أم حكم على رصيف "وطن"
رام الله- وطن- رولا حسنين: يعج رصيف "الحسبة" بالباعة، نساءا ورجالا يعرضون خيرات الوطن في موسمها، من فواكه وخضروات ويستنشق المارة، رائحة التين والعنب والبقدونس والجرجير والصبر والرمان وكل ما تجود به الارض التي تتقلص مساحتها بفعل المصادرة والاستيطان، لكن قوة الحياة تتدفق في عروق الفلاحات والفلاحين فيكملوا رحلة العمل فيما تبقى لهم ويحصدون العطاء.
تقضي أم حكم يومها تحت أشعة الشمس، وبين أصوات الباعة في رام الله، تفترش متراً من الأرض لتبيع محصول التين والرمان بعد قطفه من أرضها المقسمة بأمر من الاحتلال منذ عشرات السنوات.
تحمل أم حكم محصولها من قرية الجيب شمال غرب القدس، لتحط به في مدينة رام الله بعد أن كانت القدس بوصلتها قبل الحصار والاسوار.
تقول أم حكم إنها كانت تسوّق محصولها في رحاب مدينة القدس المباركة، إلا أن جدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، حال دون وصولها للقدس، فالاحتلال كان يتعمد مصادرة المحصول كلما أرادت أم حكم الدخول للقدس، حتى يئست وقررت التوجه بمحصولها الى رام الله.
حرموني من القدس
"كان البيع في القدس بركة أكثر" هكذا تصف أم حكم حال البيع في مدينة القدس، التي كانت تعتبرها سوقاً هاماً يؤمه المقدسيون الذين ينتابهم الشغف لتذوق طعم التين والزيتون البلدي من أيادي فلسطينية، "أما رام الله الحركة فيها ما بتجيب همّها".
تبتسم أم حكم كلما قصدها المبتاعون في رام الله واشتروا من التين والرمان، وفي جوفها تبكي 30 دونماً يمنعها الاحتلال من الوصول لها، فحاجز الجيب الذي أقيم عنوة على أراضي المواطنين يفصل بين أم حكم وأرضها المزروعة بأشجار الزيتون والعنب "الدوالي"، لا تستطيع جني ثمارها اوقطف اوراقها إلا بتصريح ،نادراً ما يوافق الاحتلال على اعطاءه لها، فيذهب المحصول هدراً.
حواجز تخنق الرزق
يفصل حاجز الجيب بين ضواحي القدس ومستوطنة "جبعات زئيف" المقامة على أراضي قرية الجيب وبلدة بيتونيا.
ولم يكتف الاحتلال بمصادرة 30 دونماً من أراضي أم حكم، بل جرف قطعة أرض أخرى لها لشق طريق يوصل المستوطنة بمدينة القدس، ولم تقبل أم حكم بأي تعويض مالي حتى لا تجد نفسها قد باعت أرضها للاحتلال الذي تتمنى زواله كل حين.
عشرات السنوات قضتها أم حكم في أرضها، ما بين محصول التين والزيتون والرمان والفقوس، كلٌ في موسمه، تهدف لإعالة نفسها وأبنائها الذين صنعوا مستقبلاً لهم من عطاء الأرض، تقوم ام حكم برحلة يومية من قريتها الى رام الله وتعود بالقليل الذي يقيها شر السؤال ويحفظ كرامتها.