الدحلانية بوصفها مؤسسة ونهجا.. بقلم: خالد بركات
لا يمكن لعاقل أن يلغي الحقيقة والمنطق ويصدق بأن محمد دحلان العضو المفصول من اللجنة المركزية لحركة فتح هو سبب "كل البلاوي في فتح والساحة الفلسطينية" إلا إذا أردنا أن نسلم عقولنا للعرّافات والدجالين وقراء الكف والحظ.
دحلان هو "ابن السلطة" كما يصف نفسه، وابن مؤسستها الأمنية، وهو يمثل ظاهرة ملازمة، كالضرورة، لمرحلة أوسلو التي ولدت عام 1993 ويمكن إطلاق اسم "الدحلانية" عليها باعتبارها نهجا وطريقا للسياسي الفلسطيني المتسلق الذي انتمى لورثة م. ت. ف أو ما عرف يوما بالمشروع الوطني الفلسطيني!
لا شك لدينا أن محمد دحلان يشعر بالغبن وربما الخديعة والخيانة، وذلك على قاعدة: لم أكن الفاسد الوحيد فلماذا أكون الوحيد الذي يخضع للمحاسبة والعقاب؟ لقد سبقه الى هذه النتيجة السيد نبيل عمرو و روحي فتوح ونبيل شعث ورفيق الحسيني وآخرون، وعندما شكلت لجان التحقيق، في المجلس التشريعي، اكتشفت أن 320 مليون دولار هدرت من المال العام في سنة واحدة، وسمعنا من البعض حينئذ من دافع عن نفسه بحجة أنه ليس الحرامي الوحيد!
انحدرت المؤسسة الفلسطينية التي عرفت باسم م. ت. ف إلى أسفل السافلين بعد هيمنة السلطة عليها. ومع توقيع اتفاق أوسلو تربع تيار الأمن والمال على القرار الفلسطيني، تارة بحجة "حمايته" و "حماية المصالح والحقوق الفلسطينية" وتارة أخرى بذريعة "الاتفاقيات الموقعة"، وتحت هذه الحج والذرائع الواهية ارتكبت عصابة دحلان وبغطاء من ياسر عرفات وأبو مازن العشرات من الجرائم بحق شعبنا.
إن شبكة الانترنيت مليئة بأشرطة فيديو وتسجيلات وصور ومقالات ووثائق وغيرها من شواهد ودلائل تبين معرفة وعلم القيادة الفلسطينية بجرائم هذا الشخص وغيره من القيادات في السلطة وحركة فتح على وجه الخصوص، وبعضهم أعضاء وزملاء للسيد دحلان في اللجنة المركزية لحركة فتح.
أعطني اسم قيادي أمني واحد تقلد مواقع متقدمة في أجهزة السلطة، ولم يرتكب جريمة بحق أبناء شعبه؟ السيد جبريل الرجوب مثلا الذي له تسجيل كامل في محادثة مع الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي يقول له حرفيا إن أوامر الاعتقال كانت تأتيه من أعلى هيئة قيادية وبحضور كل الجمع. ومكالمة اخرى للرجوب مع قيادي في حركة فتح من قطاع غزة يقول فيها الرجوب عن ممارسات دحلان والمشهراوي وغيرهم ما قاله مالك في الويسكي!
أليس التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني جريمة ترتكب يوميا بحق شعبنا وعلى عينك يا تاجر؟ أليس التعاون مع العدو جريمة وطنية – للأسف- صارت مشروعة ومقبولة من بعض القوى الفلسطينية باعتبارها أمر واقعا وخلافا في الرؤية! هل الخيانة وجهة نظر كما يقول لسان حال الشارع الفلسطيني؟ ثم ماذا عن اختطاف القائد أحمد سعدات ورفاقه الذين تم تسليمهم للعدو تحت حراسة بريطانية وأمريكية؟ أليست هذه جريمة؟
المحاسبة الحقيقية تجري حين يتم تشكيل لجان مستقلة للتحقيق، تبحث وتحقق في كل هذه الجرائم وغيرها.. حينها فقط، سنكتشف أننا لم نكن إزاء قضية شخص فاسد، بل أمام سلطة فاسدة من رأسها وحتى أخمص قدميها، بل أمام قضية كبرى يتم اغتصابها في وضح النهار!
عن موقع غرب 48
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء