"أم سليمان".. أول مزرعة عضوية في فلسطين، بلدي يا خيار
وطن- إبراهيم عنقاوي: على بعد مرمى حجر من مستوطنة "كريات سيفر"، يستعد مهاب العلمي بالتحضير لزرعة أنواع من الخضراوات خلال الموسم الشتوي في مزرعته الصغيرة التي أسسها مع أصدقاء له من غزة والقدس وبلعين.، بعد ان انهى الموسم الصيفي
العلمي الذي يبلغ من العمر 33 عاماً، شاب تخرج من كلية نظم المعلومات الإدراية في الأردن، لكنه ابتعد عن العمل في مجال دراسته واتجه إلى الزراعة وأسس أول مزرعة عضوية بالشراكة مع أصدقائه على الأراضي المهددة بالمصادرة في قرية بلعين غرب رام الله. طاقم وطن رافق مهاب، من رام الله الى قرية بلعين ثم الى موقع المزرعة ، في الاراضي التي استعادها اهالي البلدة من انياب المصادرة الاحتلالية عام 2011. واللافت، خلال مرورنا ببلدة بيتونيا وقرية عين عريك ودير ابزيع وكفر نعمة وحتى وصولنا الى بلعين، كانت محال الخضار تعرض المنتجات الزراعية سواء الفلسطينية او الاسرائيلية المغذاة بالسماد الكيماوي.
بلدية يا بندورة ، حبة صغيرة لكن نكهتها اصلية
المزرعة التي تبلغ مساحتها نصف دونم حالياً، ومخطط لها أن تصل إلى 15 دونم خلال السنوات المقبلة، تعتمد على الزراعة العضوية التي اصبحت مفتقدة مع تحول المجتمع الفلسطيني من منتج للزراعة إلى مستهلك خلال السنوات الأخيرة.
هذا التحول دفع المزارعين الفلسطينيين الى استخدام السماد الكيميائي وتخليهم عن السماد العضوي، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في ظهور العديد من الأمراض البشرية، وتلوث التربة.
يقول العلمي لـ وطن، إن فكرة المشروع بدأت صدفة، عندما جاء شاب من غزة كان قد تدرب على الزراعة العضوية في الولايات المتحدة، واتفقنا معه على إنشاء المزرعة التي سموها بـ"أم سليمان" نسبة إلى نوع من الحشرات الصغيرة التي تنتشر في الطبيعة.
ويضيف "حاولنا من خلال هذه المزرعة إنشاء مشروع زراعي يعتمد على الزراعة العضوية، وفي ذات الوقت يكون بديلاً للمنتجات الزراعية الإسرائيلية التي تغزو السوق الفلسطيني".
نحلم بمؤسسة تعليمية للزراعة العضوية
ويحلم العلمي وشركائه بأن يكون المشروع عبارة عن مؤسسة تعليمية صغيرة توفر المواد التعليمية للمزارعين في المنطقة وتعلمهم كيفية انتاج وبناء مزرعة عضوية بأقل التكاليف.
ويتوقع العلمي أن تصل الطاقة الإنتاجية للمزرعة إلى أعلى مستوى بعد 3 سنوات حيث سيكون السماد العضوي مشكل أساسي لتربة الأرض.
ويبيّن أن تكلفة بناء مزرعة عضوية مساحتها 4 دونمات بحاجة الى قرابة 8 آلاف دولار، لكنها ستعطي جودة ومذاقا مختلفين تماماً على تلك الزراعة التي تعتمد على السماد الكيميائي، وتعيد نكهة المنتوج البلدي الذي بات نادرا
ويشير إلى أن مؤسسة داليا، الت يتعنى بدعم القطاع الزراعي ، قامت بتقديم الدعم لهم، وجلب مشتركين يقومون بشراء منتجات المزرعة ودفع المقابل المادي مسبقاً، ومع كل أسبوع يتم تزويد الزبائن بثمار المنتج.
ويوضح العلمي أن نصف المجتمع الفلسطيني ظل حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي مجتمعاً يعمل في الزراعة، لكن هذه النسبة انخفضت لتصل إلى نحو 3% من نسبة المجتمع، الأمر الذي يعني أن الفلسطينيين هجروا أرضهم وذهبوا للعمل في المستوطنات، وهنا يظهر المخطط الإسرائيلي الذي وفر فرص عمل للفلسطينيين بأجور أعلى لإجبارهم على ترك الزراعة وإهمال الأرض من جهة، والتحول إلى مجتمع مستهلك يعتمد على الزراعة الإسرائيلية من جهة أخرى.
ويؤكد العلمي أن سلطات الاحتلال لم تترك "أم سليمان" رغم صغر مساحتها، فقامت مؤخراً بتسليمهم إخطار هدم للسياج الذي يحيط بالمزرعة والبيت البلاستيكي بداخلها.