الام والابنة على مقعد جامعي

08.10.2016 01:28 PM

رام الله- وطن- رولا حسنين: الحياة مراحل، وكلما انتهيت من مرحلة تدخل في أخرى لتستمر الحياة على نهج شبه روتيني وهذا حال أغلب الناس، ولكن وجود استثناء عن هذا الروتين يعني الغرابة الجميلة، والتميز، وهذا حال المواطنة رائدة مريدي (38 عاماً).

على نهج شبه متضارب في مراحله، استمرت حياة رائدة، التي قدمت من البرازيل الى فلسطين في العاشرة من عمرها.

الطالبة الام: من البرازيل الى بيرزيت 

التقت مراسلتنا بالأم رائدة، أو قل الطالبة رائدة، ورافقتها الى مقاعد الدراسة الجامعية في جامعة بيرزيت.

تقول مريدي لـ وطن أنها قدمت الى فلسطين ولا تجيد التحدث بالعربية، الامر الذي أخّر التحاقها في المدارس الفلسطينية عامين، حتى أنهت الثانوية العامة المنقوصة في العشرين من عمرها.

ثانوية عامة ليست على الحال الذي يمرّ به الآخرون، فرائدة أثناء تقديمها لامتحانات الثانوية العامة، في الامتحان قبل الأخير تقريباً، استيقظت على صوت آذان الفجر، لتستعد لأداء الصلاة ثم مراجعة بعض ما يصعب عليها في مادة الرياضيات، إلا أن التخطيط انقلب رأساً على عقب، عندما وجدت رائدة والدتها ملقاة على الأرض بلا حراك، الأمر الذي استدعاها لمرافقة والدتها، ونقلها الى مسشتفى المقاصد في القدس المحتلة، في ذات الساعة التي من المفترض أن تكون رائدة مع قريناتها تتقدم لامتحان الرياضيات، كانت داخل سيارة الاسعاف برفقة والدتها التي تعرضت لجلطة.

يئست رائدة من اكمال ما تبقى لها من الامتحانات، وفضلت المكوث بالقرب من والدتها لتتعافى، ولكن شغف التفوق والتعلم ظلّا يرافقانها حتى اللحظة التي قررت فيها رائدة استكمال دراستها بعد 20 عاماً من الانقطاع عنها.

حملت العشرين عاماً مراحل عديدة في حياة رائدة، التي تزوجت عام 1996 وهي في العشرين من عمرها وتعلمت السياقة وأنجبت 5 أبناء "3 من الذكور، و2 من الاناث"، وحفظت أجزاء عدة من القرآن الكريم، وتعلمت التجويد، ما استدعاها الى تأجيل الدراسة عام بعد آخر، كانت تحاول التمكّن من التحدث بالعربية الفصحى بطلاقة، حتى حسمت رائدة أمرها ورتبت أمرها العائلي والتحقت بالثانوية العامة من جديد مع أول ابنة لها تتأهل للثانوية العامة، وحصلت على معدل 70% في الفرع الأدبي.

الابنة سجى: ما اجمل ان ارافق امي صديقتي في البيت والجامعة

الأم رائدة والابنة سجى، بينهنّ فارق في العمر السنوي، توحدهنّ مقاعد الجامعة كطالبات في السنة الأولى، تقول سجى لـ وطن إنها تشعر بشيء جميل كون أمها التي اعتادت عليها كصديقة في البيت تشاطرها اليوم مقاعد الدراسة الجامعية.

التحقت رائدة بكلية الآداب، تخصص اللغة العربية، كتحدي كبير، لتعزز العربية في ذهنها، وتجيد كل قواعدها ومعانيها، وحباً وشغفاً للاطلاع عليها بصورة معمقة.
رسالة رائدة لمن لا يحالفهم حظ العلم في الصغر، أن العلم لا يحدّه زمناً وعمراً محدداً، التعلم من الحياة والاصرار على تحقيق الأهداف السامية، وتنظيم الوقت كل هذه العوامل تؤدي بالانسان الى النجاح في تحقيق أحلامه.

وعلى الصعيد العائلي، التقت وطن بـ"أبو صهيب " زوج السيدة رائدة، والذي حرمه الاعتقال سابقاً في سجون الاحتلال من اكمال دراسته في تخصص الشريعة بجامعة القدس المفتوحة بعد أن أنهى عامين فيها، أعرب أبو صهيب عن تشجيعه لزوجته باكمال دراستها، كدافع لأبنائه للتعلم والتفوق.

وقال أبو صهيب إن زيادة وعي الأم ينعكس ايجاباً على الأبناء، ولن يسمح للأمور المادية أن تكون عائقاً أمام زوجته وأبنائه لاكمال دراستهم، كما أنه لن يمانع أن تكمل أم صهيب دراسة ما بعد البكالوريس.

تصميم وتطوير