لاول مرة منذ 1987 الجامعة العربية لم تقدم طلبا لمناقشة "نووي اسرائيل"

18.08.2016 04:53 PM

وطن: كتب زهير اندراوس

كشفت مصادر سياسيّة إسرائيليّة وغربيّة رفيعة جدًا، كشفت النقاب عن أنّ الدول العربيّة، بقيادة مصر، تنوي الامتناع هذه السنة، في خطوةٍ غيرُ مسبوقةٍ، من العمل على تصويت الدول الأعضاء مع فرض الرقابة الدوليّة على المنشآت النوويّة الإسرائيليّة، وذلك في نقاشات اللجنة الدوليّة للطاقة النوويّة، والتي ستعقد اجتماعها السنويّ في جنيف في شهر أيلول (سبتمبر) القادم.

وبحسب صحيفة (هآرتس)، التي أوردت النبأ الحصريّ، فإنّ هذا الأمر يتبين من برقيةٍ تمّ إرسالها إلى عددٍ من سفارات إسرائيل في العالم، وحصلت الصحيفة على نسخةٍ منها. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين وإسرائيليين قولهم إنّ الخطوة العربيّة مردّها التقارب الحاصل في هذه الفترة بالذات بين تل أبيب والقاهرة. وجاء في البرقيّة أيضًا، بحسب الصحيفة الإسرائيليّة، أنّ الدول العربيّة الأعضاء في جامعة الدول العربيّة اتخذّوا قرارًا بعدم طلب التصويت في الوكالة على قضية النوويّ الإسرائيليّ.

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة دبلوماسيين إسرائيليين، والذين اطلعوا على البرقيّة المذكورة، قولهم إنّ قرار الدول العربيّة من شأنه أنْ يتغيّر قبيل انعقاد الجلسة في جنيف بوقتٍ قصيرٍ للغاية، وبالتالي على تل أبيب الاستعداد لمُواجهة سيناريو من هذا القبيل، على حدّ تعبيرهم. وبحسب البرقيّة، التي تمّت صياغتها في وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، فقد طُلب من سفراء وممثلي إسرائيل بالتعبير عن رضا الدولة العبريّة من الخطوة العربيّة، ولكن إذا قررت الدول العربيّة إعادة طلب التصويت، فإنّ إسرائيل تُطالب الدول الأعضاء في اللجنة المذكورة بالتصويت ضدّ القرار.

ولفتت المصادر المرموقة في تل أبيب إلى أنّ اللجنة للطاقة النوويّة في إسرائيل تخشى من أنْ تقوم الدول العربيّة بتقديم طلبٍ إلى اللجنة الدوليّة، والمُطالبة بالتصويت على الأمن والآمان في المنشآت النوويّة بالدولة العبريّة، ذلك أنّ قضية أمن المنشآت يحظى بإجماعٍ عالميٍّ، على حدّ تعبير المصادر عينها.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيّ إسرائيليّ، وصفته بأنّه رفيع المُستوى قوله إنّ فرضية العمل الإسرائيليّة في هذه الفترة تقوم على أساس أنّ الدول العربيّة لن تُطالب بالتصويت على أمن المنشآت النوويّة التابعة للدولة العبريّة، ولكن، أضاف الدبلوماسيّ الإسرائيليّ الرفيع، نحن نُحافظ على يقظةٍ وبتنا مُستعدّين لمُواجهة أيّ طارئ في القضية، بما في ذلك أنْ تُقرر الدول العربيّة في اللحظة الأخيرة تغيير رأيها والطلب من اللجنة بجنيف بالتصويت حول قضية المنشآت النوويّة في تل أبيب، على حدّ تعبيره.

ولفتت المصادر الإسرائيليّة إلى أنّه في الـ24 من شهر حزيران (يونيو) الماضي وجّه ممثل المغرب في اللجنة، علي محمدي، والتي تتبوأ بلاده رئاسة مجموعة الدول العربيّة، وجّه رسالةً إلى المدير العّام لوكالة الطاقة النوويّة الدوليّة، جاء فيها أنّ الدول العربيّة تطلب إدراج موضوع قدرات إسرائيل النوويّة على جدول أعمال اللجنة، ولكنّه شدّدّ في رسالته على أنّ المجموعة العربيّة لا تطلب التصويت على القضيّة.

بالإضافة إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن دبلوماسيين إسرائيليين وغربيين مرموقين قولهم إنّ ممثل المغرب في اللجنة الدوليّة وباقي الممثلين العرب أوضحوا لكبار المسؤولين في جنيف، ولممثلي الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، بأنّهم لا ينوون تقديم طلب لنقاش قضية النوويّ الإسرائيليّ أو التصويت عليه. من ناحيتها، قامت مندوبة تل أبيب في اللجنة بتوجيه رسالة ردٍّ إلى المدير العام للجنة جاء فيها أنّ الدولة العبريّة تُعبّر عن رضاها التّام من قرار المجموعة العربيّة بعدم طرح قضية النوويّ الإسرائيليّ! على جدول الأعمال، مع ذلك، شدّدّت على أنّ محاولات الدول العربيّة طرح الموضوع، تؤكّد بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأنّ الدول العربيّة تعمل على تسييس اللجنة، والحصول على مكاسب سياسيّة ضدّ إسرائيل، على حدّ تعبيرها.

وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ البرقيّة الإسرائيليّة المذكورة شدّدّت على أنّ تل أبيب ترى بقرار الدول العربيّة عدم طرح قضية النوويّ الإسرائيليّ، قرارًا إيجابيًا، يفتح الطريق أمام التقدّم في حوارٍ إقليميّ مُهّم جدًا في المُستقبل المنظور، على حدّ تعبير البرقيّة.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين إسرائيليين من أرفع المُستويات في تل أبيب قولهم إنّ قرار المجموعة العربيّة بعدم طرح القضيّة النوويّة الإسرائيليّة في اللجنة يُعتبر نادرًا جدًا وغيرُ مسبوق، ذلك لأنّ الدول العربيّة، وفي مُقدّمتها مصر، درجت على تقديم الطب بمناقشة النوويّ الإسرائيليّ تباعًا منذ العام 1987 وبدون توقّفٍ.

وأضاف الدبلوماسيون أنّه في السنوات الأخيرة تمكّنت إسرائيل من تجنيد عددٍ أكثر من الدول والذين صوّتوا إلى جانبها ضدّ مشروع القرار العربيّ، وبذلك أحبطت مشروع القرار المُقدّم من قبل المجموعة العربيّة، على حدّ قولهم. وبحسب الدبلوماسيين الإسرائيليين والغربيين، الذين تحدّثوا للصحيفة العبريّة، فإنّ قرار الدول العربيّة بعدم طرح القضية على جدول أعمال اللجنة نابعٌ من سببين: الأوّل، عدم قدرة المجموعة العربيّة على تجنيد عددٍ كافٍ من الدول للتصويت ضدّ إسرائيل، والثاني، هو التقارب الدراماتيكيّ في العلاقات الإسرائيليّة-المصريّة، وتحديدًا لأنّ مصر كانت دائمًا المُبادرة لتقديم مشروع القرار ضدّ منشآت الدولة العبريّة النوويّة، بحسب الدبلوماسيين.

ولفتت المصادر عينها إلى أنّ المسؤول في مصر عن تقديم مشروع القرار هو وزارة الخارجيّة، التي قام وزيرها، سامح شكري مؤخرًا بزيارة إسرائيل، ومنذ ذلك الحين يُقيم مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو ومع مبعوثه الشخصيّ، المُحامي يتسحاق مولخو، علاقاتٍ وطيدةٍ جدًا في المسألة الفلسطينيّة، وفي قضايا أخرى، وبالتالي، شدّدّ الدبلوماسيون من الغرب وتل أبيب على أنّ شكري قدّر أنّ تقديم مشروع قرارٍ حول النوويّ الإسرائيليّ من شأنه أنْ يُعيق الاتصالات مع الجناب الإسرائيليّ، وإحباط التقدّم في قضايا عديدة تقوم القاهرة وتل أبيب بتطويرها، على حدّ تعبيرهم.

راي اليوم

تصميم وتطوير