مسؤولٍ أمريكيٍّ رفيعٍ: الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ لم يَعُد الموضوع الأساسيّ لنا

03.08.2016 04:56 PM

وطن: كتب  زهير أندراوس:

يتباهى ويتفاخر قادة الدولة العبريّة ومناصريهم بأنّ إسرائيل هي القلعة الوحيدة التي صمدت في وجه ما يصفونه بـ “العاصفة الهوجاء” التي تضرب منطقة الشرق الأوسط، والتي أودت بدولٍ عربيةٍ مركزيةٍ كالعراق وسوريّة وليبيا واليمن، وألقت بتبعاتها على كل دول العالم العربي وإيران، حتى أنّ ارتداداتها أصابت الدول الأوروبيّة ذاتها،

علاوة على ذلك، واضحٌ لكل متابع أنّه وعلى غير تطلع الشعوب العربية إلى ربيعٍ عربيٍّ يُحرر الشعوب من نير الطغيان والتبعية والفساد، يتضح أنّ أطرافًا وقوى داخلية وخارجية ذات أجندة معادية نجحت في استغلال ما بدا وأنّه ربيع عربي لتصفية حسابات وتنفيذ أجندات معادية. إلى الحد الذي يدفع رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، للزعم بأنّ الأحداث تظهر أن إسرائيل ليست هي المشكلة الأساسية، والصحف الإسرائيلية تصور الشتاء العربي على أنّه ربيع إسرائيل.

سفير إسرائيل الأسبق في أمريكا، زلمان شوفال، الذي يُعتبر من المُقرّبين جدًا لنتنياهو، نقل في مقالٍ نشره في صحيفة (إسرائيل اليوم) عن مسؤولٍ كبيرٍ في مؤسسة السياسة الخارجيّة في واشنطن قوله إنّ الشرق الأوسط في حالة من الفوضى، أوروبا تتفكك والسياسة الأمريكية تتهاوى، المكان الوحيد المستقر هو دولة إسرائيل، على حدّ تعبيره.

وتابع المسؤول الأمريكيّ الرفيع قائلاً إنّ واقعنا يُشير إلى أّن الحديث عن إسرائيل قد يكون مبالغًا فيه، لكنّه ليس مغلوطًا، الاستقرار هو مسألة نسبية، لكن ما أراه كمراقبٍ أمريكيٍّ هو حقيقة أنّه رغم الرياح المتحركة التي تهب على السلطة الكولونيالية عندنا، ورغم دعوات المعارضة، إلّا أنّ إسرائيل تُواجه بنجاح أغلبية المشكلات التي تعترض طريقها. والعلامة الفارقة في هذا الأمر هي التحسن في العلاقات الخارجية، كما أكّد المسؤول عينه. في السياق، يسرد سفير تل أبيب الأسبق في واشنطن، بعض النجاحات الإسرائيلية: المصادقة الأخيرة على ذلك هي استئناف العلاقات مع غينيا، وهي دولة إسلامية في إفريقيا، وما زال الباب مفتوحًا.
ويدحض مزاعم البعض في أوروبا بأنّ إسرائيل معزولة، ويضيف: الواقع يشير إلى عكس ذلك: اتفاق إعادة العلاقة مع تركيا، الرحلة الهامة لرئيس الوزراء نتنياهو إلى إفريقيا، والتقارب مع مصر، وتعزيز العلاقات مع روسيا. ولفت شوفال أيضًا إلى أنّ إسرائيل ليست طرفًا في الحرب السوريّة، لكنّها تُدرك الدور الذي تلعبه روسيا هناك، وهي تعمل على تقليص التهديد المحتمل في حدودها الشمالية، والعلاقة الجيدة مع موسكو تساعد على ذلك، بحسب تعبيره.

وأردف قائلاً: تعزيز العلاقات مع الهند، الصين واليابان ودول أخرى في وسط آسيا، ليس أمرًا عاديًا، يضاف إلى ذلك أنّ هناك قائمة طويلة من التطورات الإيجابية مع دول ليس لإسرائيل علاقات رسمية معها في شؤون مكافحة الإرهاب، التطور العلميّ والتكنولوجيّ، علاقات اقتصاديّة وغيرها.

وبرأيه، الأمر الذي يميز جزءً كبيرًا من التطورات في علاقات إسرائيل الخارجية هو التناسب بين تقدم المصالح الإسرائيليّة وبين ما يحدث في العالم المحيط بها، بما في ذلك القواسم المشتركة بيننا وبين بعض الدول العربية في وجه تهديدات إيران و”داعش” وموقف الولايات المتحدة من هذه التهديدات، وخلافًا للسابق، شدّدّ شوفال، العامل الأساسي في هذه الأحداث هو المصالح الخاصة. ويزعم سفير تل أبيب الأسبق بواشنطن أنّ الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ لم يعُد الموضوع الأساسيّ الذي يهم واضعي السياسات في العالم العربيّ السنيّ، مع أنّهم لا يستطيعون تجاهله، لذلك لا تتوقع إسرائيل قريبًا وجود علاقات دبلوماسية رسمية كاملة مع الرياض مثلًا، وتستطيع إسرائيل استغلال الوضع الجديد في علاقاتها مع جزء من العالم العربي من أجل الوصول إلى حلول مرحليّة للموضوع الفلسطينيّ، بحسب قوله.

فيما يتعلّق بأوروبا أضاف شوفال: نأمل أنّ مشكلاتها الداخليّة المتزايدة تُساهم في اعتدال تصميمها بالقيام بخطوات لا فائدة منها مثل المبادرة الفرنسيّة والعمى الكامل تجاه المشكلات الحقيقية بالشرق الأوسط التي تهدد استقرارها واستقرار أوروبا نفسها. أمّا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكيّة، فخلُص السفير الأسبق إلى القول إنّه يجب التأكيد على أنّه مع التطورات الإيجابيّة في علاقاتنا مع دول أخرى، بما في ذلك الدول القريبة، فإنّه على المدى البعيد لا يوجد بديل لعلاقتنا مع الولايات المتحدة، ويجب صبّ جهودنا الدبلوماسيّة والسياسيّة هناك في المستقبل أيضًا، بغضّ النظر عن طبيعة الحكم، ومن الأفضل أن يتم ذلك في المراحل الأولى لتشكله، على حدّ تعبيره.
رأي اليوم

تصميم وتطوير