وقفة مع قرارات الحكومة - بقلم صلاح هنية*

12.09.2012 12:41 PM
القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية حول خفض ضريبة القيمة المضافة، وخفض أسعار المحروقات عدا البنزين، وما رافقها من إجراءات، شكلت استجابة لإجراءات سريعة طالبت بها اولا جمعية حماية المستهلك الفلسطيني وطرحتها بقوة منذ بداية الأزمة، سواء في إطار غرفة العمليات الطارئة التي تشكلت فور نشوب الأزمة برئاسة وزير الاقتصاد الوطني، ومن خلال سلسلة لقاءات مع الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء، والتي باتت عنواناً لغالبية البيانات والمؤتمرات التي صدرت عن عديد المؤسسات.
عملياً كإجراء سريع نعتبر انها قرارات موفقة، على المدى البعيد لا زال امامنا الكثير مما نفعله بدءاً من فك تبعية الاقتصاد الفلسطيني عن الإسرائيلي ليس كشعار ولكن كإجراء أولاً وأخيراً، والاستمرار في فتح بروتوكول باريس ومراجعته والإصرار على نقاشه وتعديله بغض النظر عن كونه جزءاً من الاتفاق السياسي، واليوم بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى التوجه باتجاه تشجيع المنتجات الفلسطينية ومنحها الأفضلية في العطاءات الحكومية والمشتريات الحكومية ضمن لوائح تنفيذية جاهزة للتنفيذ اليوم وليس غداً.
اليوم بات مطلوبا إجراءات حقيقية لتعزيز التنافسية في الاقتصاد الفلسطيني ومحاربة كل أشكال الاحتكار، بما يترافق مع إجراءات وآليات ضبط السوق الفلسطينية وتنظيمه، وإخضاع عمليات الرقابة في السوق الفلسطينية لفريق عمل مشترك ضمن غرفة عمليات تقوده بعيداً عن التنافس أو اتخاذ قرارات انفرادية من هذه الوزارة بهدف المضاربة فقط على عمل وزارة أخرى، وتفعيل قانون عقوبات رادع لكل من يتاجر بالأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية بغض النظر عن النوايا أو حجم الدكان أو الموقع الجغرافي للتاجر.
ونتواصل مع استخلاص العبر لنتعرض لدور القطاع الخاص الفلسطيني الذي اختار موقف المتابع عن بعد للوضع الاقتصادي المعيشي على قاعدة اننا قلنا للدكتور سلام فياض رئيس الوزراء إننا نريد الشراكة، ولم تحدث بالتالي ( قلعوا شوككم بأياديكم ) وهذا ترافق مع استمرار عمل شركات القطاع الخاص الفلسطيني بعيداً عن مكونات الأزمة أساسا، وأنا لا اعتبر هنا أن القطاع الخاص بات ليس جزءا من مكونات المجتمع ولا يتعايش مع همومه لا سمح الله، حتى أن القطاع الخاص يمتلك موقفاً معطلاً للوصول إلى الحد الأدنى للأجور والحكومة تأخذ اتجاها متوافقا معهم في عدم الفرض بل التوافق ضمن لجنة الحد الأدنى للأجور التي تضم أطرا ف الإنتاج.
وحتى نركز على استخلاص العبر الاقتصادية نرى ما يلي:
- أن الحكومة يجب أن تتعاطى مع مكونات الوضع الاقتصادي المعيشي بصورة أكثر عملية وسرعة بحيث لا تلقي بهذا الملف بين أدراج اللجان، والمطلوب تفعيل عمل اللجنة الاقتصادية الوزارية، وتفعيل عمل اللجان الوزارية المرتبطة بهذا الملف.
- لا يجوز أن نركن إلى سرد إجراءات حكومية في وقت الأزمة لم تطرح بقوة لدى الرأي العام الفلسطيني سواء من ناحية شبكة الأمان الاجتماعي، استيعاب جزء من ارتفاعات أسعار الكهرباء من المصدر بقيمة 75% من أصل الـ 9% التي ارتفعت، إقرار التعرفة الموحدة للكهرباء كجزء من تنظيم القطاع، بل يجب أن تقدم هذه القضايا بشكل متواصل على قاعدة المكاشفة.
- لا يجوز أن يظل التقرير الربعي الذي يصدر عن رئاسة الوزراء والذي يعكس انجازات الوزارات والهيئات طي الكتمان ليتم تداوله في نطاق محصور، بل يجب أن يقدم للجمهور عبر آليات تصل للرأي العام الفلسطيني.
- لم يعد مقبولا أن تكون توجهات عمل الوزارات التي تتعاطى يوميا وساعة بساعة مع الوضع الاقتصادي المعيشي المالي تتعاطى مع الجزئيات وتترك التفاصيل التي تمس جوهر التوجهات الاقتصادية المالية للحكومة.
- لم يعد مقبولا أن نظل نفكر في تيسير إقامة ثلاث مدن صناعية في الوطن، فما بالنا اذا وصلنا لمرحلة جذب الاستثمارات لهذه المناطق الصناعية.
اكرر خطوات وإجراءات حكومية سريعة مقبولة رغم تأخرها ولكننا لن نغمض اعيننا عن الإجراءات بعيدة المدى التي هي هدفنا النهائي منذ سنوات طوال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير