تل أبيب: الاتفاق مع تركيّا يشمل التنسيق الكامل بسوريّة

29.06.2016 02:40 PM

وطن: كتب زهير اندراوس

لا تزال تداعيات وتبعات الاتفاق الإسرائيليّ- التركيّ تتوالى في الساحتين السياسية والإعلامية في تل أبيب. وبعدما شرح العديد من المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، جانبًا من الأبعاد الإستراتيجية للاتفاق، وموقعه في مواجهة محور المقاومة في سوريّة والمنطقة، كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، كشفت النقاب عن أنّ الاتفاق يشمل التنسيق الكامل في سوريّة، وأحد أهدافه منع سيطرة إيران على سوريا عبر حزب الله، بحسب ما أكّدته المصادر.

وأوضح المُراسل السياسيّ في التلفزيون، أودي سيغال، أن معلوماته تؤكّد على أنّ الاتفاق يشمل التنسيق الأمني والاستخباري في سوريّة.

وعلى هذه الخلفية أضافت القناة أنّ إسرائيل وتركيا تحاربان أعداءً مشتركين، مثل حزب الله و”داعش”، إلى جانب تنظيمات أخرى. وأشار التلفزيون العبريّ، نقلاً عن المصادر السياسيّة عينها، أشار أيضًا إلى أنّه بات لدى إسرائيل ثلاثة حلفاء رئيسيين ومهمين، كل منهم لديه تأثير في الساحة السورية، تركيا وروسيا والولايات المتحدة. ورأت، استنادًا إلى هذه المعطيات، أنّه بات بالإمكان القول إنّ تركيا تشكّل حليفًا مهماً لإسرائيل في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، خصوصًا في ضوء ما اقترحه نتنياهو من إسهام إسرائيل بتقديم المساعدة في المجال الاستخباري في الحرب على ما أسماه الإرهاب.

في السياق عينه، نشر مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والمُرتبط بالمؤسستين السياسيّة والأمنيّة في الدولة العبريّة، نشر دراسة تناول فيها تبعات وتداعيات الاتفاق بين أنقرة وتل أبيب، ورأى المركز أنّ الاتفاق هو اتفاق إيجابيّ وضروريّ للدولتين في ظلّ التحدّيات التي تواجههما أنقرة وتل أبيب، وتحديدًا في كلٍّ من سوريّة وقطاع غزّة. مع ذلك، شدّدّت مُعّدة الدراسة، الباحثة غاليا ليندنشتراوس، أنّه من المُستبعد كثيرًا أنْ تعود العلاقات الأمنيّة والاستخباريّة بين تركيّا وإسرائيل إلى سابق عهدها، ومن المُستبعد أيضًا، أكّدت الدراسة، أنْ يعود التنسيق الأمنيّ بينهما إلى ما كان عليه قبل العام 2010، بالمقابل، قالت الباحثة، إنّ العلاقات الاقتصاديّة بين الدولتين ستتحسّن كثيرًا بعد التوقيع على الاتفاق. ورأت الدراسة أنّ تركيًا وإسرائيل متفائلتان جدًا فيما يتعلّق بتصدير الغاز الطبيعيّ الذي تمّ اكتشافه على السواحل الإسرائيليّة إلى تركيّا، ومن هناك إلى القارّة العجوز، أوروبا.

ولكنّ الباحثة الإسرائيليّة استدركت قائلةً إنّه بدون حلّ المشكلة القبرصيّة، سيكون من الصعب جدًا على كلٍّ من أنقرة وتل أبيب إقامة أنبوب الغاز الذي سيمر في المياه الإقليميّة القبرصيّة، على حدّ تعبيرها. ولفتت أيضًا إلى أنّ الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه هو الخطوة الأولى في إعادة بناء الثقة بين زعماء البلدين، وبين الجمهور الإسرائيليّ من ناحية والتركيّ من الناحية الأخرى، وبالتالي أوصت الدراسة صنّاع القرار في تل أبيب وأنقرة بتحديد أجندة إيجابيّة للتعاون المثمر بينهما.

وتطرّقت الدراسة إلى الشرط الذي كانت تركيّا قد وضعته لإسرائيل والقاضي بفكّ الحصار عن قطاع غزّة، وقالت في هذا السياق، إنّ المطلب التركيّ يُعتبر مشكلةً عويصةً لإسرائيل، وأنّ قضية فكّ الحصار كانت بالنسبة لصنّاع القرار في تل أبيب مشكلة أمنيّة من الدرجة الأولى، ولا يُمكن في أيّ حالٍ من الأحوال التنازل فيها، وبالتالي، شدّدّت الدراسة، على أنّ التوصّل للاتفاق بين الدولتين كان نتيجة سياسة خلاقّة وإبداعيّة، التي سمحت للدولتين اجتياز هذا الحاجز، الذي هدّدّ أكثر من مرّةٍ توقيع الاتفاق.

وأشارت الدراسة الإستراتيجيّة الإسرائيليّة إلى أنّه من جهة الدولة العبريّة، فإنّ المطالب من تركيّا تركّزت في أنّ تطبيع العلاقات بينهما لا يجب أنْ يكون في الجانب الرسميّ فقط، مثل إعادة السفراء، بل يجب أنْ يكون للاتفاق أبعادًا عملية.

وأضافت أنّ الربح الإسرائيليّ الحقيقيّ والبارز جدًا من الاتفاق بين البلدين كان في الرابع من شهر أيّار (مايو) الماضي، عندما ألغت تركيّا الفيتو الذي كانت قد وضعته بعدم السماح لإسرائيل بالتعاون مع حلف شمال الأطلسيّ، وسمحت ببناء مكاتب للحلف في تل أبيب. ولفتت الباحثة إلى أنّ أنقرة كانت قد وضعت شروطًا لعدم التعاون بين إسرائيل وحلف الناتو بعد العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة في العام 2008، وبالتالي، اعتبرت الدراسة أنّ إلغاء الفيتو التركيّ هو بمثابة خطوة كبيرة في اتجاه إعادة الثقة بين البلدين، على حدّ تعبيرها. علاوة على ذلك، شدّدّت الدراسة على أنّ المملكة العربيّة السعوديّة لعبت دورًا كبيرًا من وراء الكواليس من أجل إقناع المصريين بعدم معارضة الاتفاق التركيّ-الإسرائيليّ، ذلك أنّ صنّاع القرار في القاهرة، قالت الدراسة، كانوا يتخوّفون من أنّ الاتفاق سيؤدّي إلى تقوية حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) في قطاع غزّة، كما أكّدت الدراسة الإسرائيليّة.

رأي اليوم

تصميم وتطوير