قراءة متأنيه في تناقضات حماس بقلم: المعتصم بالله محمد

18.07.2012 07:22 PM
كما هي حركات الإسلام السياسي التي تعد جماعة الإخوان المسلمين أبرزها وأقدمها ، والتي وجدت أصلا لتكون بديلا لأي مشروع لا يتماشى ورؤية الغرب خدمة لمصالحه في المنطقة، فهي وجدت لتخدم أهداف الغرب وأطماعه، وهو ما ذكره روبرت ديفوسون في كتابه لعبة الشيطان ، حيث قال ( أن الغرب اوجد الإخوان لتحقيق مصالحه في منطقة الشرق الأوسط ) ليكون الدين والقران هو كلمة السر في إنشاء مثل هذه الحركات بحكم الالتزام الديني في المجتمعات العربية والتعاطف مع الدين والخوف من الله ( عرفوا من أين تؤكل الكتف) – مواجهة المد القومي بالمد الديني ليكون بديلا عنه .
حركة حماس هي من أبرز حركات الإسلام السياسي التي أتيحت لها الفرصة وتوفرت كافة الظروف لتمارس دورها على أكمل وجه، بحكم انخراطها في القضية الفلسطينية منذ إنشائها اواخر ( 1987) وكلنا يعرف الغموض الذي انتاب ظروف وأسباب نشأتها في تلك الفترة والأهداف التي أنشئت من اجلها ، وهو ما ذكره مهيب ألنواتي في كتابه حماس من الداخل وما اكد عليه افي ديختر وعامي ايالون مسؤولي الشاباك السابقين في اسرائيل حبث اكدا ان المطبخ الامني في دولة الكيان تساهل وساعد في اطلاقها بهدف تقويض منظمة التحرير .
منذ أن نزلت حماس للعمل في الشارع وهي تعيش حالة من التناقض الكبير في كثير من مواقفها حيال قضايا مفصلية في تاريخ الشعب والقضية الفلسطينية، والذي يدلل على أنها حركة لا يوجد لها مصلحة وطنية وحرص على قضية فلسطين، بل أن مواقفها متغيرة ومرهونة وفق أهداف من أوجدها ويدعمها ويقدم لها المال والسلاح في سبيل استمرارها بالعمل على الساحة، بشكل يخلق وخلق كثير من اللغط ممن هم يراقبون بدقة تطورات الإحداث في الساحة الفلسطينية وكيفية تعامل حماس معها ، ومدى التغيير الذي يكون في مواقفها حسب المرحلة والتوقيت ،علما أن مضمون الموضوع لم يتغير .

 من ابرز التناقضات في مواقف حماس:

• قضية استشهاد الرئيس الراحل أبو عمار: منذ تأسيس حماس لم تكن يوما على علاقة وفاق مع الراحل أبو عمار، فكثيرة هي المواقف التي تطاولت فيها حماس على شخص الرئيس أبو عمار حيال قضايا مختلفة كالأمن و الثوابت الفلسطينية التي كانت تجد فيها تفريط وتنازل وخضوع لمطالب الدول الخارجية أو إسرائيل،ووصل بهم الامر لاتهامه بالخيانة، في حين تجدها اليوم وبعد انقلابها تسعى وبكل السبل إلى رمي نفسها في أحضان الغرب للوصول إلى إسرائيل، بإظهار نفسها على أنها الأقدر في حفظ الأمن والأمان على الحدود مع قطاع غزة ، لدرجة القمع في كثير من الأحيان ضد المقاومة التي كانت تتغنى بها سابقا، وتستغلها لإحراج الرئيس الراحل ابوعمار، فلم تكن عمليات حماس في حينه تخرج إلا أثناء مساعي ومحاولات من قبل أبو عمار في الوصول إلى أفق لحل الصراع ( توقيتها مشبوه )، لتخرج أبواق حماس ومأجوريها لمهاجمة الراحل، حتى بعد استشهاده لم تأل جهدا من النيل منه وتشويه كل منجزاته، و من جانب آخر أظهرت مدى مرونتها السياسية بالتعاطي بما كانت تدعي انه من الثوابت الفلسطينية، و ما كانت ورقة و رؤية (احمد يوسف) إلا دليل على إمكانية تفريطها في سبيل بقائها على رأس السلطة،ناهيك عن تقديمها اوراق الاعتماد لاسرائيل عبر اجراءاتها الامنيه لحماية الحود اضافة الى موافقتها من تحت الطاوله وعبر وسطاء غربيين على ما لم يوافق عليه الرئيسان ابو عمار وابو مازن .

وعوده الى ازدواج خطابها اتجاه الرئيس الشهيد فقد ذهبت حماس ابعد من ذلك إلى أن وصل الأمر في مليشيات حماس أن قامت بمهاجمة المهرجان الذي أقيم في قطاع غزة عام 2008 في ساحة الكتيبة إحياء للذكرى الرابعة لاستشهاده، حيث راح ضحية ذلك الهجوم ما يقارب 12 شهيد وعشرات الإصابات، كما كان على اثر ذلك منعا تاما لإحياء هذه الذكرى منذ استشهاده حتى اليوم.

اليوم وفي ضوء ظهور تقرير قناة الجزيرة دخلت حماس على الخط من باب التباكي على روح الشهيد عرفات، وكأن ما ذكرناه والضحايا التي سقطت أحياءا لذكراه لم تكن، ليخرج المتحدث باسمها (إسماعيل رضوان) مطالبا بتشكيل جبهة عربية قضائية عريضة لإدانة الاحتلال الإسرائيلي باعتباره مسؤول عن عملية القتل كونه كان يحاصر الرئيس ياسر عرفات، كما طالبت حماس بتعاون فلسطيني وعربي ودولي للكشف عن حقيقة مقتل الرئيس الراحل ياسر عرفات.

من جانب أخر يخرج فايز أبو شماله في مقاله ( غزة تعرف قاتل ياسر عرفات ) ليظهر مدى الحرص والخوف الذي كانت تعيشه حماس على شخص الرئيس عرفات، بدعوته للإقامة في غزة، ليكيل أبو شماله الاتهامات جزافا ويتهم بالخيانة كل من رأى الرئيس عرفات في ذلك الوقت، وكأن حماس اخترعت جديدا بان هناك من قتل عرفات . ، وهنا اسأل الم تحاول حماس اغتيال ياسر عرفات في المسجد العمري وسط مدينة غزه عام 1996م لولا تهريبه حينها بسيارة اجره؟؟؟ اذن ما معنى وهدف هذا التباكي على هذا الرمز والبطل الكبير ؟

هذه هي حماس ترقص على دماء الآخرين في سبيل مصالحها الحزبية والشخصية، وخدمته لأجندات خارجية .


• الانتخابات التشريعية : كلنا يدرك حجم التشهير والتخوين الذي صبته حماس على القيادة الفلسطينية عام 1996م والتي كان يقف على رأسها الراحل أبو عمار، عندما قرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ، حيث وصل الأمر لدرجة التكفير باستخدام الآيات القرآنية وتفسيراتها لإثبات كفر وشرك من يقف خلف هذه الخطوة، كما نشرت البيانات للتخوين والتشكيك بوطنية القيادة بتنازلها عن فلسطين والقدس، غير أن الأمر لم يطل فالسنين في عمر الدول ليست طويلة لنصل إلى عام 2006م، لتكون قائمة حماس على رأس المرشحين لهذه الانتخابات، وما كان محرم عام 1996م أصبح حلال عام 2006م، علما أن شيئا لم يتغير ولم يتحسن شيء بل على العكس كان صلف إسرائيل وممارساتها من قتل واغتيال ونهب للأراضي وتهويد القدس قد تضاعف نتيجة الانتفاضة الثانية وما رافقها.
فأصبح الموقف الحمساوي من الانتخابات في التجربتين التي خاضها الفلسطينيين هو قرار خارجي بامتياز، ليكون الشعب الفلسطيني ( عود ثقاب ) يستخدم لمرة واحدة فقط استغلته حماس للجلوس على الكرسي، لترفض النزول أو معاودة التجربة مرة أخرى، حيث تتذرع حماس بأن تسجيل الناخبين في الضفة الغربية يواجه عراقيل كبيرة من باب عدم مقدرة عناصرها من تسجيل أنفسهم، علما أن عملية تحديث بيانات الناخبين في الضفة انتهت منذ عام، ولجنة الانتخابات دخلت إلى قطاع غزة لمزاولة عملها بموافقة حماس في شهر أيار/2012م، لتكتشف حماس الأذى الذي يتعرض له أعضائها عند تحديث بياناتهم ، فتضع الشرط بأثر رجعي وتوقف عمل لجنة الانتخابات بهذه الحجة الواهية .

• المقاومة : ان حماس هي نفسها حركة الاخوان في فلسطين التي انطلقت في العشرينات من القرن الماضي ، هي نفسها التي كانت تقف حجر عثره امام القوى الوطنية المقاتله ومن مركزها الذي اخذ الترخيص من اسرائيل (المجمع الاسلامي في غزة) كانت تحضر وتطلق جحافل المجاهدين بالقطاعات والجنازير ضد القوى في الجامعات ،وهي نفسها التي انطلقت باسم جديد وهو حركة المقاومه الاسلاميه وامنت هذه المره بالكفاح المسلح بعد خمسين عاما من الانطلاق ،ولكنها استخدمته لمناكفة ابو عمار ولافشال المشروع القاضي باقامة الدوله المستقلة .في إطار استغلال حماس للمقاومة كأداة للتسلق السياسي وتوظيفها لخدمة اهدافها الحزبية على حساب ، فمنذ نشأتها وهي تتغنى بالمقاومة كفريضة سماوية ( جهاد في سبيل الله ) وقد كانت لها عمليات مختلفة ضد إسرائيل ارادت من خلالها اضعاف ابو عمار ومن باب المزايدة ضد القيادة الفلسطينية في كثير من المحطات ليس اكثر ، لتدخل بذلك حماس باب الشبهه والشك عندما تنشط عملياتها في أوقات غير مناسبة لها علاقة بالمفاوضات أو انسحاب إسرائيلي من مناطق،او الاتفاق على الافراج عن مجموعة من الاسرى الفلسطينيين، واستمر ذلك إلى حين استشهاد الشهيد احمد ياسين بسبب رفضه لغة الاحتكام الى السلاح لحسم الخلاف الداخلي ،حيث توقف العمل العسكري منذ تلك الفتره ضد اسرائيل واستمروا بالتحضير لما بعد عرفات من اجل الانقلاب والسيطره على النظام السياسي الفلسطيني ،وهذا ما تم فعلا في غزه عام 2007م حيث اتخذت حجة محاربة المقاومة الفلسطينية سببا فيه، علما أنها اليوم تعمل عمل الحارس الأمين للحدود الإسرائيلية و تعادي كل من يتعارض مع مصالحها ، وقد برز ذلك جليا عام 2009م في العدوان على قطاع غزة ، حيث تنحت حماس جانبا ، لدرجة أن قيادات بارزة منها هربت إلى مصر ( الزهار على سبيل المثال لا الحصر) .
في ألاونة الأخيرة برز حرص حماس على إبقاء الهدنة مع الإسرائيليين لدرجة أنها دخلت في مواجهه مع الجهاد الإسلامي التي منعتها حماس من الرد على الهجمة الإسرائيلية التي أدت إلى استشهاد احد قادة لجان المقاومة في غزة ( كمال النيرب )، وقد أدى ذلك إلى حالة من الاحتقان بين الطرفين كادت أن تقود إلى مواجهه.
بالإضافة إلى ذلك وقفت حماس في مواجهة الجماهير التي خرجت للمشاركة في مسيرات القدس العالمية التي كانت في يوم الأرض، وذلك بالهراوات لمنعهم من الوصول إلى الحدود الإسرائيلية، لتطالب الآخرين بأساطيل الحرية لنصرة غزة.
المصالحة:
بات لا يخفى على احد ان حماس اكثر من يتحدث عن المصالحه ولكن هناك ازدواجيه في الخطاب اتجاه هذا الامر فبينما تجد السيد خالد مشعل يوقع الاتفاق مع الرئيس ابو مازن في الدوحة تجد ان قيادات حماس في غزه تنقض ذلك عبر جمله من الافعال وكذلك الاقوال ..وبينما تجدها تتحدث عن تطبيق بنود الاتفاق عبر السماح للجنة الانتخابات بالعمل من اجل تحديث سجل الناخبين..تجدها تتراجع بعد ايام ولاسباب متناقضه على السنة العديد من قادتها مستخفين بذلك بعقول ابناء شعبنا ومن ضمن المبررات ما كان على لسان القيادي في حماس محمود الزهار حيث قال ان السبب هو نية حركة فتح تزوير الانتخابات..ولا اعرف كيف تسلل الزهار لنفوس ونوايا قادة فتح كي يعرف ذلك..اضف الى ذلك ان هناك جماعات مصالح قد تشكلت عبر سني الانقلاب تمثلت بتجار الانفاق وغيرها اصبحوا يسيطرون على القرار في حماس يمانعون ويضعون كل العراقيل امام تحقيق المصالحه..
• تناقض العمل مع تعاليم الدين والقرآن : في ضوء استخدامها لشعار أن دستورها القران ، إلا أن واقع عملها لا يعكس التزامها بالقران كدستور ولا ككتاب سماوي من الله يسعى لنشر العدالة والأخلاق الحميدة والرحمة بين الناس، بل واقع العمل تجلى في عمليات القتل التي مارستها وتمارسها نتيجة انقلابها في قطاع غزة لتزهق أرواح الناس في سبيل مصالحها، بالإضافة إلى قيامها بتدمير بيوت الله لينطبق على حماس التي تدعي أنها حركة ربانية، الآية الكريمة التي تقول (( ومن أظلم ممن منع بيوت الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها )) وتناقض قول الله ( ( إنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الأخر )).
حماس تحمل شعار الآية الثانية وتعمل لتنطبق عليها الآية الأولى، لتخوض حرب المساجد وتدمرها كما كان في مسجد رفح عندما تم هدمه فوق رؤوس المصلين بعد صلاة الجمعة، حيث تم قتل اكثر من سته وعشرين من المصلين وجرح العشرات واعتقال أربعين، وذلك على خلفية خطبة الجمعة التي ألقاها ( عبد اللطيف موسى ) وأعلن فيها عن إقامة الإمارة الإسلامية في قطاع غزة، الأمر الذي دفع حماس للهجوم على المسجد وهدمه بالقصف وقتل الخطيب ( عبد اللطيف موسى ) وعدد من المصلين.

كل هذه التناقضات لا تعكس إلا وجود أهداف خفية لا علاقة للدين فيها، وأجندات لا علاقة للشعب الفلسطيني وفلسطين بها ، فما القران وفلسطين إلا سواتر ووسائل لتحقيق الهدف والأجندات الخارجية، وخدمة المصالح الحزبية والشخصية والمنتفعين مما هو قائم، لتصب كل الجهود على استمراره وبقائه، فتكون الحجج والذرائع للتهرب من أي استحقاق من شانه أن يلغي كل هذه الامتيازات ، وما المصالحة وتعثرها وتهرب حماس من الالتزام بها، إلا دليل على نواياها وأهدافها التي وجدت لتحقيقها.
كيف لمثل هذه الممارسات والأفعال أن تصدر عن حركة تدعي بالقران دستورها ؟؟؟.
واخيرا ارى ان شعبنا الفلسطيني هو الاكثر وعيا بكل ما يجري وقد بات على معرفه تامة ان هناك مؤامره يقودها اعداء الشعب الفلسطيني بهدف تصفية القضيه عبر تصفية منظمة التحرير البيت الدافئ والحامي للهويه الفلسطينية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير