اذا كان الامر كذلك فما هو الذي ليس على ما يرام، مع كل ذلك؟ أربما "ينزعون جلد" الطبقة الوسطى حقا؟ بسبب عدم وجود قوانين في اماكن هي ضرورية فيها، وبسبب تركيز زائد للمال والقوة في أيدي قليلين؛ وبسبب وجود شركات احتكار تقرر الاسعار وعمولات المصارف؛ وبسبب حماسة زائدة عند موظفي المالية الذين يعتقدون انهم قادرون على حلب المال من الطبقة الوسطى التي تقف عاجزة ازاء عبء الضرائب المباشرة وغير المباشرة وهي على ثقة بأن اسرائيل لا تستطيع ان تسمح لنفسها بنظام مواصلات عامة مناسب. يبدو ان كل هذا اصبح عبئا ثقيلا جدا على كتف الطبقة الوسطى. ربما هذا ما يقصدونه عندما يهتفون بـ "العدالة الاجتماعية".

تصميم وتطوير